قراءة في كتاب: «العَلمانيّون العرب وموقفُهم من الإسلام»
طيب العزاوي
هوية بريس – الأربعاء 05 مارس 2014م
العنوان: العَلمانيّون العرب وموقفُهم من الإسلام.
المؤلف: الشيخ مصطفى باحو -مدينة سلا-.
الأجزاء: مجلد في (400) صفحة، محتوياته كالتالي:
تقديم: بيـَّن فيه الشيخ حفظه الله أن الكتاب خصَّصه للحديث عن حقيقة نظرة العلمانيين للإسلام وموقفهم منه، بعيدا عن التمويه الإيديولوجي والتزييف الإعلامي الذي يمارسه الخطاب العلماني، وليُبَيِّـن فيه أن الموقف العلماني من الإسلام مضمرٌ برُؤيةٍ استشراقيةٍ دونيةٍ.
يقول الشيخ حفظه الله: “فهو في نظرهم يقوم على أسس خرافية أسطورية لا عقلانية، وهو مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري نحو الفكر العقلاني الوضعي الذي يرى الأديان مجموعة من الأوهام التي صنعها البشر البدائيون لتبرير عجزهم أمام ظروف الطبيعة القاهرة، وأن الإسلام -بزعمهم- دين البداوة والخيمة والقبيلة، وبالتالي لم يعد صالحاً لمجتمعات الطاقة النووية والخلايا الجذعية والإنترنت”.
ثم بيـَّن الشيخ حفظه الله أن رؤيتَهم تلك تنطلق من أساسٍ دهريّ، وهو أن الإسلام دينٌ بشريٌّ، فالخطاب العلماني يقف على أرض إلحادية لا تؤمن بوجود إلهٍ ولا تعترف بدين، ويتظاهر بكونه لا مشكلة له مع الدين، وأنه يكفل حرية الاعتقاد للجميع!!
يقول الشيخ حفظه الله فاضحا حال العلمانيين في دعوتهم: “وأغلب رموز العلمانيين يصرِّحون بعلمانيةٍ صارخةٍ لا دينية، كأركون وعادل ضاهر وعزيز العظمة وهاشم صالح وطيب تيزيني ونصر أبي زيد، ويرفضون التمسح بالدِّين بأي شكل من الأشكال، بل ينتقدون علمانيين آخرين يحاولون البحث عن جذورٍ إسلاميةٍ للعلمانية أو الاحتجاج بالنصوص الدينية، ويعتبرون هذا تنازلا خطيرا وانبطاحاً لا مبرر له، بينما يفضل آخرون الهجوم مرة والتراجع أخرى في انتظار تهيؤ الأجواء للهجوم النهائي، يمثل هذا الاتجاه حسن حنفي وخليل عبد الكريم والعشماوي وآخرون.
ولا خلاف بين الطائفتين -يقول الشيخ- إلا في التكتيك، وهل حان نقد الدين الإسلامي ونقضه وتجاوزه؟ أم أن الجو العام والخشية من ردود أفعالٍ جماهيريةٍ غاضبة ترجع على المشروع العلماني بالضعف تحتم اعتبار المرحلة وظروفها وملابساتها في الحسبان؟”.
ثم ذكر الشيخ المباحث التالية مع البيان والتمثيل: هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية؟ لا حجة في الوحي -عند العلمانيين-. الذئب الوديع. استحالة اجتثاث الدين من المجتمع.
العلمانية ومحاربة الدين:
وبيَّن فيه الشيخ حفظه الله لجوء العلمانيين إلى تأسيس خطاب خداعيٍّ تمويهي مخاتل ومراوغ لموقفهم من الدين، يقول الشيخ حفظه الله: “ورغم محاولة بعض العلمانيين إظهار أنفسهم أنهم ليسوا ضد الدين وأنهم يقفون منه موقفا محايدا، إلا أنه بالتأمل في تصرفاتهم وأطروحاتهم يتبين أنهم يقفون منه موقف المعاند والمحارب له، ولا يعدو الأمر أن يكون مرحلة من مراحل التحذير والمواجهة . بل لا يعدو الأمر أن يكون شراكا خداعيّا يتمترس به الخطاب العلماني بقصد التمويه والمخاتلة من باب ذَرِّ الرماد في العيون”.
وضرب الشيخ أمثلة على مكرهم وكيدهم، وممَّا استغربتُ فيها قول العلماني المغربي أحمد عصيد: “إن الدين مرحلةٌ من مراحل التطور العقلي للبشرية، بدأت بالأسطورة ثم بتعدد الآلهة، ثم التوحيد، ثم العقل العلماني المعاصر” العلمانية مفاهيم ملتبسة 338.
