صراع الجماعات الإسلامية على النفوذ المجتمعي والشعبي
د. أحمد سالم
هوية بريس – الأحد 30 مارس 2014
سأحاول أن ألخص لك الأمر:
هل تعرف ما يرمي به السلفيون الأشاعرةَ والعكس؟
هل تعرف بعض ما يرمي به المعتزلة الأشاعرة والعكس؟
وما يرمي به السلفيون الإخوان والعكس؟
وما يرمي به الجهاديون المداخلة والعلماء الرسميين والعكس؟
بعض هذا الرجم يكون حقاً، وهو بعض الحق الذي لابد أن تصيبه طائفة من المسلمين معها شيء من الوحي وفهمه.
لكن دعني أدلك على شيء هو خلاصة نظر طويل في تاريخ الصراع والخلاف:
كثير من هذا الرمي والتراجم خاصة في المائة سنة الأخيرة هو ضرب من الصراع السلطوي.
على ماذا؟
على النفوذ المجتمعي والشعبي.
دعك من هذا الذي يرمي فلانا بأنه لم ينقد الانقلاب ولم ينقد البطيخ، ومن ذلك الذي يريد من خصومه مراجعات فكرية ويسيبوا التكفير والمش عارف إيه، ومن أولئك الذين صاروا يلومون غيرهم على عدم الثورية والواقع أنهم أشهر جماعة إصلاحية في التاريخ الحديث..
معظم هذه ستائر تداري حروب إسقاط وصراع على مناطق النفوذ الشعبية والجماهيرية، غطاءات تكتيكية لقوم هم ساسة يصارعون لا فقهاء يتشرعون..
وكل ذلك من الطاعنين والمتراجمين بالحق والباطل هو من إرادة العلو في الأرض والاستطالة على الخلق وإن كان مع صاحبها شيء من الحق.
افهم هذا جيداً ثم اسمع مني هذه:
أعظم بلية كانت في تاريخنا بدرجات تقل أو تكثر فأخذها إسلاميو عصرنا ونفخوها وتلبسوا بعظائمها إلا من رحم الله: هي الصراعات التي أقاموها بينهم لتتسع رقعة كل حزب فيهم في الناس، والواحد منهم يلبس هذا لباس الحق والسنة والدين وأنه إنما يريد زيادة رقعة الحق الذي معه لأنه الحق الذي جاء به محمد، والحال: أن كل أولئك من جنس الملوك والسلاطين فيهم شعبة من إرادة الحق وشعبة أخرى من إرادة العلو في الأرض وتحصيل السلطة المعرفية والنفوذ الجماهيري.
وجهاد النفس في هذا: أن تجعل الدين كله لله، وأن يكون همك في نشر الحق أن يدخل الناس في الإسلام العام الذي كان يبايع عليه الأعرابي ويجعله رسول الله في خطبه ورسائله، وأن ترد كل ضلالة بحسبها ولا تتعدى بها قدرها، وبما لا يهدر ما بين المؤمنين من حقوق ولا يفسد دين عامة الناس.
وفي خلافك مع إخوانك: انصح لا تجامل في الحق أحداً ولا تترك بياناً واجباً عليك لا يسعك تركه، واحفظ حقوقهم واقدر خيرهم قدره ولا تفسد قلوب الناس لغيرة أو نفوذ أو صراع تلبسه لبوس الدين، وحاسب نفسك فلا تنتصر لها إلا نادراً وبالحق، وأن تجعل همك نشر الحق لا كثرة الأتباع عليه، وأن تجمع بين نصرة الحق ورحمة الخلق، وأن تحب المسلمين جميعاً وتدعو لهم وترحمهم حتى من يؤذيك.
والأخرى الجليلة: أن تدع الدنيا بنفوذها وسلطتها وكثرة الأتباع فيها = جيفة يلغ فيها من يشاء.
احفظ هذا فإني أرجو أنك إن وعيته = نجوت وجعلت الدين لله خالصاً لا تريد به علواً في الأرض ولا فساداً.