رحمة الإسلام بالمرأة وقسوة «لشكر» عليها
إلياس الهاني
هوية بريس – الخميس 16 يناير 2014م
توالت الردود وتعالت على ما صرح به الكاتب الأول لحزب «الوردة»؛ مستنكرين ما ردده، فقد طالب أمام جمع من أتباعه بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة!! ومنع تعدد النساء الذي أباحه الله لمن أتى به على الوجه الصحيح!!
فقد تطاول لشكر بهذا على كل ثوابت المغاربة بدءا بالدستور الذي ينص على: «أن المملكة المغربية دولة إسلامية»، وتجاوز أيضا الخط الأحمر الذي نص عليه الدستور في فصله السابع: «لا يجوز للأحزاب السياسية أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي»، وقبل ذلك وبعده تجاوز كتاب الله وسنة نبيه، لذا لا غرابة أن نجد هذه الاستنكارات المتتابعات من كل أطياف الشعب المغربي؛ فالمقالات على الجرائد والمواقع مستنكرة، وأهل الفكر والعلم والدعاة مستنكرون، والشارع الشعب المغربي مستنكر، وجماهير كرة القدم مستنكرة ،و رواد مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرون،…
فلسان حال الرجل يقول أن الإسلام انتقص المرأة من كرامتها!! ومكانتها!! بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين!! وبالتالي عدم الاعتراف بإنسانية الإسلام للمرأة بشكل كامل!!
وهذا كله باطل؛ فلقد قرر الإسلام أن المرأة في الإنسانية والكرامة والأهلية كالرجل تماما، فالأمر يتعلق بالعدالة في توزيع الأعباء.
ففي نظام الإسلام المرأة تأخذ مهرا تضيفه لإرثها ،و ليس عليها أية واجبات مالية أو مسؤوليات نحو البيت، والنفقة، والأبناء،… ونحو ذلك ،فهذه الأمور وغيرها كلها أسندها الإسلام إلى الرجل ليضطلع بها ويقوم عليها؛ من تأثيث بين الزوجية ،و دفع المهر للزوجة وهو خاص بها وليس عليها أن تعطيه منه شيئا إلا إذا طابت بذلك نفسا، كما أن على الرجل تحمل كافة الأعباء المالية،…
ومستند لشكر وأذنابه في ما ذهب إليه هو تلك القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على وجوب المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء!! ومنها نظام الإرث!! فقد فات لشكر معرفة أن القوانين الدولية المستحدثة التي ساوى بعضها مؤخرا لدى الغرب في الميراث بين الرجل والمرأة، جعل عليها من الأعباء والمسؤوليات مثل ما على الرجل، وفي بعض الأحيان ما يفوقه، مما تسبب للمرأة في تعاسة وشقاء كانت في غنى عنه، وربما كان هذا الأمر منطقيا إذا ساووا بينهما في الميراث كما في الأعباء والمسؤوليات، فلا مجال للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث إلا بعد مطالبتها بمساواتها في الأعباء والواجبات، فهي فلسفة متكاملة فلابد من الأخذ بها كلها أو تركها كلها، على أننا نفترض هذا الفرض تنزلا مع الذين يناقشون أحكام الله وإلا فشرع الله لا يقبل المساومة والنقاش.
فالإسلام مع المرأة كان وما زال كريما متسامحا، يقول المؤرخ والأنتربولوجي الفرنسي “غوستاف لوبون”: «إن مبادئ الميراث التي ينص عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والإنصاف، ويظهر من مقابلتي بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنجليزية أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات حقوقاً في الميراث لا نجد لها مثيلاً في قوانيننا».
وتقول “آني بيزنت” البريطانية الاشتراكية في كتابها “الأديان المنتشرة في الهند”: «إن قاعدة الإرث في الإسلام للمرأة أكثر عدلا وأوسع حرية من ناحية الاستقلال، الذي يمنحها إياها القانون المسيحي الانجليزي، وما سنه الإسلام للمرأة يعتبر قانونا نموذجا؛ إذ تكفل بحمايتها في كل ما تملك من أقاربها وأزواجها او أبيها…».
بل إن نظام الإرث في الإسلام تجاوز هذا كله ليكون سببا في إسلام كبار أساتذة القانون؛ ففي كتاب “الذين هدى الله” لزغلول النجار: «هذا أستاذ مصري للقانون، يعمل بإحدى الجامعات الأمريكية.. يقول: كنا في حوار قانوني، وكان معنا احد أساتذة القانون من اليهود، فبدأ يتكلم، ثم بدأ يخوض في الإسلام ويتندر بالإسلام والمسلمين، فأردت أن أسكته، فسألته: هل تعلم حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي؟ قال: نعم، أكثر من ثمانية مجلدات. فقلت له: إذا جئتك بقانون للمواريث فيما لا يزيد على عشرة سطور، فهل تصدق أن الإسلام دين صحيح؟ قال: لا يمكن أن يكون هذا. فأتيت له بآيات المواريث من القرآن الكريم، وقدمتها له، فجاءني بعد عدة أيام يقول لي: لا يمكن لعقل بشري أن يحصي كل علاقات القربى بهذا الشمول الذي لا ينسى أحدا، ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذي لا يظلم أحدا. ثم أسلم هذا الرجل.
فكانت آيات المواريث وحدها سبيلا إلى اقتناع هذا الرجل اليهودي بالإسلام».
فيا رحمة الإسلام بالمرأة ويا قسوة لشكر والمتشدقين بالمساواة عليها.