القواعد الكبرى في فن تدبير الوقت
إلياس الهاني
الإثنين 06 يناير 2014م
فمن المعلوم أن الله خلق الإنسان وأكرمه بالعقل وميزه به عن سائر المخلوقات، وشرع له شرائع ألزمه بتنفيذها وتأديتها على أكمل وجه وأفضله؛ وذلك عبر مواسم وأوقات خصه بها لا يمكن تجاوزها.
فالوقت هو لحظة الزمن التي نعيشها وهو أثمن ما وجد على الأرض، كيف لا وقد مدحه الله عز وجل في كتابه وأقسم به في عدة سور كسورة العصر والضحى والليل، ونصح بالمحافظة عليه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم: {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك}.
هذا وقد تواترت كلمات أهل العلم في مدح الوقت والمحافظة عليه وكيفية استغلاله وتدبيره، كقول الحسن البصري: {يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب بعضك ذهب يومك}.
ولكن للأسف الشديد عندما نشاهد حالة المسلمين اليوم وما وصلوا إليه من تخلف، وجهل، وذل على الأمم الأخرى،… ندرك أن سبب ذلك كله هو سوء تدبير الوقت، لذا وُجِدت قواعد كبرى في فن تدبير الوقت وجب على كل من أراد الحياة بمعناها الحقيقية أن يطبقها ويأخذ بها وهي:
– تحديد الأولويات: فلابد من تقديم بعض العمل على البعض الآخر وذلك حسب الأهمية والمكانة؛ إذ أن الأولويات تعتبر من اكبر الفنون في اقتصاد الوقت والمحافظة عليه، فلو مثلا أراد طالب قراءة كتاب ما والامتحانات اقتربت وجب قراءة مقرر المادة الممتحنة أولا، إضافة إلى هذا فتحديد الأهداف يعتبر من أوسع الفنون في تدبير الوقت؛ وتنقسم الأهداف إلى ثلاث أقسام:
* أهداف بعيدة المدى: التي تكون في سنين طويلة كتحديد مستقبل الطالب بأن يصبح فاعلا وطنيا يشارك في تنمية المجتمع وتقدمه.
* أهداف متوسطة المدى: وهي التي لا تتجاوز خمس سنوات كالحصول على الإجازة بمعدل مرتفع.
* أهداف قصيرة المدى: وهي التي تكون في مدة قصيرة لابد من تحقيقها.
– تسجيل الوقت وتحليله: فتسجيل الوقت وتحليله حسب الأعمال التي سيتم إنجازها تحافظ على الوقت وفي استغلاله والقيام بأعمال في مدة أقل، وقد اعتبرت المستشرقة الألمانية صاحبة كتاب “شمس العرب تسطع على الغرب” أن تحليل الوقت هو ما جعل العرب الآن في هذه المكانة بين الأمم.
– السيطرة على مضيعة الوقت: وهذا هو ما نعاني منه الآن، فضياع الوقت هو قاصمة الظهر، وما وصل إليه الغرب الآن هو من نتاج السيطرة على الوقت.
وعندما نرجع إلى سلف المسلمين نجد أنهم كانوا سباقين إلى الكتابة في السيطرة على الوقت كالنسائي وابن السني والنووي وابن تيمية والسيوطي وغيرهم.
– التفويض والتوكيل: فلو أن إنسانا فوض عملا ما إلى شخص آخر يمكن العمل به، لبقي له الوقت الكافي في استغلاله والقيام بأعمال أخرى.
فهذه هي القواعد الذهبية الكبرى في فن تدبير الوقت والمحافظة عليه واستغلاله فيما ينفع؛ ولو أخذ المسلمون بهذه القواعد وطبقوها لعادت إلى المسلمين هيبتهم وعلمهم وتقدمهم وحضارتهم التي ملأت الآفاق.