بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول حرائر مصر وسوريا
هوية بريس – مركز التأصيل
الأحد 01 دجنبر 2013م
رغم شعارات حماية حقوق المرأة ومساواتها بالرجل التي رفعتها الدول الغربية وتبنتها بعض الدول العربية والإسلامية، إلا أن المرأة ما زالت مضطهدة في الشرق والغرب، وبعيدة كل البعد عن نيل حقوقها التي كفلها لها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية.
وعلى الرغم من مرور أيام على أزمة ما بات يعرف في مصر (بحرائر الإسكندرية)، إلا أن تداعياتها ما زالت مستمرة محليا وإقليميا ودوليا، فمنذ أن تم القبض على 21 فتاة ينتمين لحركة (7 الصبح)، ومن ثم الحكم عليهن في أقل من شهر من قبل محكمة جنح الإسكندرية بالسجن 11 عاما على 14 منهن، وإيداع السبع الأخريات دور رعاية الأحداث لأنهن قاصرات، وردود الأفعال المنددة والمستهجنة لسرعة الحكم وشدته لم تتوقف، ناهيك عن ظلمه وجوره من خلال سببه المباشر المتمثل بخروج مظاهرة معارضة للسلطات الجديدة.
وبعيدا عن تنديد الأحزاب الإسلامية المصرية وعلى رأسهم تحالف دعم الشرعية والجماعة الإسلامية، إضافة لحزب النور السلفي الذي شارك في خارطة الطريق المصرية، أدانت الأمم المتحدة الحكم الصادر بحق الفتيات على لسان أمينها العام “بان كي مون”، كما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهن، مشيرة إلى أن الأحكام القضائية القاسية بحقهن تظهر تصميم السلطات المصرية الجديدة على معاقبة المعارضين لها.
وإضافة إلى ما سبق تناولت الصحف الأمريكية موضوع الحكم الصادر بحق الفتيات في صدر صفحاتها، متهمة الحكومة المصرية بممارسة انتهاكات تذكر بحكم مبارك كما قالت صحيفة “الواشنطن بوست”، ليأتي بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين شاملا لكل الانتهاكات التي تمارس بحق المرأة المسلمة، بدءا من الحكم الصادر بحق حرائر مصر، وصولا إلى الانتهاكات الخطيرة بحق نساء وفتيات سوريا، وانتهاء بمضايقات دول العالم للمرأة المسلمة بسبب حجابها.
فقد شجب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حبس فتيات الإسكندرية 11 عاما، ودعا المنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية إلى مؤازرة قضايا المرأة المظلومة في العالم وخاصة بمصر وسوريا.
وقد أصدر الاتحاد بيانا استنكر فيه ما تتعرض له المرأة المناضلة من أجل حريتها وكرامتها في العالم، وبخاصة ما تعرضت له المرأة في مصر، من حكم القضاء المصري المسيس، على (14) أربع عشرة طالبة جامعية، بمجرد تظاهرهن ضد الانقلاب العسكري.
وطالب الاتحاد بالإفراج فورا عن الفتيات والطالبات المصريات، اللواتي اعتقلن وسجنَّ ظلما عقابًا لهن على حرية التعبير والاختيار، مشيرا إلى إثبات هذه الأحكام التعسفية التي صدرت بحق الطالبات مدى تبعية القضاء للسلطات الجديدة بمصر.
كما تطرق الاتحاد في بيانه لقضية المرأة في الدول الأوروبية، داعيا لإنصاف المرأة المسلمة في أوروبا وغيرها من الدول الغربية، من خلال ضمان حريتها في ارتداء زيها الإسلامي، انسجاما مع القوانين الأوروبية، والمواثيق الدولية في احترام حرية الإنسان.
وفيما يلي نص البيان كاملا:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهو يبارك الجهود التي تقوم بها المنظمات الدولية والإنسانية لرفع الظلم عن المرأة، والوقوف ضد اضطهادها، والعنف معها، في ذكرى 25 نوفمبر الذي هو اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، فإنه يذكر العالم بأن الإسلام كان سباقًا إلى إنصاف المرأة، والرفع من شأنها، وتحقيق كرامتها الإنسانية… وذلك بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وجعل إكرام المرأة حقًّا على الرجل، ومن ثم على المجتمع، فقد خلَّد الإسلام ذكرى نضال المرأة من أجل الحياة، في أحد أهم أركانه وهو الحج، بل جعل إكرام المرأة طريقًا إلى الجنة.
وقرر القرآن المساواة بين الرجل والمرأة في قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:195]. أي: إن المرأة من الرجل، والرجل من المرأة، لا يستغني أحدهما عن الآخر. وقال الرسول الكريم: (إنما النساء شقائق الرجال).
وإن الاتحاد ليستنكر ما تتعرض له المرأة المناضلة من أجل حريتها وكرامتها في العالم، وبخاصة ما تعرضت له المرأة في مصر، من حكم القضاء المصري المسيس، على (14) أربع عشرة طالبة جامعية، في محكمة جنح، بحبس كل واحدة إحدى عشرة سنة، بمجرد تظاهرهن ضد الانقلاب العسكري، الذي يرفضه كل الأحرار، من الرجال والنساء في مصر، ويستنكر بشدة كل ما يتعرض له بناتنا ونساؤنا: في مصر، وسوريا، وفلسطين، من اعتقال وسجن واعتداء في خرق سافر لكل المواثيق الدولية والأعراف الاجتماعية، ومقتضيات الكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان، وبخاصة في أجواء ذكرى اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.
وإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو ويؤكد على ما يلي:
1- يطالب الاتحاد بالإفراج فورًا عن الفتيات والطالبات المصريات، اللواتي اعتقلن وسجنَّ ظلمًا، عقابًا لهن على حرية التعبير والاختيار. وتثبت هذه الأحكام التعسفية التي صدرت بحق الطالبات مدى تبعية القضاء لسلطة الانقلاب، لا لسلطة العدل والمساواة، وقد أمر الله تعالى بالعدل في الحكم بين الناس. قال سبحانه مبينًا أصول الحكم الصالح: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [ النساء:58].
وقال تعالى مخاطبًا عبده الصالح والنبي الكريم داود عليه السلام: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص:26]، وقال سبحانه مخاطبًا عباده المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء:135] وقال جل ثناؤه: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8]. وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة . قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، وقاض عرف الحق فجار متعمدًا فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار}.
2- يدعو الاتحاد كل المنظمات والهيئات الحقوقية، وأنصار الحرية في العالم، إلى مساندة دعاة العدل والكرامة والحرية في مصر، ولا سيما بالنسبة للفتيات المصريات، وغيرهن من النساء المضطهدات في مناطق الاضطرابات والحروب، وخاصة في سوريا وفلسطين والعراق وأفريقيا وآسيا.
3- يدعو الاتحاد إلى إنصاف المرأة المسلمة في أوروبا وغيرها من الدول الغربية، بضمان حريتها في ارتداء زيها الإسلامي، انسجامًا مع القوانين الأوروبية، والمواثيق الدولية في احترام حرية الإنسان وحقوقه.
4- ويؤكد الاتحاد أن مواثيقه ورؤيته تقوم على تعزيز حقوق المرأة، وكرامة الإنسان، والتعاون مع كل الهيئات والدول، فيما يصون هذه الحقوق ويرقِّيها.
{وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ} [سورة التوبة:105].
الدوحة: 24 محرم 1435 هجرية، الموافق 28/11/2013م.
أ . د . علي القره داغي (الأمين العام)
أ . د . يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد)”.