وقفة مع الرجاء.. وأي رجاء!!
محمد صنهاجي*
هوية بريس – الثلاثاء 24 دجنبر 2013م
في خضم معركة المصطلحات والمفاهيم، وما يجري عليها من عوامل التعرية عبر الزمن النكد، فيشوه حقائقها ويفرغها من مضامينها، وتصير أسيرة مفاهيم جديدة، وشعارات تجتذب الفراش المنتحر على أعتاب نور الألقاب المزعوم.
هنا لابد من صيحة كصيحة مؤمن آل فرعون (وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ)..
كثر بين الناس الحديث عن الرجاء حتى كدنا نفقد معنى الرجاء، فتعالوا بنا نساند الرجاء ضد فريق الرجاء.
فالرجاء بات يشكو إلى الله من فريق الرجاء وعشاقه.
الرجاء الرجاء
الرجاوي الرجاوي
أحب الرجاء كنموت على الرجاء
تعالوا بنا نفصل الرجاء الحقيقي عن الرجاء المزيف.
تعالوا بنا نتعرف من هو الرجائي الحقيقي والرجائي المزيف
الرجاء ما الرجاء
الرجاء يا أحبتي منزلة من أجل المنازل وأعلاها وأشرفها وعليها وعلى الحب والخوف مدار السير إلى الله عز وجل قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.
فالرجاء ضروري للعبد، إذ لو فارقه الإنسان لحظة لتاه وتلف أو كاد.
الرجائي الحقيقي هو الذي يعلم أنه دائر بين معصية يرجو غفرانها، وعيب يرجو إصلاحه، وعمل صالح يرجو قبوله، واستقامة يرجو حدوثها وديمومتها وقرب من الله يرجو الدنو منه، ولا ينفك رجائي حقيقي من هذه الأمور قال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}.
قوة رجائك حسب قوة معرفتك بالله وأسماءه وصفاته، خاصة منها الصفات والأسماء التي غلبت غضبه ونقمته، كاسم الله البر الرحيم المحسن الودود.
فلولا هذا الرجاء لعطلت شرايين القلب عن العبودية، وعصب العقل عن التفكر، وحركة الجوارح عن العمران والتحضر، ولهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، لولا روح الرجاء لما تمخض بحر النية والإرادة، ولولا نسماته الطيبة لما انطلقت وتحركت سفن الجوارح للعمل الصالح؛ قال ابن القيم في أبيات له:
لـولا الـتـعـلـق بالرجاء تـقـطعــت — نفس المحب تحسـرا وتــمـزقا
وكـذاك لـولا بــرده بـحــرارة الـ — ـأ كبـاد ذابت بالحجاب تحرقـا
أيـكون قـط حـلـيـف حـب لا يرى — بـرجائـه لحـبـيــبـه مـتـعـلــقـا
أم كــلـمـا قـويـت مـحـبــتــه لــه — قـوي الرجاء فزاد فيه تشــوُّقـا
لولا الرجا يحدو المطي لما سرت — بحمـولـها لديارهم ترجو اللقا
{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}
اللهم طمعنا في رجائك وزهدنا في رجاء غيرك.
اللهم مدنا برجائك واقطع رجائنا من غيرك {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت}.
اللهم لا رجاء لنا إلا رجاءك فاجعل الناس يهفون ويهتفون لرجائك لا رجاء غيرك آمين آمين يا رب العالمين.
* أستاذ السلك الثانوي التأهيلي فاس