هل سيكون الرئيس «سلفاكير» الضحية القادمة؟
أحمد التيجاني أحمد البدوي
هوية بريس – السبت 04 يناير 2014م
هذا الحديث كتبناه وكررناه في أكثر من مقال ولا زلنا نكرره، والذي جاء فيه أننا نلفت نظر دول العالم العاشر أن تنتبه إلى ما يراد بها من الذين حسب قولهم ليس لهم عداوات ولا صداقات دائمة، لكن لهم مصالح دائمة يجب أن تظل كذلك، حتى ولو تضاربت مع المثل واللأخلاق والقوانين والعرف، لكن متى يفيق هذا العالم المقطور المجرور؟
متى يصحو من نومه؟ متى يزيح هذه العصابة من عينيه حتى يرى الأشياء على حقيقتها ويقرأ ما وراء الأحداث؟ متى يتحرر من الأسر الفكري والقيد العقلي الذي رهن نفسه له؟ متى ينفك من عقدة الدونية واللون؟
هذا وقد مرت أحداث كانت كافية أن تسفر وتكشف عن حقيقة هؤلاء الذين ظللنا حينا من الدهر نعتقد أنهم هم الصادقون وهم المخلصون وهم الذين يقوننا نوائب الدهر وعاديات الليالي، لكن للأسف ان الذي تواتر من أحداث وبعد أن ثبت أن كل ما كنا نظنه ونعتقده غير صحيح، لا زال الكثير من شعوب العالم العاشر وبعض النخب خاصة في ضلالها القديم واعتقادهم الرهين وسميتهم دول العالم العاشر، إنهم يريدون دائما أن يكونوا في المؤخرة، والترتيب الثالث أصبح لا يناسبهم، وإنما مكانهم اللائق بهم هو العاشر، وأخشى أن يبقوا هناك كثيرا.
كررنا ذلك وقلنا إن هؤلاء يتعاملون معك يا هذا كتعامل كلب الصيد تنتهي مهمته باستلام السيد للصيدة، وحتى أولئك الذين يوصلونهم إلى بعض اهدافهم ان شعروا ان لديهم اي اتجاه للتحرر سرا أو علانية بالتصريح أو التلميح قولا أو فعلا فانهم يسعوا للتخلص منك وبأي اسلوب واي وسيلة.
ولقد فعلوها مع شاه إيران الذي رفضوا أن يستقبلوا طائرته بعد أن سقط ملكه وحكومته، وكان الحليف الأول للغرب في الشرق الأوسط، ومع كثير من رواد التحرر في العالم حاكوا ضدهم المؤامرات فانقلبوا عليهم واغتالوا الكثير منهم وآخرهم “جون قرن”.
وهل “سلفاكير” يا ترى سوف يكون هو الضحية المقبلة بعد أن سعوا لفصل جنوب السودان وجلبوا لذلك خيلهم ورجلهم حتى يصبح الانفصال حقيقة؟ فصار حقيقة، لكن هل انتهت المسرحية وتوقفت المغامرات وبدأت الدول الغربية في دعم السلام والتخطيط إلى التنمية وإنشاء المؤسسات التعليمية والطرق والمستشفيات؟
وبعد أن تسلمت حكومة “سلفاكير” المنتخبة السلطة طبعا لا شيء من ذلك حدث، بل بقي تحت الرماد وميض نار وبدأت امريكا وصويحباتها الإعداد لسيناريو جديد، وقد ظهر هذا جليا بعد تمرد مشار وخروجه على الدولة التي لم تقم على رجليها بعد، فبدأت أمريكا تلوح بالتدخل لحماية رعاياها إلى أن تطور هذا إلى تدخل عسكري فاضح بموافقة مجلس الأمن.
والذي يقوله المحللون، إن أمريكا و”إسرائيل شعرتا أن “سلفاكير” لم يكن الرجل المناسب لتحقيق أهدافهم في المنطقة بعد أن انتهج سياسة تصالحية مع الشمال، فهذه هي سياسة الغرب مع الآخرين، وهذا هو نهجها مع العملاء الغافلين الذين لا زالت تتكرر عليهم الخدع والضحك على ذقونهم، والسؤال المطروح للاتحاد الافريقي: ما هو دوره في الذي يحدث في جنوب السودان، وقد استبشرنا كثيرا بتحركه في بعض القضايا المحلية والإقليمية.
فعلى “سلفاكير” أن لا يطمئن لهؤلاء مع ما فعلوه معه وفعله معهم وارتدى طاقيتهم وتشبه بهم ونخشى أن يكون هو الضحية المقبلة، وكذلك على مشار أن لا يفرح بدعمهم له ولو أدى ذلك لسقوط “سلفاكير” واستلامه السلطة والعاقل من اتعظ بغيره ونصيحتنا لسلفاكير ومشار ان يتفقوا ويعملوا سويا من اجل وطنهم جنوب السودان ويكفي ما خاضه الجنوب من حروب ما يقارب الستين عاما ولا يلتفتوا إلى ما وراء الحدود لأنه لا طائل من ذلك، ولأن هؤلاء ليس لهم صداقات دائمة فليعد مشار نفسه لسيناريو بشكل آخر حتى ولو أتت اليه السلطة تجرجر أذيالها.
وهذا الحديث موجه لكل الحركات المعارضة في العراق وسوريا وافغانستان والصومال ومالي ونيجيريا وإفريقيا الوسطى والسودان، والذين لم يسألوا أنفسهم سؤالا واحدا: لماذا يحدث كل هذا في بلادنا نحن دون غيرنا؟ وإذا وجدتم الإجابة؛ ستجدون الحل لكل ما تعيشونه من أزمات وحروب.
والسؤال المطروح لهذه الحركات: هل أخذتم وقفه تقييم وجرد للأرباح والخسائر في هذه الفترة كم من الرجال والنساء والأطفال قتلوا؟ كم منهم شردوا؟ كم منهم في سن التعليم قد فاته التعليم؟ وكم من الفتيات في سن الزواج قد فاتهن قطار الزواج؟ وكم منهن حملت سفاحا؟ وكم من الأمهات وقفن من الإنجاب بسبب الحروب والنزوح؟ كم منهن فقدت زوجها؟ كم من الأطفال فقدوا التربية؟ كم من مدرسة مغلقة ومستشفى معطلة؟
وهذه هي الاستراتيجية المبطنة من دعم الحركات، وإني لم أقصد بحديثي هذا الاستسلام للظلم والطغيان، ونعترف أن الظلم موجود وحادث، ولكن أريد أن أقول إن الاستعانة بهؤلاء لا تؤدي إلى النتائج المرجوة طويلة الأمدـ ويجب أن نبحث عن وسيلة أخرى ندفع بها الظلم وتوصلنا إلى أهدافنا ومقاصدنا المنشودة بدون خسائر، ولأن هؤلاء الاستجابة لطلب البندقية أسهل عندهم من الاستجابة لطلب حقنة ملاريا، أو قلم لطالب، أو كراسة؛ وإقامة قاعدة حربية أحب إليهم من إنشاء مستشفى أو مدرسة، ولكم أن تستعرضوا التاريخ الحاضر والماضي لعلكم تعقلون.