«البكالوريا الفرنسية» وعودة هيمنة الفرنسية على التعليم المغربي
هوية بريس – متابعة
الأربعاء 26 فبراير 2014م
عاد الجدل من جديد للواجهة حول موضوع إدخال “البكالوريا الدولية الفرنسية” للتعليم العمومي، والسيادة التعليمية للمغرب، خاصة بعد توقيع اتفاقية في الموضوع بين كل من وزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، ونظيره الفرنسي “فانسان بييون” بحر الأسبوع الماضي. فضلا عما تم من تصريح مشترك بينهما يروم دعم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا ونظام التبريز، إضافة إلى تصريح بالنوايا في ميدان التكوين المهني، وفقا لموقع الإصلاح.
وتنص الاتفاقية على إدخال نظام “باكالوريا دولية فرنسية” إلى التعليم العمومي المغربي، مع التنصيص على استفادة المغرب من الدعم التقني الفرنسي والخبرة الفرنسية في مجالات الهندسة البيداغوجية وتكوين الأساتذة والتقويم والإشهاد، لدعم البكالوريا الدولية- شعبة فرنسية.
وفي صلة بهذا الجدل العائد حول الموضوع، أعلن الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية أنه كلف لجنة من مكتب الفريق لإعداد تقرير مفصل حول آثار مضمون المراسلة الموجهة لمدراء الأكاديميات المتعلقة بإحداث أقسام خاصة بالجذوع المشتركة العلمية والأدبية التي ستشكل ما يسمى “بالباكلوريا المغربية الدولية”، في أفق المواسم الدراسية 2013-2014 و 2014-2015 و 2015-2016، وأكد الفريق في بلاغ عقب اختتام دورة أكتوبر البرلمانية أنه سيعكف على تقييم وبحث مدى انسجام هذه الخطوة مع التوجهات الدستورية في مجال تدبير المسألة اللغوية ومع توجهات البرنامج الحكومي في هذا المجال، وتأثيرها على مستقبل الباكالوريا المغربية الوطنية وآثارها على متابعة الدراسة الجامعية للطلبة المغاربة الحاملين لها في الجامعات الفرنسية والدولية، ومدى ملائمة مضامينها مع الحصص القانونية الحالية المنظمة لامتحانات نيل شهادة الباكالوريا والمذكرات ذات الصلة.
يذكر أن هذه البكالوريا دخلت حيز التنفيذ ابتداء من الموسم الدراسي الحالي 2014-2013 بست مؤسسات تعليمية بالسلك الثانوي التأهيلي بكل من مدن الدار البيضاء والجديدة وأكادير ومراكش وطنجة، في أفق تعميمها على 83 نيابة إقليمية للتعليم ابتداء من الموسم الدراسي 2015-2014. وذلك بالتعاون مع المراكز الثقافية الفرنسية في المغرب وعددها 11 مركزا.
وحسب إفادة مصادر تعليمية فإن هذا النظام الجديد سيعتمد تدريس المواد العلمية للتلاميذ، الذين سيتم اختيارهم في الثانويات التي ستعتمده باللغة الفرنسية، بينما يتم تلقينها في الأقسام الأخرى باللغة العربية.
وأضاف نفس المصدر أن مشروع هذا الاتفاق كان الحديث يجري حوله لما كان محمد الوفا وزيرا للتربية الوطنية، وأنه كان غير متحمس كثيرا لإتمامه نظرا إلى “حساسيته المفرطة”، لما للموضوع من صلة ب “السيادة التعليمية المغربية”، لكونه يكرس واقع تغلغل اللغة الفرنسية أساسا في النسيج التربوي المغربي، وكذلك في الحياة العامة”.
من جانبه، نبه دحمان عبد الإله، رئيس المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة، إلى خطورة اعتماد هذه “البكالوريا الدولية” وذلك على المستوى المنهجي حيث صرح دحمان ل “التجديد” بكون الوزير بالمختار أنزل قرارا فوقيا وبشكل انفرادي، ولم يعتمد أي مقاربة تشاركية للهيئات التربوية في قضية تمس النظام برمته وأنه لا يمكن لأي سلطة مهما علت أن تنفرد بالتقرير في هذا الملف الحساس.
خطوة استنباث “بكالوريا الدولية الفرنسية” حسب دحمان، لا تخرج عن سياق التمكين للعقل الفرانكفوني المتغلغل أصلا داخل المنظومة التربوية، وأنه كان على الوزارة فتح نقاش في الموضوع وإعمال مقاربة تشاركية ومنفتحة، في موضوع يقع -حسب المتحدث- خارج إطار الخطاب الملكي الأخير في موضوع التعليم والذي تحدث عن ضرورة إنجاز إصلاحات بنيوية وهيكلية. وحسب الفاعل الحقوقي والمدني فإن القرار يعمق من المشاكل التربوية ولا يحل أيا منها، مع إشارته إلى أهمية الانفتاح على التجارب المختلفة شرط أن تكون ناجحة وان يتم التشاور حولها.
يشار إلى أن مراسم حفل التوقيع حضرها سفير فرنسا بالمغرب ومرافقو الوزير الفرنسي والكتاب العامون لقطاع التربية الوطنية وقطاع التكوين المهني إلى جانب بعض المديرين المركزيين.