ذ. نبيل غزال: بعض الكتاب الإسلاميين وقعوا في خطأ شنيع واستغلوا واقعة أبي النعيم
هوية بريس- حاوره عبد الله المصمودي
الخميس 09 يناير 2014م
1- ما رأيكم في تصريحات الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي فيما يخص الإرث وتعدد الزوجات والإجهاض وغيرها؟
لا شك أن تصريحات الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر كانت مستفزة وأثارت نقاشا كبيرا، وردود فعل وطنية وعربية ودولية، خاصة بعد تعليق الشيخ عبد الحميد أبي النعيم وتعبيره عن رأيه بخصوص التصريحات التي ذكرتم.
ورأيي بخصوص تصريحات لشكر أنها تكشف الإفلاسَ السياسي، وأن حزب الاتحاد الاشتراكي يحتضر، ولم يبق أمامه ليثبت وجوده -بعد الفشل في الولايتين الماضيتين- إلا الخوض في حرب الدين والهوية الإسلامية، وباستحضار الخلفية الفكرية والأيديولوجية للحزب، فهو حزب لاديني، ومهما تخفـَّى وراء شعارات “الإسلام الوسطي” و”العلماء المتنورين” وغيرها من العبارات فإن ذلك لا ينفعه، ومن يدعي ما ليس فيه كذّبته شواهد الامتحان.
فماذا قدم هذا الحزب لخدمة أو نصرة الإسلام؟
هل يعقل أن يعتقد الإنسان معتقدا وتكون جل تصريحاته ومبادراته وأفعاله مخالفة ومناقضة لما يصرح به من اعتقاد؟
هذا أمر مستحيل طبعا.
وعلى العموم فحزب الاتحاد الاشتراكي زادت خيبته ورجع القهقرى بعد أن وصل إدريس لشكر إلى منصب أمين عام لحزب الوردة في ظروف غامضة أحدثت تقاطبا حادا وشرخا بيِّـنا -لا زال باديا إلى اليوم- في صف الرفاق.
2- هل ترون أن لهذه التصريحات تأثيرا سلبيا على المجتمع؟
رغم الألم الذي يصيب كل مؤمن نتيجة المجاهرة بتبديل ما تبقى من شرع الله تعالى ومحاربته تحت أسماء شتى، ورغم السيطرة العلمانية الكبيرة على وسائل الإعلام بشتى أنواعها، إلا أن هاته الخرجات التي تطعن في الدين تثبت -بما لا يدع مجالا للشك- حياة الشعوب المسلمة، وأن الإيمان حي في القلوب، وأن الناس تنتفض إذا مُـسَّ دينها وطُعن في شريعتها.
فرغم التزييف الإعلامي وقلبه الحقائق، ورغم محاربته للتدين، وشعائر الإسلام، والعلماء والدعاة، إلا أن الدين حاضر بقوة في مجتمعنا.
ثم إن هاته التصريحات تكشف عن القصور الكبير لمؤسسات رسمية من مسؤولياتها العظمى الدفاع عن الدين، وتثبت يوما بعد آخر أن التدافع والنقاش العقدي والفكري ينحصر بين إسلاميين ومتطرفين علمانيين.
3- ما هي الطريقة التي ترونها ناجعة للحد من مثل هذه التصريحات؟
قبل الإجابة عن سؤالكم ألفت الانتباه إلى أن بعض الكتاب الإسلاميين وقعوا -للأسف الشديد حسب رأيي– في خطأ شنيع، واستغلوا هذا الحدث -وأنا أعتذر عن هذا الوصف- ليُبدوا لمنافسيهم الوسطية والاعتدال، واعتبروا كلا من خطاب أبي النعيم ولشكر خطابا متطرفا، ووقفوا وسطا بينهما، مع العلم أن اللادينيين لا يقعون في هذا الخطأ، ويقفون في صف إخوتهم من أمثال “عصيد” و”لشكر” وغيرهما، وإن كان خطابهما يقطر تطرفا وأصولية.
أنا لا أدعو طبعا إلى نصرة الباطل؛ ولكني أدعو إلى الحكمة وفهم الواقع، والتمسك بالحق كما أنزل، ونصرة المسلم ظالما كان أو مظلوما، امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”، ظالما: بكفه عن الظلم، ومظلوما: برفع الظلم عنه.
أما فيما يتعلق بالطريقة الناجعة التي أراها فهي مواجهة الفكرة بالفكرة، ودحض الشبهة بالحجة، إلا أنه من أبرز ما يحول دون مواجهة المد اللاديني؛ وإيصال الخطاب إلى عموم الناس، هو البون الشاسع في الإمكانات المتاحة للطرفين، فاللادينيون يحظون بدعم كبير وتغلغل واسع في مؤسسات الدولة، إضافة إلى تحكمهم في أبرز الوسائل المؤثرة والموجهة للرأي العام، فهم يسيطرون على أغلب وسائل الإعلام الوطنية المرئية والمسموعة والمقروءة.
وباستحضار واقعة لشكر مع أبي النعيم يتضح لنا كيف أن الإعلام (خاصة القناة الثانية 2M) ركز فقط على تعليق أبي النعيم، ولم يلتفت إطلاقا إلى تصريحات لشكر الخطيرة. وحتى حينما عبر جمهور فريق رياضي معروف عن موقفه من مطالب لشكر؛ وسم هذا الإعلام هؤلاء الشباب بالمتطرفين.
وأشير أن الحكومة من الواجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها في مثل هاته المحطات، وعلى المؤسسات الدينية أن تضطلع بمهامها، وتصد العدوان عن الدين، وتبين لعموم الناس الموقف الشرعي من مثل هاته المطالب عن طريق بيانات ودروس وندوات ومحاضرات ورسائل وكتب، ولا تترك المجال فارغا، وإلا فإن هاته المؤسسات ستفقد ما تبقى من مصداقيتها لدى الناس.