المدرسة العمومية المفرنسة بالمغرب.. مائة سنة من التجريب (ج2)
ذ. إدريس كرم
هوية بريس – الثلاثاء 04 فبراير 2014م
سبقت الإشارة في الحلقة الماضية إلى أماكن تواجد مكاتب التعليم العمومي في فاتح يونيو 1913 الخاص بالوطنيين، حيث وجدناها تتركز في أماكن هي اليوم بالمقارنة في حكم القروية، مثل بن أحمد، بروج، بوشرون، دار زراري، لوداغير، اولاد اسعيد، سيدي علي، إضافة إلى مدن الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش ومكناس.
كما نجد إدراج المدرسة العليا للغات العربية والبربرية بالرباط ضمن مكاتب التعليم الفرنساوي الذي يتمركز في المدن، ولا نجد إشارة لمدارس الرابطة “الإسرائيلية” مع أنها من أقدم المؤسسات التعليمية في البلاد، والتي أنشأت أول مدرسة لها في تطوان سنة 1862، وفي سنة 1880 فرضت فيه تعليم اللغة الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والإيطالية إلى جانب العربية والعبرية (“المنهاج التربوي بالمدرسة المغربية زمن الحماية الأسس والوظائف” للأستاذ محمد بلكبير).
وكانت الجريدة الرسمية قد أشارت في العدد الثالث بتاريخ: 23 مايو 1913، ص:20، إلى التعليم العمومي تحت عنوان: (التعليم العمومي) جاء فيه:
“مدارس الصويرة
يؤخذ من تقارير القنصلية المتصلة بإدارة السفارة العامة أن تعيين مدير جديد لمدرسة الصبيان الفرانسوية العربية بالصويرة نتج عنه زيادة عدد التلاميذ من 18 إلى 36 في بضعة أسابيع، وقد اضطرت المدرسة لرفض عدد من الطلبة بسبب ضيق محلاتها، وقد اتخذت الاحتياطات لنقل المدرسة في شهر أكتوبر القادم لمكان أوسع وأنسب لمركزها، وهو معد لها منذ زمن طويل، وسيضاف إلى المدير أستاذ آخر، وقد طلب عدد من الوطنيين فتح مدرسة صناعية للبنات يمكن لبناتهم فيها درس الحرف مع اللغتين الفرانسوية والعربية.
والمدارس الفرانسوية على تقدم، فمدرسة البنات التي أنشئت في أول أبريل فيها الآن 30 طالبة والضرورة تدعو لأستاذة أخرى فيها، ومدرسة الصبيان 100 تلميذ مقسومة على ثلاثة أساتذة، وقد أرسل مفتش التعليم الابتدائي إلى الصويرة لحل جميع الصعوبات التي تهم مستقبل المدارس هناك” انتهى منه بنصه.
سلطات الاحتلال تحتاج لمترجمين
وتجدر الإشارة إلى الحاجة الملحة لسلطات الحماية إلى مترجمين مدنيين وشرعيين لم يكن المستقدم من تونس والجزائر بكاف، مما استوجب توسيع المدرسة العليا لتعليم الآداب واللغات العربية والبربرية بالرباط، التي أناط بها قرار الصدر الأعظم الخاص (بشأن تنظيم هيئة المترجمين المدنيين) المنشور في الجريدة الرسمية عدد2 بتاريخ: 26 مايو 1913 والتي جاء في فصله الرابع ما يلي:
“إن التلامذة المترجمين يتعلمون في المدرسة العليا لتعليم الآداب واللغات العربية والبربرية الكائنة بالرباط صناعة الترجمة ويزيدون تضلعا فيها، فيما يتعلق بالفنون المتنوعة التي حفظوها سابقا، وتكون مدة تعليمهم عامين، وفي أشهر الراحة ربما تكلف التلاميذ المترجمون بالترجمة في إدارة من إدارة الإيالة”.
كما جاء في الفصل الرابع عشر:
“إن المترجمين الشرعيين لا يعينون إلا من طائفة المترجمين المدنيين والعسكريين الذين لهم شهادة خصوصية بالترجمة الشرعية تصدر من المدرسة العليا لتعليم الآداب واللغات العربية والبربرية بالرباط، وكل ما في هذا القرار من قواعد الترقي والتأديب والإعفاء المتعلقة بالمترجمين الرسميين يتعلق بهم، وأما تعيين الدرجات والترقيات فقد يصدر قرار بذلك مستقبلا.
وقد بين قرار الصدر الأعظم المحدد شروط القبول بالامتحانات للتلامذة المترجمين والمعاونين، المرفق بالسابق في الفصل الثاني كما يلي:
أن يكون الطالب فرانساوي الجنس أو من رعية فرنسوية أو مغربية، وأن يكون عمره 18 سنة وأقل من 25 سنة، وأن يكون ذا معرفة حسنة فيما يتعلق بالتعليم الإجمالي، ويجب عليه أن يحضر دلالة على ذلك إجازة للتعليم الثانوي الفرنساوي أو شهادة بالكفاءة على التعليم الابتدائي أو إجازة العلوم الابتدائية العليا أو الشهادة الثانية للعربية الصادرة من المدرسة العليا لتعليم الآداب واللغات العربية والبربرية بالرباط، أو الإجازة العربية العليا الصادرة من المدرسة العليا بالجزائر في الطبقة السادسة”.
ويعبر هذا التوجه عن سياسة العملية التأهيلية للوسطاء بين الغازين والمغزوين والمتمثلة في إيجاد يد عامل مدربة في مختلف المجالات الخدمية كما سنرى لاحقا في أنواع المؤسسات التعليمية المحدثة بالمغرب، كما تجدر الإشارة إلى توقف المدرسة العليا بالرباط في السنة المدرسية 1914-1913 بسبب الحرب، كما جاء في الجريدة الرسمية عدد:144، 21 يناير 1916.
تنظيم دائرة المعارف
في 12 يوليوز 1915 صدر بالجريدة الرسمية عدد:115 قرار وزيري يتعلق بتنظيم أحزاب موظفي إدارة المعارف، يتكون من 25 فصلا.
وحسب الفصل الأول: (تتألف أحزاب موظفي إدارة المعارف من الطبقات الآتية، زيادة على الموظفين الذين يمكن ترشيحهم وتكليفهم بالدروس الخصوصية التي يمكن تنظيمها فيما بعد.
أولا: موظفو المدرسة العليا للغات العربية والبربرية، وموظفو التعليم الثانوي.
ثانيا: موظفو التعليم الابتدائي.
ثالثا: المعينون الأهليون).
ومما جاء في الفصل الرابع والعشرين:
“يبقى موظفو التعليم بالمغرب ممتثلين للضوابط الصادرة بفرنسا بشأن تعيين ساعات الخدمة لكل طبقة من الأساتذة أو المعلمين ولاسيما للضابط المدرسي الأصلي الصادر في 18 يناير 1887، أو القرارين الوزيرين الفرنساويين الصادر أحدهما في الخامس والعشرين 4 غشت 1892، والثاني في 11 نونبر 1902.
ومما يستغرب له عدم التنصيص على جواز تقلد المتعلمين بالقرويين أو غيرها من الجوامع مناصب التدريس أو التدبير بالمؤسسات التعليمية، مع العلم إجازة ذلك للقادمين من المدرسة الصادقية بتونس والمدرسة العليا بالجزائر، كما في الفصل العاشر لا لتعليم الترجمة ولا لتعليم علم من علوم العربية على أقل تقدير.