ثم ذكر الشيخ المباحث التالية:
1)- يجب نقد الإسلام في حد ذاته، وهو واجب مقدس: ومن الطّامّات والمصائب الكثيرة التي نقلها الشيخ حفظه الله، قولُ العلماني القمني: “إن شرط العلمانية هو السماح بالنقد الموضوعي دون حدود ولا سقوف حمراء، لذلك أفهم أن تكون مسلما أو مسيحيا وأن تكون أيضاً علمانيا، أي أنك لا تفرض دينك على غيرك، وتقبل نقد دينك، لأنه لا دليل على صدقه”. وقول العلماني هاشم صالح: “لماذا لا يحق لنا أن ننقُد الدين، ونصول ونجول في كل القضايا الدينية من دون أن يزعجك أحد”.
2)- نقض أصول الإسلام وطعن فيه: ومما جاء فيه من الخبث قولُ العلماني عزيز العظمة: “وليس الدين والتراث أفيونا للشعوب لأنه مخدرٌ لها بأفكار أخروية ووعود سماوية فحسب، بل أيضاً وأساسا لأنه اغتصاب للواقع وتغييبٌ للآن”.
3)- الإسلام عند أركون سلسلة من التلاعبات والاستخدامات الاستغلالية: وفيه قول العلماني أركون: “ونحن نعلم أن كلمة “إسلام” هي كليّا وبدون أي تردد أو حصر عبارةٌ عن سلسلة من التركيبات المصطنعة، والتلاعبات والاستخدامات الاستغلالية التي يقوم بها البشر (الإنسان) بصفتهم فاعلين حاسمين وشبه حصريين للتاريخ الأرضي المحسوس”.
4)- والإسلام متعصب ويحتكر الحقيقة: ومما جاء فيه من الضلال قولُ العلماني علي حرب: “إن الإسلام في حد ذاته يؤول إلى التعصب والضيق والإلغاء والإرهاب”.
5)- يجب تفكيك كل العقائد والثوابت الإسلامية والإطاحة بها: ومن الخُزَعْبلات التي ذُكرت فيه قولُ العلماني هاشم صالح: “هناك ركام هائل من اليقينيات المطلقة المعصومة التي تنتظر أن تفكك ويطاح بها، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: كل التصورات المثالية العذبة، ولكن اللاتاريخية التي يحملها عامة المسلمين عن بدايات الإسلام الأولى، وعن كيفية تشكل المصحف، وكتب الحديث، والسيرة النبوية، وشخصيات الأئمة والصحابة والسلف والتابعين وتابعي التابعين … إلخ، إن كل هذا ينبغي أن يغربل غربلةً شديدة على ضوء منهج الشكِّ الديكارتي”.
6)- تجاوز الدين والمفاهيم الدينية وإقصاؤها: ومن الدَّواهي التي جاءت فيه قولُ العلماني خليل حيدر: “القرآن والسنة إن صلحا لعصرٍ فلن يصلحا لنا الآن”.
7)- السخرية والتكذيب والتشكيك بعقائد وشرائع وثوابت دينية: وفيه من النَّوائب ما يستحيي المسلم من ذكره.
أصل الدين والإسلام: في هذا الفصل؛ وبعد أن بين الشيخ حفظه الله إجماع علماء الاجتماع الغربيين على أن الأديان صنعٌ بشريٌّ محض، ذكر تلقُّف العلمانيين العرب لهذا الكفر البواح الذي يكذب القرآن والسنة، بل والأديان كلها وترويجَهم له، وذكر منهم: عبد المجيد الشرفي وفرح أنطون وأبو القاسم حاج حمد وزكي نجيب ونوال السعداوي والمغربي أحمد عصيد القائل: “لقد تطور العقل البشري من الإيمان بالخوارق والأساطير إلى التنظيم المعقلن للحياة، وعبر ذلك انتقل من الآلهة المتعددة إلى الحاكم والإله، ثم التوحيد السماوي ليستقر عند اكتشاف قدراته العقلية والتمتع بمغامرة البحث عن الحقيقة خارج الثوابت المطلقة”-العلمانية مفاهيم ملتبسة337-.
ومنهم: رفعت السعيد وشبلي شميل ومحمد أركون وعبد الخالق حسين وفالح مهدي وعصام الدين حفني ناصف والقمني والعفيف الأخضر-وقد ذكرت أسماءهم للتحذير منهم-.
