قراءة في «تصريحات السفير الفرنسي المُهينة»
الجيلالي الدكالي
هوية بريس – الخميس 06 مارس 2014م
قال أحد الخبراء الفرنسيين: «بكل وضوح، فإن المغرب بقرة حلوب يمكننا الاستفادة من عطائها بدون إحراج» كتاب: «مولاي أنا مدين لكم» لبيير توكوا، بواسطة الأسبوع الصحفي، (ع.736).
هذا الخبير كان مؤدبا في تعبيره مع ما تحمله العبارة من معاني الاستغلال الكامل لخيرات المغرب، وهي حقيقة صارخة وواقع مفروض تعامل معه المغاربة بسلام وبحسن نية، لكن هذه العقلية المتسامحة تكون في الغالب ذريعة للمزيد من الإهانة، وقد طالت بنا الإهانة حتى سمعنا «جيرارد أرو»، سفير فرنسا في الأمم المتحدة، يقول عن «هذه البقرة الحلوب»: «النظام المغربي مثل العشيقة، نجامعها كل ليلة ولا نحبها، ولكن ندافع عنها» هذه التصريحات المُهينة تعبر عن الشخصية المتعالية التي تعتبر المغاربة عبيدا لهم، ولا قيمة لهم إلا أن يكونوا خدما تحت تصرف فرنسا، الدولة التي لها تاريخ أسود في احتلال المغرب ونهب خيراته وقتل شعبه بلا رحمة ولا شفقة.
الفكرة الاستعمارية تنطلق عند هؤلاء القوم من الشعور بالاستعلاء والتفوق المادي الذي يبيح لهم تبرير بسط السيطرة والنفوذ على الدول الضعيفة المغلوب على أمرها، ولذلك أباحوا لأنفسهم كل ما يمكنهم من التحكم في رقاب العرب.
وفي نهاية العام 2011، نفاجأ بهذا التصريح الذي نقرأ من خلاله أن الفرنسي لا يعترف بشيء اسمه السيادة المغربية أو الدولة المغربية، وهو التدخل السافر في الشأن الداخلي للمغرب فيما قاله وزير الخارجية الفرنسي «ألان جوبي» عند نجاح حزب العدالة والتنمية في انتخابات 25/11/ 2011، قال: «إنه سيكون من خطأ فرنسا ألا تتحدث إلى أعضاء ذلك الحزب الفائز بحوالي ربع مقاعد مجلس النواب، والمرشح لرئاسة الحكومة في المغرب، ما داموا لا يتجاوزون الخطوط الحمراء التي هي خطوطنا، أي احترام الانتخابات ودولة القانون وحقوق الإنسان والمرأة» السبيل، ع.112.
فما هذا الاستخفاف والاحتقار والتدخل السافر في إرادة المغاربة؟
إن ما نطق به «أرو» ليس إلا استمرارا لمسلسل الإهانة الفرنسية للشعب المغربي، وليس إلا خوفا من عودة الشعب المغربي عودة حقيقية إلى الإسلام والعمل بكل أحكامه، فقد كتب الجنرال «ليوطي» لحكومته (في مغرب الحماية) قائلا: «ليس هناك بالنسبة لنظامنا أسوأ من قيام دولة إسلامية» عبد الهادي بوطالب، ذكريات وشهادات ووجوه، ج.1، ص.42.
والناظر في تعامل فرنسا مع الأزمة المالية ومع الأزمة في إفريقيا الوسطى، وكيف تفاعلت مع الوضع في الدولتين بسياسة الكيل بمكيالين، يرى ويقف على هذا الخوف من الإسلام.
قضية أخرى نقرأها في تصريح السفيه الفرنسي، وهو الحقل المفاهيمي الذي يمتح منه مصطلحاته، والذي ينتمي إلى الحقل الجنساني، ولذلك فهو لم يجد ما يعبر به عن كبته الجنسي إلا بالطعن في شعب عريق يقدس العرض ويموت دون شرفه ودينه، وهو تعبير أيضا عن قيمة الإنسان الفرنسي الذي فتحنا له الأرض سائحا ليتعرف تراث المغرب وحضارته، ولكنه في واقع الأمر ما هو إلا سائح جنسي منخرط في منظمة نشر الدعارة والجنس في مجتمعنا المغربي الطاهر.
هكذا صار المغرب بالنسبة إلى فرنسا بقرة حلوبا وعشيقة وسياحة جنسية وشعبا فاقدا للسيادة، وفاقد السيادة لا يكون إلا عبدا مطيعا لسيده.
هذه هي الثقافة الحقيقية التي تؤمن بها فرنسا، ثقافة استعباد الشعوب، ودعك من مبدأ الحرية الذي تتشدق به، ومبدأ الأخوة والمساواة الذي تتفنن في تزويقه وتسويقه، لكن ما في الميدان على خلاف العنوان، فهل يستفيق أصحابنا العلمانيون المغاربة من سكرتهم وتبعيتهم العمياء لما يسمونه «الفكر التنويري والنهضوي» المزور؟
نحن مطلبنا واضح وهو أن ترفع فرنسا يدها عنا، لا نريد منها شرحا للموقف ولا اعتذارا ولا أسفا، فكل هذا لا يداوي الجرح النازف الذي تركته هذه الدولة الاستعمارية في جسد هذا الشعب المغربي المغلوب على أمره.