همساً يا بلال..
لطيفة أسير
هوية بريس – الأربعاء 19 مارس 2014
كثير منا قرأ مقولة شهيرة لرئيسة الحكومة الصهيونية “كولدمائير” حين حدثوها عن النبوءة التي يؤمن بها المسلمون من أن حربا حاسمة ستجري بين المسلمين واليهود وستكون الغلبة يومها للمسلمين، فأجابت بثقة جواباً يغفل عن حقيقته الكثير من المسلمين: “لن يتحقق ذلك إلا إذا كان عدد المصلين في صلاة الفجر كصلاة الجمعة“.
فالمسجد “الترمومتر” الذي يقيس به خصومنا درجة يقظة الأمة، وهو في الفجر أشد تدقيقا، لأن صلاة الفجر كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أشد صلاة على المنافقين فهي تحرمهم متعة النوم والاسترخاء الكاذب.
فحين ترى المساجد مكتظة بروادها في وقت الفجر، فاعلم أن الأمة قد قامت من سُباتها، وأن الفُرُش الوتيرة أو الحقيرة ما عادت تُغريها، وأن هَدْأَة الليل ما عادت تُطربُها إلا تراتيل الفجر، وتهليلات العابدين.
حين ترى المساجد مكتظة بعمارها في وقت الفجر فاعلم أن النفاق قد فارق القلوب، فما عادت تستثقل القيام للصلاة ليلا، وما عادت تصغي للوسواس الخناس.
عَجبي كيف يفطن أعداؤنا لهكذا حقيقة ونغفل نحن عنها، وكأنه عُمِّي على عقولنا فما عدنا نبصر الحقيقة، وكأنه طُمس على قلوبنا فما عدنا نميز الصالح من الطالح، ولا ما يصلحنا مما يفسدنا.
في الوقت الذي تهفو فيه النفوس لهذه الأوبة، وتتعلق الآمال بهذه الصحوة نُفاجأ ببيان من المندوبية الاقليمية للشؤون الإسلامية بالحي الحسني تطالب فيه ضبط مكبرات الصوت وتخفيضها الى الحد الأدنى أثناء التهليل وأذان صلاة الفجر، وعدم إسماع أداء صلاة الصبح خارج المساجد بمكبرات الصوت، والعلة كف الأذى عن السكان وعدم إزعاجهم.
كل غيور ثارت ثائرته ضد هذا البيان، وهناك من حاول أن يبرر بأن البيان لم يمنع الأذان هو فقط طلب ضبط المكبرات وخفضها.
ولكن خبِّرني أخي المسلم أليس موجعا أن تقرأ أن صوت الأذان صار يزعج المسلمين؟
أليس أليما أن يدعي بعض المسملين أن أصوات التهليل والتكبير -التي تحفز المؤمنين للاستيقاظ وعمارة المساجد- تقلق راحة المرضى والمسنين؟
كثير منا فرضت عليه نوائب الدهر وحوادثه المرور بعلل وأمراض، فهل كان صوت الأذان يزعجنا وقتها؟
وهل يحتاج المؤمن في مثل هذه الظروف إلا إلى مولاه كي ينزل عليه رحمته ويرفع عنه ابتلاءه؟
وهل هناك وقت أفضل من وقت الفجر ووقت السحر لاغتنام فرص الإجابة والإقبال على الله بنفس خالية من جلبة النهار وإكراهاته؟
ألم يقسم ربنا بالفجر لعِظم هذه الصلاة “والفجر وليالٍ عشر“؟
ألا تتنزل ملائكة الرحمن في هذه الأوقات المباركة لتشهد عبادات الصالحين؟
ألم يدع حبيبنا المصطفى بالمباركة لأمته في هذه الأوقات فقال: “اللهم بارك لأمتي في بكورها“.
أليس في شهود صلاة الفجر ثواب عظيم كما بلغنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “من صلى الصبح في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له أجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة” رواه الترمذي.
فالطبيعي في دولة مسلمة أن تنبري مؤسسة دينية تقوم على رعاية شؤون المسلمين فتضع وسائل لتحفيز المسلمين للاستيقاظ لشهود الفجر، لا أن تبارك رُقادهم وتثمن انزعاج من آمنت أفواههم ولم تؤمن قلوبهم.
نعلم يقينا أن الكثير من المسلمين للأسف يضيعون صلاة الفجر، ومنهم من لا يصليها حتى تطلع الشمس، ومنهم من لا يصليها أبدا، لكن أن تُصدر مؤسسة دينية في بلد مسلم بياناً كهذا الذي صدر فهذا يعتبر وصمة عارٍ في جبين المغرب الذي يعتز بهويته الإسلامية وبالحرية المتاحة لشعبه في إقامة شعائره الدينية.