وقد ذكر الشيخ حفظه الله بعض أباطيلهم وترهاتهم مع نسفها -وإن كانت منسوفةً أصلا عند كل عاقل نبيه فضلا عن كل مسلم فقيه- وقد جعلها تحت العناوين التالية:
1)- حقيقة الأسطورة.
2)- الدين الإسلامي مليء بالأساطير!!
3)- عيد الفطر وعيد الأضحى ما هما إلا تجسيد لأساطير قديمة!!
4)- الدين وشرائعه مجرد تخيلات للبشرية!!
5)- الإسلام ليس إلا عقائد يهودية ومسيحية وجاهلية وإغريقية ألفها محمد وجمع بينها في إخراجٍ من نوعٍ خاصٍّ!!
6)- الإسلام حزبٌ هاشميٌّ أسسه جد النبي عبد المطلب وأكمله محمد !!
ثم جاءت باقي الفصول كالتالي -وتحت كل فصل عناوين، وتحت كل عنوان أباطيل وأكاذيب ومصائب تَقْشَعرُّ منها الأبدان، نقلها الشيخ حفظه الله من كتب العلمانيين- وهي: -العقائد الإسلامية -عقائد مختلفة -القرآن الكريم -السنة -النبوة -العبادات -المعاملات -الأخلاق -علوم الإسلام -موقف العلمانيين من علماء الأمة: ومنهم الصحابة رضوان الله عليهم.
وشهد شاهد من أهلها: وهو من أنفس الفصول، إذ يُجلي بوضوح اضطرابَ المفاهيم العلمانية وتناقضَها وتعارضَها حتى بين حَملَتها ودعاتها، فهذا يثبت شيئا على أنه محض العقلانية والتنوير، وذلك يبطله بل لا يرى فيه إلا الظلامية والتحجر، بل ويفضح بعضهم بعضا، فصدق فيهم قول ربنا عز وجل: “بَأسُهم بينهم شديد، تحسبُهم جميعاً وقلوبهم شتَّى، ذلك بأنهم قومٌ لا يعقلون”.
فهاك بعضَ الأمثلة أخي القارئ النبيه -مع ذكر المصادر- حتى تكون على بينة من الأمر:
1)- العلماني صنيعة الغرب: ومما جاء في هذا المبحث قولُ العلماني علي حرب عن إخوانه العلمانيين: “المثقف العربي هو صنيعة الغرب بمعنى من المعاني”. وقوله: “هكذا فإن المثقف العربي الحداثي يقع في المطب، أعني أنه يلعب اللعبة التي يفرضها عليه الغرب”. – الممنوع والممتنع 213-214.
2)- فقدت العلمانية مصداقيتها: ومما جاء فيه قول العلماني علي حرب: “إن مقولات التنوير والتقدم والتحديث والعلمانية لم تؤتِ ثمارها، بل هي فقدت مصداقيتها وغدت مجرد أسماء يتعلق بها الدعاة المحدثون كما يتعلق المؤمن باسم ربه” نقد النص 218. وقوله: “إن علاقة المثقف بالواقع حيث جُربت أفكاره كانت علاقةً سلبيةً عقيمةً، بل مدمرةً في معظم الأحيان” أوهام النخبة 48.
3)- دفاع العلمانيين عن أنظمة دكتاتورية: ومما جاء فيه قولُ العلماني علي حرب: “إن أكثر المثقفين العرب قام نضالهم بوجه من وجوهه على الدفاع عن أنظمةٍ ودولٍ كان هاجسها نفي أو تصفية أمثالهم أو زملائهم” الممنوع والممتنع 168.
4)- مشاريع العلمانيين أسطورية ووهمية: ومما جاء فيه قولُ العلماني علي حرب: “إن تعثر العقلانية وتراجع الاستنارة وفشل العلمانية كل ذلك إنما مرده أن أصحاب الشعارات الحديثة قد تعاملوا مع علمانيتهم بصورة لاهوتية، وتعلقوا بالعقل على نحوٍ أسطوريٍّ، وتعاطوا مع عصر التنوير بطريقة تقليدية أصولية غير تنويرية” أوهام النخبة 112.
5)- الخطابات العلمانية محكومة بسلف: ومما جاء فيه قولُ العلماني عبد الله العروي: “ما من أحدٍ من الكُتاب العرب يصف واقعاً ما بدون نظرةٍ قبليةٍ”. وذكر أنه لا يوجد مفكر عربيٌّ سليمٌ كليّاً من الأفكار الخارجية. الإيديولوجية العربية المعاصرة 181.
