لا للتطبيع مع المنقلبين على الديمقراطية في مصر
ذ. بدر الدين الخمالي
هوية بريس – الخميس 12 دجنبر 2013م
بعد أن قام “منتدى ميدايز” الذي يديره الولد المدلل إبراهيم الفاسي عبر “معهد أماديوس” في شهر نونبر المنصرم بمنح جائزة الشخصية السياسية للانقلابية منى مكرم عبيد، واستضافة عدد من المهرجانات المغربية للفنانين المصريين المساندين للانقلاب العسكري الفاشي على الديمقراطية بمصر.
استقبل معهد الدراسات الإعلامية بالدار البيضاء يوم الثلاثاء 10 دجنبر 2013 عمر الشوبكي مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين التي عينها الانقلاب العسكري لوضع الدستور تحت خانة متخصص في الحركات الإسلامية، ليحاضر إلى جانب أكاديميين وسياسيين مغاربة حول موضوع: (الإسلام السياسي والامتحان الميداني).
خطورة هذا الأمر لا تتعلق فقط بمحاولة إظهار أن ما تم بمصر من إجهاز على التجربة الديمقراطية أمر عادي، وشأن مصري يجب التعامل معه في حدود نتائجه وإفرازاته السياسية التي فرضت وجود حكومة انقلابية معينة من طرف العسكر بعد ثلاثين يونيو، ولكن الخطورة تكمن في توجيه رسائل داخل الحقل السياسي المغربي، ومحاولة تسويق النموذج المصري الذي يعتبره العلمانيون (الليبراليون واليساريون) في العالم العربي على أنه انتصار على مشروع الإسلام السياسي وإعلان عن نهايته.
مع أنه في الحقيقة نموذج همجي اعتمد على الرصاص والقتل في الإطاحة بمؤسسات الدولة، وفي الاستهتار بإرادة الشعب الديمقراطية الحرة عبر مسرحية سخيفة اسمها ثلاثين يونيو، حيكت ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي وضد الدستور الشرعي للبلاد، واشتركت فيها القوى العلمانية بتواطؤ صفيق مع العسكر وفلول النظام السابق والقوى الرجعية الإقليمية والدولية، ودعم لا محدود من الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، تكللت بالقتل الممنهج للمعارضين في الشوارع وارتكاب جرائم ضد الإنسانية يندى لها جبين الإنسانية.
منى مكرم عبيد التي تم تكريمها بـ”منتدى ميدايز” بطنجة كانت من أوائل المشاركين في الانقلاب العسكري والتخطيط له عبر تواطئها المفضوح الذي كشفت عنه بندوة معهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، وكيف تم جمع توقيعات القوى المدنية بأمر من المجلس العسكري لشرعنه الانقلاب وإعطائه صورة الانتفاضة الشعبية!!
منى مكرم عبيد التي تم تقديمها على أنها مدافعة عن حقوق النساء من أكبر المشاركات في الانتهاكات التي تحدث بشكل يومي منذ ثلاثين يونيو ضد نساء وحرائر مصر التي شملت قتل المتظاهرات والمعارضات للانقلاب، وسجنهن والحكم عليهن بعقوبات خيالية لمجرد معارضتهن للانقلاب.. فعن أي حقوق للنساء تدافع منى مكرم عبيد بعد أن قام القضاء المصري في فضيحة عالمية مدوية بالحكم على أربعة عشرة قاصرة بإحدى عشرة سنة سجنا لمجرد رفعهن بالونات تحمل شعار رابعة؟؟!!
مما يطرح عدة أسئلة حول وجود توجه إيديولوجي وخطة ممنهجة لدى الجهات التي تقوم باستدعاء رموز الانقلاب العسكري الهمجي والمشاركين فيه وتلميعهم وفتح المجال لهم لكي يشرعنوا خطاب الانقلاب على الديمقراطية، وخطاب القتل وسفك الدماء الذي يمارسه العسكر بشكل يومي منذ ثلاثين يونيو في حق شرائح عريضة من الشعب المصري وتمرير خطاب العداء ضد الأحزاب والحركات الإسلامية المعتدلة.
