تصويغ تعذيب الأطفال لمواجهة «الإرهاب» في السينما الأمريكية
د. أحمد سالم
هوية بريس – الجمعة 17 يناير 2014م
الشراكة السياسية أيضاً لابد أن تكون وفق قيم المشاهد الأمريكي التي تتوافق مع الدستور، فالفريق الأمني يعجبه جداً الضابط السعودي المتزن الهادئ الذي ينكر ممارسة أحد رؤسائه للتعذيب، ويعقد رئيس الفريق الأمني الفيدرالي مع هذا الضابط اتفاقاً على إنقاذ الوطن من هؤلاء الإرهابيين.
حسناً كلنا يعلم أن هذا الكلام للاستهلاك المحلي، وإن شئت فقل: للاستهلاك الإعلامي؛ فالأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية عقدت عدة شراكات تحقيق واستجواب وتعذيب مع أجهزة أمنية بعضها عربي، وكلنا يعلم أن وقائع التعذيب التي مارسها الجنود الأمريكيون أنفسهم في العراق قد ظهر منها ما يدل على تجذر هذه الممارسة وأنها ليست خطأ عارضاً.
يقدم الفيلم الأمريكي Unthinkable رؤية أكثر اتساقاً مع السياسة الأمنية الأمريكية، إنه يعرض استعانة المباحث الفيدرالية بأحد خبراء التعذيب الأمريكيين لاستخراج اعترافات من إرهابي مسلم زرع ثلاث قنابل نووية محدودة بأماكن تعج بالمدنيين، ويمتلأ الفيلم بالمجادلات الفلسفية والقانونية حول مشروعية هذه التصرفات، ومع ذلك لقد سمح ضباط المكتب بالتعذيب البشع الذي وقع على هذا الإرهابي إلى أن صرح بمكان القنابل الثلاث، ومنع ضباط المكتب خبير التعذيب من تعذيب طفلين هما ابن وبنت هذا الإرهابي، كانت حجة خبير التعذيب أن تعذيب الطفلين هو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف مكان قنبلة رابعة يتوقع خبير التعذيب أنها موجودة، وأن تعذيب طفلين بشع لكنه سينجينا من خطر موت مئات النساء والأطفال الأبرياء.
ليتركك الفيلم لتفكر في صحة فعلهم وموقف خبير التعذيب، وهل تعذيب الأطفال في هذه الحالة يعد موقفاً غير أخلاقي؟
ولكن الفيلم لا يتركك لتفكر دون أن يحاول الضغط على أفكارك؛ لذلك فهو يطلب منك التفكير ولكن من فضلك فكر وأنت ترى العد التنازلي للقنبلة الرابعة يبدأ بالفعل ولا أحد يستطيع إيقافها.
(من تحليل فيلم THE KINGDOM في كتابي: “صورة الإسلاميين على الشاشة”).