الإعلام والتعليم والقانون في قبضة العَلمانيين
بوجمعة حدوش
هوية بريس – الخميس 06 مارس 2014م
لا شك أن أي إنسان أو حركة أو هيئة أو أي تيار أو دولة أو أي تنظيم كان، إذا توفرت لديه القدرة على السيطرة واكتساح ميدان الإعلام والتغلغل وتغيير المواد والمقررات كيفما شاء في مجالات التعليم، وصياغة البنود والقوانين والإجهاز عليها في الدساتير والقوانين، فإنه يستطيع وبكل سهولة السيطرة على أفكار المجتمعات إلى حد كبير، وطرح كل معتقداته وأفكاره بغض النظر عن صحتها أو بطلانها، وتغيير أفكار المجتمعات، بل وجعل قناعاتهم الصحيحة عندهم خاطئة، والخاطئة منها صحيحة.
وهذا ما حاول العلمانيون المغاربة القيام به والحصول عليه، فقد حاولوا -منذ سنين- وما زالوا يحاولون السيطرة على كل وسائل الإعلام المختلفة، لأنها الوسيلة الأولى التي تمهد لهم الطريق للسيطرة على التعليم ثم القوانين، لذلك عملوا على إشاعة أفكارهم وقناعاتهم عبر وسائل الإعلام المختلفة مُظهِرين إياها في صورة لائقة تجعل المغربي المسلم العادي يقبل بها ويتقبلها، لذلك فقد كانت لهم مراحل تدريجية حتى يستطيعوا علمنة الأعلام المغربي وهي كالآتي:
– مرحلة طرح الأفكار دون تأكيدها: كقول القائل: “نحن لا نقول سوى ما يقوله الآخرون، ننقل فقط صدى المجتمع”.
– مرحلة المناقشة: من معي ومن ضدي، بمعنى حريتي في التعبير، فمن معي فذاك، ومن ضدي فله الحق أن يقول ما شاء، غير أني أقول ما أشاء!
– مرحلة التعميم: نشر هذه الأفكار على المستوى الاجتماعي بحيث تصل إلى الرجل العادي بثوب يقبله.
– مرحلة الترسيخ: حيث تصبح الأقلية تتحكم في الأكثرية، من حيث يعتقد الأكثرية بأنهم أقلية في معتقداتهم، بحيث تصبح الأقلية مسيطرة على زمام الأمور خاصة في ميدان الإعلام (الجرائد والتلفاز…) وميدان المال والسينما”(1).
وهذه الخطوات لا يقوم بها إلا من يريد زعزعة وطمس قيم المجتمعات المحافظة، فعندما وجد العلمانيون أنفسهم قد سيطروا على قطاع كبير من الإعلام من خلال هذه المراحل، وجهوا وجهتهم إلى التعليم، فبدأوا يشجعون بل “يناضلون” على تغيير المواد والمقررات الدراسية التي لا تناسب التحديث والعصرنة -في زعمهم- بأخرى أكثر حداثة وعصرنة من أجل مواكبة التقدم والرقي، لذلك قاموا بالتضييق على التعليم الإسلامي وعلى مادة التربية الإسلامية، في المقابل قاموا بإبدالها بمقررات فلسفية لا تتفق معظمها مع معتقدات الشعب المغربي المسلم، كما شجعوا على الاختلاط في المدارس بحجة انفتاح الجنسين على أفكار الآخر والتعاون وتحقيق المساواة بينهما.
ثم بعد سيطرتهم الشبه تامة على الإعلام والتعليم، حاولوا تغيير عدة بنود وقوانين في الدساتير وفي مدونة الأسرة، فتمكنوا من تبديل بعضها وفقا لتصوراتهم، كالبند الذي يمنح للفتاة تزويج نفسها دون إذن وليها.
فكان من نتائج علمنتهم للإعلام والتعليم والقانون هو مقاربتهم لعلمنة المجتمع المغربي، حيث أصبحت شوارع المدن المغربية تنبئ عن مدى تأثير وتغلغل العَلمانية في المجتمع، لا من حيث الاختلاط ولا من حيث طريقة اللباس وقصات الشعر بالنسبة للذكور والإناث، كما أن الشواطئ المغربية تنبئ عن ذلك التردي الأخلاقي الخطير، أما من حيث الأفكار، فقد تغير لدى البعض كثير منها، فتجده يدافع عن أفكار العلمانيين من حيث لا يدري، فيصف الملتزمين والمتدينين بالمتزمتين والظلاميين، وغير ذلك من آثار هذه العلمنة التي تكفي نظرة واحدة في المجتمع عن سردها وإيضاحها.
وهذا لا يعني أن المجتمع المغربي المسلم قد وقع فريسة في قبضة العلمانية، وأنه انسلخ من بعض قيمه وأخلاقه الإسلامية اقتناعا منه بالعلمانية، بل الشعب المغربي مازال محافظا على تدينه ودينه وقيمه وأصالته، إلاّ أن قوة العلمانية حاولت أن تجعله ينسلخ عن قيمه وأخلاقه وقد كان بعضا من ذلك لكن عن غير اقتناع منه بذلك، ولا رضا منه على ذلك، فعما قريب سيكتشف زيف هذه العلمانية المعادية لدينه، وسينفض ترابها عنه ويعود كما كان في سالف عهده إلى دينه الوسطي الحنيف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- مقتطف من مقال الحضري لطفي “من النكتة إلى الانغماس في العبثية…”، جريدة السبيل، ص:7، ع:19، صدر بتاريخ: 12 محرم 1428هـ،01 فبراير 2007م.