بناتنا؛ وضياع الهوية والوطن!
دارت بي الدنيا لما رأيت اليوم في شارع فال ولد عمير بأكدال؛ فتيات عاريات تجردن من معالم الحياء؛ اخترن أن يظهرن مفاتهن ويتبعن الغرب في ملابسهن وزيتهن وتبرجهن بل حتى في أخلاقهن.
وشباب انتشروا في المقاهي؛ وقد ضاعوا في متاهات الشهوة والنفس؛ تذكرت حينها المقولة الشهيرة: “كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في الحب والشهوة”..
توقفت لبرهة وسألت نفسي هل: أنا في لوس أنجلوس أم في أكدال المفقودة؟
لكن سرعان ما سمعت أحدهم يقول بالدارجة المغربية: “كيفاش كدير حتا كتشوف هادي؟” حينها استرجعت ذاكرتي وأدركت أنني في أحد شوارع عاصمة بلدي المغرب!!!
شعرت بأنني غريبة؛ وأحسست بضيق شديد؛ وفجأة سمعت صوت الآذان يردد من مسجد بدر القريب -والكائن في نفس الشارع-؛ وكنت لازلت أعاني من آثار الصدمة، حيث رمقت عيني فتاة وشابا يركبان سيارة فاخرة، قد ركنها سائقها أمام باب المسجد؛ والفتاة تحمل سيجارة بكل فخر واعتزاز، وتدخنها في تحد لكل قيمنا وأعرافنا وأحكام شرعنا الحنيف.
إن مصيبة العالم الإسلامي تزداد سوءا لما صرنا نسمع ونرى من سلوكيات منحرفة لأبناء الأمة؛ حيث صارت بناتنا تتبرأن من حجابهن، ويخرجن إلى الشوارع سافرات يزاحمن الذكور، وقد فقدن كل معالم الأنوثة ورقتها، وهن يحسبن أنهن ححقن ذواتهن، وحققن مصالحة مع أجسادهن؛ كما تقول عدد من العاريات، بعدما انسلخن من قيم ومفاهيم العفة والحشمة والحياء.
(فاصل)
صخب وضوضاء وحركة غير عادية في هذا الشارع الكبير الطويل الذي يخترقه شارع فرنسا (وما أدراك ما فرنسا، ومجون فرنسا)؛ ملاهي ليلية تفتح أبوابها في وضح النهار؛ تحس للوهلة الأولى عند رؤيتك لما يدور في هذا الشارع أنك في بلد غربي بثقافة عربية ممسوخة الهوية؛ ثقافة ضائعة في شهوات النفس والفكر، وغارقة في وحل الضياع..
لقد دفعتني المناظر الماجنة التي رأيتها؛ أتساءل بكل عفوية: لماذا أصبحت بناتنا سلعة رخيصة تباع في هذا الشارع وغيره من شوارع المدن المغربية؟
ولماذا يتاجرن في أعراضهن في الشقق المفروشة فيما يسمى الدعارة الراقية؟
وما الذي دفع العشرات بل المئات من النساء والفتيات يحترفن مهنة بيع الأجساد في مواخير البغاء، يتاجر بهن سماسرة كأنهن سقط متاع؟
دون أن تتم محاربة هذه الظاهرة الخطيرة بطرق ومقاربات فعالة، تتداخل فيها جميع الوسائل والإجراءات وعلى رأسها الخطاب الدعوي الذي أثبت صلاحيته في حالات كثيرة من هذا القبيل!!
وفي المقابل؛ لماذا يخوضون -حماة الوطن!– حملات تمشيط وإغلاق فقط حينما يتعلق الأمر بدور القرآن؟
لماذا لا يلتفتون لأماكن الرذيلة والفساد؛ آه نسيت فهي تجلب المال وتساهم في الاقتصاد؛ هذا هو التبرير الذي يواجهك به الكثير!
إن ما تطرقت له اليوم هو مثال بسيط لما يدور اليوم في أغلب الشوارع المغربية الراقية والتي أعتبرها وفي غياب التربية الأخلاقية عنوانا وسلاحا جذابا للفساد.
لقد نسي مجتمعنا أن هناك آدابا وعادات حث عليها ديننا الكريم؛ ومن المفروض علينا احترامها والالتزام بها؛ لكن في ظل الانبهار بثقافة الغرب والتبعية التي ألزمنا بها نحو كل منتوجاته؛ تخلينا عنها، بل وصار جزء منا يحاربها، ويناضل لأجل تقنين الحق في الردّة باسم حرية المعتقد، وحرية الزنا والشذوذ وشرب الخمر وتعاطي المخدرات.. باسم الحرية الفردية التي صارت إلها يعبد من دون الله عند بعض بني جلدتنا!
فما أحوجنا اليوم للتشبث بقيمنا الدينية؛ لبناء أمة مستقيمة ومعتدلة في زمن علمانية التفكير والسلوك والعيش..