إلزابيل = مريم، المعادلة الصعبة!!!
عيسى الراشدي
هوية بريس – الإثنين 12 غشت 2013م
في مدينة سلا توفي والد صديقينا العزيزين يوسف وعبد الكريم الدغوش وهو يؤدي صلاة العيد مع المسلمين يوم الجمعة.. هذا في مصلى العيايدة، وقد بلغنا هذا الخبر بعد خطبة العيد مباشرة فقلنا أولا “إنا لله وإنا إليه راجعون”..
وقلنا مباشرة بعد ذلك يا لفرحته ويا لسعادته وحبوره وقد انتقل إلى جوار ربه وعلامة حسن الخاتمة بادية على محياه، تقول للأحياء منا -رغم أنه صار جسدا بدون روح-: “اثبتوا على دينكم، إياكم والتفريط في شرع ربكم، جاهدوا الطغيان وقفوا أمامه بكل قواكم، لا تستكينوا أبدا، بل كونوا عبادا لله حقا”، ولكني حشرت أنفي في موضوع لربما كنت لا أريد الخوض فيه بداية ولكن جرني القلم وجرتني معاناة حسن الخاتمة لأسطر هذه الكلمات في هذا المقال عن هذا الخبر العجيب الذي صار من النادر أن تسمع بمثله في مثل هذا الزمان.
أما الموضوع الذي أردت طرق بابه، فهو خبر وردنا في خطبة العيد، فلقد زف إلينا شيخنا الخطيب المفوه يحيى المدغري في مصلى حي كريمة بنفس المدينة، بشرى إسلام أختنا “مريم” حاليا، “إلزابيل” سابقا؛ بحيث ولدت “إلزابيل” ولادة جديدة، ولادة هي خير من ولادتها الأولى، ولادة نقلتها من العيش في الظلمات إلى أن تحيى حياة وسط النور، وشتان شتان بين الظلمة والنور!!!
لا أريد تدبيج الكلام ولا تزويقه في هذا المقال بقدر ما أريد أن أقف على حقيقة لربما لا تستطيع أي لغة من اللغات توصيفها ولا شرحها، وكأن الكلمات كلها تختنق في صدري فلا يكاد ينطلق لساني بكلمة واحدة، إذ المعنى هنا يغلب المبنى، ولغة الروح هنا تغلب النطق، ولغة القلب والفؤاد تغلب لغة العقل واللسان، وإن أدرت -أيها القارئ الحبيب- أن تقف عند صحة كلامي فاذهب إلى أي شخص أسلم وحسن إسلامه من معارفك أو ممن سمعت بإسلامه، وقل له بالله عليك خبرني بربك عن الشعور الذي انتابك حين قلتها، حين نطقت بها مؤمنا ومعتقدا معناها وفحواها، حين أعلنت للعالم بأسره أنه: “لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله”، إنه معنى أجل من أن يدرك ويستوعب مهما أطال في شرحه وأسهب في تفصيل ذلك الشعور الغريب بالتغيير الحقيقي للإنسان.
وأحسن تعبير وجدته هو أن “إلزابيل” ولدت ولادة جديدة، بحيث صار اسمها الآن “مريم”، ..لربما لم تكن تفكر في الإسلام قط، ولكن في صباح يوم العيد سمعت خشخشة النعال متوجهة صوب تلك الساحة التي عهدتها خالية خاوية على عروشها، حتى المارة لا يفضلون المرور بها خشية أن تتسخ ثيابهم وأن ينالهم من غبارها وترابها ما ينالهم، ولكن في ذلكم الصباح أمر آخر، لربما لم يخطر في بالها قط، وبعدها بقليل سمعت تكبيرات العيد تتعالى وتسمو وترتقي وكأنها تركب السحب فتصب على الأرواح ماء الأنس بالله والطمأنينة بذكره جل في علاه، ولربما نالها من ذلك الماء حظ ونصيب؟؟
فدعاها كل ذلك لرؤية ما يجري في تلكم الساحة المترامية الأطراف، فإذا بعينها تبصر لأول مرة النور يطلع عليها حقا وحقيقة، رأت الرجال والنساء والأطفال كلهم على صعيد واحد يكبرون وهم فرحون مسرورون، وفجأة أصبحت الساحة الخالية عامرة بل وأصبحت مزدحمة بجموع المصلين المسلمين، وفي كل تلك اللحظات عقلها لا يكاد يتوقف عن التفكير، لربما تذكرت برنامجا تلفزيونيا رأته قبل أيام أو سنوات، عن الإرهاب يُشوه فيه المسلمون المتدينون رغم جمالية دينهم الرقراقة، أو قرأت في إحدى الجرائد والمجلات عن شخص مسلم لربما كان اسمه “محمد” قتل وذبح وفعل وفعل.. من أباطيل وتهم وافتراءات تترى نسبت ولفقت للإسلام ظلما وزورا، فتساءلت ما هذا ما الذي يحدث أمامي؟؟؟
ثم تساءلت هل هذا هو دين الإرهاب؟؟؟
ثم تساءلت هل هذا هو الدين المحارب؟؟؟
ثم أيقنت بأن كل ذلك التشويه والزيف والبهتان الذي لفق للإسلام هو بريء منه أشد البراءة، قالت: “لا وألف لا، كيف لا؟؟ والواقع يكذب كل ذلك فها هم الناس كلهم وكأنهم وجه واحد مبتسم مسرور وبعضهم يعانق بعضا وإن لم يكن قد التقى به من قبل في حياته ؟؟؟!!!
ثم سألت وكيف أستطيع اللحاق بهم؟؟؟
لم تلبث إلا يسيرا حتى سألت فوجدت جوابها في هذا الدين، في دين الإسلام، قررت أن تلحق بالركب ولكنها خافت أن لا تلحق بهم، وربما قد يفوت الأوان كما وقع في مصلى العيايدة، فأسرعت وأعلنت إسلامه؛ عجلت فغيرت اسمها “مريم“، تطهرت وتحجبت رغم أن الكثيرات من المسلمات أبين ذلك، ولكنها لم تسلم مثل إسلامهن ولهذا لم تفعل مثل فعلهن بل امتثلت أمر ربها بسرعة كبيرة جدا، فالتحقت سريعا قبل صلاة العيد بجموع المسلمينتكبر وتهلل معهم.
يا لها من فرحة، فرحة العيد السعيد وفرحة حسن الخاتمة، وفرحة إسلام “مريم”، حق لأهل سلا أن يفرحوا ويفخروا، “قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون” سورة يونس،فرجل مات وعلامة حسن الخاتمة في محياهوأخرى أسلمت ونور الهداية قد تلألأ في وجهها، فأبشروا فإن الإسلام قادم بإذن الله تعالى.
وبهذا لن تعود معادلة: إلزابيل = مريم، معادلة صعبة إطلاقا.
أسألك ربي حسن الخاتمة والثبات على دينك..