أنا الشباب المغربي؛ المتناقض
عبد الله الدرقاوي
هوية بريس – السبت 22 مارس 2014
إن الناظر لحال الشباب المغربي اليوم لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن ينكر مدى الازدواجية والتناقض الذي نعيشه (ونعيش فيه). يسميه البعض نفاقا، ويسميه البعض الآخر نفاقا اجتماعيا. وإن كان النفاق في معناه الاصطلاحي هو إظهار الصلاح وإخفاء الفساد والشر، لكن في واقعنا يحدث العكس حيث نبطن وجدانا صالحا ومثاليا بينما نظهر الرذائل والمفاسد الأخلاقية والاجتماعية .
إذا تأملنا تلك التصرفات: تصرفات الشباب فإننا ندرك أنها لا تنطلق من قناعة (باستثناء قلة قليلة)، حيث الشاب المغربي يعيش تناقضا وتباغضا بين ما هو داخلي وجداني، وما هو خارجي، ما هو داخلي هو القناعات الدينية المثالية المرتبطة بالفضيلة والأخلاق والسلوك الحسن، وما هو خارجي عكس ذلك.
الداخلي تربى عليه والخارجي تلقاه .الداخلي سمع به وسمع عليه، والخارجي نظره ونظر إليه. الداخلي تعلمه والخارجي تأثر به…فهل على الشاب أن ينصت لداخله أم يستسلم لخارجه؟ وإذا قلنا -بعبارة أخرى- أن الداخل ديني والخارج واقعي فهل على الشاب المسلم المغربي أن يُنزل الديني على الواقعي أم أن يُنزل الواقعي على الديني؟ إن الجواب المثالي هنا هو تكريس الدين (بكل مُثله) لكي يصير واقعا… لكن جوابا مثاليا كهذا يبقى صعب التحقق في المجتمع إن لم نقل على الفرد وسيكون لا زال من المبكر أن يقوم الشاب بمثل هذا التغيير أو هذه الثورة الداخلية.
والحقيقة أن ما هو ديني يؤثر على الوجدان أكثر، لذلك الشاب المسلم يظل مرتبطا بدينه وجدانيا فيما يستسلم بكل جوارحه للرذيلة ولكل ما هو مخالف للفضيلة والتعاليم التي تسكن وجدانه. الأزمة هنا ليست النفاق كما يدعي البعض لأن النفاق هو نتيجة أما الأزمة الحقيقية فهي اثنان: أزمة تربية وأزمة علم. التربية التي يحرمها الشاب المغربي المسلم تحرمه مما يصطلح عليه اليوم بقوة الإرادة فيتربى على أن السلوك كذا هو سلوك سيء لكن في متناوله فعله وأمام الوسائل المتاحة يمكنه الانغماس في هذا السلوك السيء . ولنأخذ مثلا سلوك التدخين نجد أن المدخن هو أكثر الناس معرفة واطلاعا بأضرار التدخين (ولن نعده منافقا طبعا) لكن هو ضعيف الإرادة أمام سلوكه هذا (عادته). ولكي تتربى الإرادة لابد من اللجوء إلى الفعل وهنا علينا أن نفتح بابا على ثقافة الفعل التي قد تكون شبه منعدمة في مجتمعنا المغربي ولذا ففي نظري أن يتربى الإنسان على الفعل سيسهل عليه أن يكون ذو إرادة قوية .
أما النقطة الثانية تعني ارتفاع نسبة الجهل فكثير منا يصعب عليه الربط بين ما هو وجداني وما هو واقعي. بين ما هو روحي وما هو جسدي. أضف إلى ذلك أن مجتمعنا لا يقرأ وهو جاهل بكل أمور دينه ودنياه فكيف يمكن للشاب المغربي أن يقوم بكل العمليات الفكرية التي يتطلبها العقل والمقارنة والتحليل وانتهاج المنطق السليم. وهذا ليس فقط ظاهرة وإنما أصبح سببا لظهور أفكار خاطئة بين الشباب المسلم وأصبحنا نعيش كما قال مالك بن نبي إما بأفكار ميتة أو أفكار مميتة. زد على ذلك المشاكل الاجتماعية التي تطفو على الإعلام (أو بعبارة أصح يطفو بها الإعلام) تجعله دائما هاربا من صداع الرأس هذا وثائر عليه بلاوعيه.
الحال اليوم أننا أمام هيكل أو جسد بروح مسلمة وقلب شهواتي ودماغ فارغ من الأفكار، ومعالجة واحد من هذه الثلاثة سيكون له معامل الدومينو لعلاج الاثنين الباقيين.