لذلك فاستدعاء عمرو الشوبكي لكي يحاضر في موضوع الحركات الإسلامية بمدينة الدار البيضاء يشبه من يستدعي الجزار لتقطيع لحم الضحية بعد أن أجهز عليها بسكينه، فالرجل الذي كان يقدم نفسه في عهد مبارك كمدافع عن الديمقراطية ونزاهة الانتخابات، اليوم هو من يدعو الناس للتصويت بنعم على دستور صاغه تحت فوهة بنادق ومدافع العسكر، والسقوط اليومي للضحايا في الشوارع جراء القمع الذي ترتكبه قوات الأمن والداخلية، في ظل تضييق كلي على الحريات الفردية والجماعية، وقمع شامل للأصوات المعارضة للنظام الانقلابي الذي يقوده السيسي..
دستور ينقلب على كل إنجازات ثورة 25 يناير، ويعيد مصر إلى نقطة الصفر في النضال ضد
الديكتاتورية العسكرية..
سيأتي الشوبكي للمغرب من أجل الترويج لدستور طائفي مقيت، يكرس الاستغلال والانتهازية وانتهاكات حقوق الإنسان.
الصلف وعدم الحياء الانقلابي لم يقف عند هذا الحد في تحركاته ببلادنا، بل إن القنصل المصري الممثل للانقلاب قام يوم الأحد الماضي حسب مصادر صحفية -بعد انتهاء المباراة الودية في كرة القدم بين (الأهلي والمغرب الفاسي) بوضع شكاية لدى مصالح الأمن الوطني يطلب فيها اعتقال كل من يرفع إشارة رابعة بالملاعب المغربية بمناسبة مشاركة نادي الأهلي المصري في منافسات كاس العالم للأندية التي تقام الآن بالمغرب.
من حق الجمهور المغربي أن يرفع إشارة رابعة في كل مكان بأرجاء المملكة المغربية في الملاعب في الساحات في الشوارع في المدارس في الجامعات لأننا شعب يؤمن بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبحرية التعبير، ولأننا شعب يؤمن بعدالة قضية جماهير الشعب المصري المعارضة للانقلاب العسكري الفاشي ولأننا لا نقبل بتاتا الضيم والانتهاكات التي يرتكبها العسكر في مصر ضد على كل القيم الكونية.
ما يحدث اليوم من رغبة بعض الجهات بالمغرب في التطبيع مع الانقلاب العسكري الفاشي بمصر، يعد شيئا مؤسفا ومرفوضا. أعتقد جازما أن أغلبية الشعب المغربي يرفضه ولا يقبله بتاتا مثله مثل التطبيع مع العدو الصهيوني، لأنه يمس بشكل مباشر بحقوق الشعوب العربية في تبني الاختيار الديمقراطي والتعبير الحر عن إرادتها وفق الآليات المؤسساتية والتشريعية التي يضمنها القانون وكل المواثيق الدولية.
منذ أيام تقدمت خمس فرق برلمانية مغربية بمشروع قانون يجرم التطبيع وهو قانون يلبي مطلبا صميما من مطالب الشعب المغربي في رفضه أية ممارسة أو خطاب يشرعن الهمجية “الإسرائيلية” والاعتداء على المقدسات الإسلامية، والاستمرار في سياسة الاستيطان والاحتلال والضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والاتفاقيات التي تجرم تلك الأعمال.
ومثله تماما ما قام به الانقلابيون العسكريون وحلفاؤهم ضد التجربة الديمقراطية المصرية والاستيلاء على السلطة بالقوة وسفك الدماء، وضرب إرادة الشعب المصري الديمقراطية الحرة شيء مرفوض بتاتا، ولا يمكننا أن نتساهل معه أو نطبع معه تحت أي ظرف كان أو واجهة، أو نطبع مع من شاركوا في قتل المئات والآلاف من المصريين الرافضين للانقلاب في رابعة العدوية والنهضة، ومن شاركوا في قمع الحريات و مسخ الإعلام و تشويه الحقائق والتحريض على القتل.
وعلى الممثلين الدبلوماسيين للانقلاب أن يعلموا بأن حدود اللياقة والاحترام تقتضي أن يعرفوا قدر أنفسهم وأن يحترموا حقوق وحريات الشعب المغربي في التعبير عن رأيه، وإلا فإن الشعب المغربي سيطالب رسميا الحكومة المغربية بطردهم من المغرب.