أبو النعيم والأربعون كذابا
ياسين گني
هوية بريس – الأربعاء 29 يناير 2014م
أصبح الشيخ أبو النعيم حديث وسائل الإعلام، بعد قضية تصريحات الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي والتي وجدت الصدى السيء من لدن فئات عريضة من المجتمع المغربي، كون القضية أساسا ليست من اختصاص الرجل الحديث عنها لا علما ولا توقيتا.
القضية التي تفاعل معها الشيخ أبو النعيم بطريقة الإدانة والتكفير، وهو الأمر الذي لم تستسغه أيضا فئات عديدة من المجتمع وسارعت إلى إدانة فعل التكفير إنصافا والرجل إجحافا، لكن القضية أخذت بعدا آخر تعدى القضية إلى الإساءة إلى تيار بعينه، فمن جهة أصبح تيار يوصف بمعاداة الإسلام وتيار آخر يوصف بالظلامية والدعوة إلى القتل وتقسيم المجتمع، وبعد ذلك أصبحت سيرة الشيخ أبو النعيم تلوكها الألسن في كل مكان نخبة وعواما، وهو الذي لم يكن يعرفه إلا خاصة من أهل هذا الوطن، وفجأة أصبح الكل يعرفه ويدلو بدلوه في سيرته ويدعي أنه كان يعرفه منذ الصبا فيتحدث عن سيرته وسريرته.
في كلامي هذا ليس حديثي عن الموقف من الرجل أو من خصومه لكن الحديث عن وسائل الإعلام التي اتخذت من الرجل مادة إعلامية تكسب بها جمهورا يعاديه ويبحث عن كل ما يدينه، فأصبح الجمهور كالأحمق الذي يلهث وراء صحافة صفراء تقدم له ما يريد، أو ما يتمنى أن يسمع، من تهم، أو ما يعتبرها تهما، ليس ضد أبو النعيم فقط بل ضد التيار الإسلامي قاطبة.
مما قالت به وسائل الإعلام أن الرجل كان بودشيشيا ثم عدليا قبل أن يصبح سلفيا، وكان قبلها شابا متفتحا “ماجنا” لا علاقة له بالشأن الإسلامي أو بالدعوة، لكن الحقيقة كما يسوقها من عرف الرجل منذ طفولته وشبابه، ممن يتفقون معه في شيء ويختلفون معه في أشياء، أن الرجل منذ سن السادسة عشرة كان يتتلمذ على شيوخ السلفية منهم شيخ مشايخها الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله.
مما يقال أيضا أن الرجل متزوج من ثلاث نساء إحداهن في العشرينيات من عمرها، والحقيقة التي يذكرها ابنه أن الزوجة الصغرى أبناؤها قد تزوجوا وبلغوا العشرين.
مما يقال أن تكفير لشگر دعوة لقتله؛ ولفهم الموضوع يجب فهم منهج أبو النعيم، الرجل من فكر يؤمن بالدولة القائمة ويحرم الخروج عن ولي الأمر حتى بالمظاهرات، والتكفير الذي ينتج عنه دعوة إلى إقامة حد الردة هو من اختصاص القاضي الشرعي نيابة عن الحاكم وبالتالي فتكفير أبو النعيم للشگر ما هو إلا نعت كما ينعت اليسار الإسلاميين بالظلاميين لا ينتج عنه ما بعده، وأما الجماعات الجهادية فلها شيوخها ومفتوها، ولا تحتاج لأبو النعيم ولا لغيره لفعل ما تقوم به، ولم يحدث أن كان أمثال لشكر من ضمن أجنداتها ولا يظن انه سيصبح، فما هي إلا زوبعة في فنجان المقصود منها أساسا نيل مكاسب سياسية أكثر من أي شيء آخر.
هنا الحديث الذي أسوقه ليس دفاعا عن الرجل فله لسان وأتباع يدافعون عنه، لكن حديثي عن وسائل إعلام اختارت نهجا هابطا، وتجارة صفراء أصبحت واضحة، وكان من الأولى محاججة الرجل بما فيه، لا بالأكاذيب والتهم الباطلة التي تعودناها من هذه الصحافة الصفراء التي لا يباع منها حتى ما يكفي لتغطية مصاريفها ولولا الإشهار المشبوه الذي يقيم صلبها لانهارت منذ زمن.
إن مستوى النقاش الدائر اليوم ليس من شأنه خدمة قضايا الوطن، بل يلهي عن القضايا الأساسية لصالح الفساد الذي ينخر في جسد الأمة في صمت، ويستفيد من انشغالات وهمية للنخبة التي تجر وراءها العوام إلى الهاوية.