رصاص القلم
مصطفى الحسناوي (الأسير)
السبت 16 نونبر 2013م
توصلت “هوية بريس” برسالة من الصحفي المعتقل مصطفى الحسناوي، يسجل فيها مواقفه إزاء قضايا مختلفة، وفي مقدمتها الحكم القضائي الصادر بحقه بعد الاستئناف، كما يؤكد مجددا على تشبته بأفكاره وآرائه التي يقول بأن كونها معارضة لبعض السياسات في البلد هو ما جر عليه الاعتقال والمحاكمة، بالإضافة إلى عمله الصحفي ومتابعاته الميدانية التي فضح فيها كذب وزور وبهتان الصحافة العلمانية.. وقد صاغ رسالته على شكل خواطر، عنونها بـ”رصاص القلم”، نعرض لكم نصها الكامل:
غيوم الظلم لبدت سماء أفكاري
فاستوى تحت سمائه ليلي ونهاري
وأصاب تصحر الجور أرجاء قريحتي
فأجدبت حديقتي وذبلت أزهاري
أنا الذي ما كادت غلات عطاءاتي تستوي
حتى اقتُطفت قبل نضوجها ثماري
أنا أسير سجون العهد الجديد كما زعموا
أنا معتقل عقيدة وأراء وأفكار
أنا الثابت والصامد في سجون ظلمكم
أنا سليل أسلافي الأباة حفيد الأحرار
أنا الذي لا تُحني هامتي ضغوط لا ولن
تذلني قيود أسر أو علو أسوار
لأني إن خضت المعارك لا أخشى جراحا
وأقاتل ببسالة الفارس المغوار
وإذا ركبت الجو حلقت عاليا
وإذا ركبت البحر لا أشتكي من دوار
ولا أخاف لدغات الحشرات وسمومها
وفي أدغال الغابات لا أهاب الضواري
أنا ذلك الصحفي المشاغب الذي
لم تعجب الخفافيش آرائي وأفكاري
أنا الذي فضح كذب ودجل إعلامكم
ولفت لشبهاته كل المسامع والأنظار
أنا الذي كشف زيف وبطلان رواياتكم
وتتبع في كل ركن أكاذيب الأخبار
أحاجي جرائد المخابرات وأساطيرها
فاقت حكايات شهرزاد لشهريار
فلا يوقف أحداث كذبها المفضوح صباح
ولا تكف عن ذا الخبر طولَ النهار
فاسألوا أقلام حقدها عن ضحاياها
واسألوا مسارح جريمتكم من أدواري
واسألوا عني “سويقة” الرباط و”ملاح” فاس
وتلميذات طنجة ذوات الخمار
واسألوا الندوات والوقفات عني
واسألوا في تونس مؤتمر الثوار
ولي عن بلاد الترك والفرس آثار
فراجعوا سجلات أسفاري وآثاري
أحققت الحق بلساني ويراعي
وللمهضوم والمظلوم أخذت بالثار
سجونكم لا ترهبني لا ولا سراديبكم
ولست الذي يبيع المبادئ بالدولار
أنا سجني خلوة ونفيي سياحة
وقتلي شهادة تنير قبري بالأنوار
هذا درب الأنبياء والمصلحين الصادقين
وسيرة المناضلين وأئمة الهدى الأخيار
سيبقى قلمي سلاحا كالرصاص كالسهام
كالسيف كالحسام الصارم البتار
ستظل كلماتي تهوي على رؤوسكم قرعاُ
وعلى أقفيتكم صفعاُ لما اقترفتم من أوزار
سأدك حصونكم بسنابك حروفي وأسنتها
وسلاسل دبابات جيشها العرمرم الجرار
فتباُ لطغيان توارثموه عن آبائكم
تبا لكل “مبارك” “مُعَمَّرٍ” “بنعلي” “بشار“
لا أطمع في عدل أو عفو منكم
وهل الخير يرجى من شرار الأشرار
فهيا اقتلوني شهيدا ثم ادفنوني وحيداً
فلست (الذي) يرضى حياة الذل والعار
لا أرغب من دنياكم سوى بمحبوبتي التي
اشتاقت إليها مشاعري وهفت أشعاري
ولمساتي ترنو إليها وهمسات قلبي
وأحاديث روحي فجراُ ولدى الأسحار
أبكيك مع كل نفس يختلج صدري
أبكيك دماُ من شرايين القلب جاري
أبكي العهود والمواعيد التي ضربنا
أبكي جولاتنا صحواُ وتحت الأمطار
ودردشاتنا ليلاُ ونهاراُ ولقاءاتنا
على شاطئ البحر وتحت الأشجار
(طائراُ) آتي إليك (طائرآ) كطيف أحلامنا
متسللاُ كأشعة شمس وضياء أقمار
عاصفاُ كرياح تهز دواخلك وترجها
منهمراً كطوفان متلاطم جارف هدار
لهفي عليك زاد شوقي حبيبتي
وطالت أيام بعدي وعيل اصطبار
لن أتراجع عن الذي كان بيننا
ولن أفشي الذي كتمنا من أسرار
سأبقى على الحب والعهد الذي قطعنا
وفياَ فانتظري ولا تملي انتظاري
هي أربع سنوات ثم تنقضي ثم نلتقي
ثم ينجلي الذي أثارته من غبار
وإن الباطل إلى انزهاق والحق إلى انتشار
والفساد إلى انمحاق والاستبداد إلى اندثار
ــــــــــــــــــــ
مصطفى الأسير (الحسناوي) السجن المركزي القنيطرة
الأربعاء 11 شتنبر 2013 منتصف الليل.