الأزهر النازف.. في مصر
هوية بريس – مركز التأصيل
السبت 23 نونبر 2013م
أنْ تتغول السياسة وتتحول إلى أداة لقتل حملة كتاب الله، ومحاصرتهم والتنكيل بهم، في حين تركها للساقطين وقطاع الطرق واللصوص، فهنا تنمحي كل الأعذار وكل عبارات تحسين النية، ولا يبقى إلا اتهام القائمين على هذه السياسة باستهداف عنصر الدين المتمثل في أهل الصلاح.
فما يحدث لطلاب مصر سيما طلاب جامعة الأزهر منذ أحداث 30 يونيو يشير بشكل قوي إلى سعي السلطة الحالية بمصر لكسر شوكة الأزهر، وكسر إرادة طلابه من حملة كتاب الله والعلم الشرعي، ليتحول الأزهر إلى محلل شرعي لكل الجرائم التي فعلها ويفعلها النظام الحالي.
فما بين اعتقال وتعذيب وقتل بات الأزهر وطلابه يعاني، وكان من آخر هذا النزف ما حدث أمس من اعتداء سافر من قبل قوات الأمن على طلبة المدينة الجامعة بالأزهر، ما أدى إلى سقوط أحد طلاب الأزهر قتيلاً، وإصابة آخرين.
والذي زاد الطين بلة كما يقال، لا أقول صمت شيخ الأزهر، وإنما بيانه الذي سارع بإخراجه، والذي ادعى فيه أن طلاب المدينة الجامعية بمدينة نصر حاولوا حرقها ليلة أمس، مبررا بذلك اقتحام قوات الأمن المدينة وإطلاق الخرطوش والغاز المسيل للدموع على الطلاب وقتلهم والتنكيل بهم.
وجاءت رواية الجامعة حول ملابسات الأحداث على خلاف ما ادعى شيخ الأزهر في بيانه، حيث قالت الجامعة في بيانها اليوم: “إن بداية الأحداث التي وقعت أمس بمدينة الطلاب في مدينة نصر كانت بتظاهرات سلمية، ثم تطورت إلى قطع امتداد مصطفى النحاس، مما حدا بالشرطة إلى تفريق المتظاهرين ثم تطورت الأحداث، ما أدى إلى وفاة الطالب عبد الغني محمد بالفرقة السادسة بكلية طب بنين بالقاهرة” إثر إصابته بطلق خرطوش في الصدر والرقبة، وهو الأمر الذي ينفي كل ما جاء في بيان شيخ الأزهر.
وعقب هذه الأحداث خرجت عدة تظاهرات في عدد من المدن الجامعية الأخرى تضامناً مع طلاب المدينة السكنية لطلاب جامعة الأزهر، فخرجت حشود الطلاب في المدن الجامعية بالإسكندرية والقاهرة وعين شمس والفيوم والمنصورة وبني سويف وأسيوط وأسوان، وبورسعيد وردد الطلاب هتافات مناهضة للجيش والداخلية.
وكانت تظاهرات طلاب الأزهر احتجاجاً على اعتقال طالبات رافضات للانقلاب، وطلاب آخرين حكم عليهم بالسجن 17 عاماً لتظاهرهم أمام مشيخة الأزهر، وتظاهرات طلاب الأزهر -داخله وخارجه- لم تتوقف منذ أحداث 30 يونيو.
إن الحراك الحادث في جامعة الأزهر لا أقول منذ أحداث 30 يونيو، بل منذ أحداث ثورة يناير وقبلها يجعل من هذه الجامعة (طلاباً وأساتذةً) عنصر استهداف من كل نظام يسعى إلى تكميم الأفواه، وصناعة ثقافة الصوت الواحد، والرأي الواحد.
وقد وقف الأزاهرة قديماً لمثل هذه الدعوات، وما نجحت معهم، ومثل شيوخ الأزهر قادة للنضال الوطني ضد الاحتلال، من أمثال الشيخ عمر مكرم، والشيخ الشرقاوي، والشيخ السادات، وغيرهم من الشيوخ الأفاضل الذين حولوا الأزهر إلى قلعة نضال جماهيري.
وكان للأزهر وشيوخه دور كبير في مقاومة الطغيان والاستبداد، ومن الأمثلة على دورهم البطولي في ثورتي القاهرة (الأولى والثانية) ضد الفرنسيين، ما أدى إلى قيام الفرنسيين باقتحام الأزهر وتدنيسه بالخيول، كما حاولوا التخلص من شيوخ الأزهر المقاومين لهم.