6)- العلمانية تقوم على إقصاء الآخر ونفيه: ومما جاء فيه قولُ العلماني تركي علي الربيعو عن تحليلات المثقفين -العلمانيين- العرب: “هي تحليلاتٌ تقوم على نفي الآخر وإقصائه، إنها ثقافة إقصاء لمـَّا نتخلص منها بعد. فالإسلاميون عموماً تكفيريون ورجعيون ولا فائدة منهم إلا بإقصائهم، بهذا يكشف التنويري العربي عن انحيازه المسبق وعن شعاراته الجوفاء التي تحيلنا إلى نتيجة أن هناك ديمقراطيةً لم يمل المثقف من رفعها كشعار، ولكن بدون ديمقراطيين”- الحركات الإسلامية 136.
7)- العلمانيون سلطويون مصلحيون استبداديون: ومما جاء فيه قولُ العلماني علي حرب: “هكذا فالمثقف -أي العلماني- يزعم بأنه يعمل على مقارعة السلطة السياسية فيما هو يعمل على منافستها على المشروعية، وهو يدعي القيام بتنوير الناس وتحريرهم، فيما العلاقات بين المثقفين ليست تنويريةً ولا تحرريةً، بل هي علاقاتٌ سلطوية صراعيةٌ سعياً وراء النفوذ، أو بحثاً عن الأفضلية، أو تطلعاً إلى الهيمنة والسيطرة، وأخيراً فالمثقف يدعي التجرد والنزاهة والانسلاخ دفاعاً عن قضية الأمة ومصالح الناس، فيما هو يمارس مهنته ويدافع عن مصلحته أو يلعب لعبته ويجرب فكرته، إنه يدعوك إلى التحرر من سلطة رأس المال، في حين هو يراكم رأسماله ويثبت سلطته” أوهام النخبة 58.
8)- الخطاب العلماني يتستر خلف شعارات لتحقيق أهدافه: ومما جاء فيه قولُ العلماني علي حرب عن المثقف العلماني ومكره ومخاتلته وخداعه: “يتكلم على أشكال التسلط أو على آليات التلاعب بالحقيقة، أعني أنه يخفي حقيقتَه وسلطتَه، ويتستر على فعله وأثره، ويتناسى مخاتلته وألاعيبه، وهكذا فالمثقف يعلن انحيازه إلى المقهورين في مواجهة سلطة القهر، فيما هو يشكل سلطته ويمارس سيطرته، أو يعلن أن شاغله هو كشف الحقائق، فيما هو يصنع حقيقته عبر نصه وخطابه، أو هو يحدثنا عن حُلمه بمجتمعٍ تنويريٍّ تحريريٍّ قائمٍ على المساواة، فيما هو يمارس نخبويته، ويحجب إرادته في التفرد والتمايز”.
وقوله: “طبعا إن المثقف يقدم نفسه عادةً بوصفه صاحب رسالة وليس صاحب غاية خاصة أو منفعة مباشرة، فهو يعلن بأنه لا يبتغي سلطةً، وإنما يدافع عن القيم والمقدسات، وهنا وجه الخداع والمخاتلة، فمهنة المثقف هي مهنةٌ قوامها أن تخفي حقيقتها، أي كونها تشكل مهنةً ومصلحةً، أو تعمل على تشكيل سلطةٍ خاصة” أوهام النخبة 56-57.
9)- العلمانيون العرب مقلدون مستنسخون: ومما جاء فيه مؤاخذة العلماني كمال عبد اللطيف على أصحابه أن كتاباتهم تتضمن كثيراً من الحماسة الإيديولوجية وقليلا من النظر النقدي، أو ما سماه: عملية النسخ والاستعادة. التفكير في العلمانية 16.
ثم جاءت باقي العناوين على النحو التالي:
10)- من صفات العلمانيين.
11)- العلمانية في شقها الماركسي بشهادة علمانيين ماركسيين وغيرهم.
12)- رأي العلمانيين في فؤاد زكريا.
13)- موقفهم من نصر حامد أبي زيد.
14)- موقفهم من صادق جلال العظم.
15)- موقفهم من أركون.
16)- حسن حنفي.
17)- طيب تيزيني.
18)- محمد عابد الجابري.
19)- عبد الله العروي.
20)- علمانيون آخرون .
وكلها تفضح مكرهم وكيدهم وتلونهم واضطرابهم…
ذ. طيب العزاوي