حوار مع ذ. أحمد اللويزة* حول الفضائح اللاأخلاقية في المؤسسات التعليمية
حاوره: إبراهيم بيدون
هوية بريس – الأربعاء 09 أبريل 2014
صرنا نشهد مجموعة من الفضائح تسجل داخل فضاءات المؤسسات التعليمية أو لها ارتباط بها بحكم أن أصحابها لا يزالون تلاميذ؛ مثل انتشار المخدرات، والعلاقات غير المشروعة التي تصل إلى علاقات جنسية.. ومنها ما كان سببا في فضائح مدوية لبعض المؤسسات أو المدن أو لضحاياها أنفسهم..
1- كيف صارت المؤسسات التعليمية التي على عاتقها واجب المشاركة في التربية والتهذيب مرتعا لهذه السلوكيات المنحرفة؟
فعلا المدرسة لم تعد تؤدي وظيفتها التي من أجلها كانت؛ وبحكم أنها أوسع فضاء يجتمع فيه جميع أصناف الأبناء منهم من همّه الدراسة ومن له هم غير ذلك وما أكثرهم، فتفد على المؤسسة قيم وأخلاق مختلفة نتيجة تربية يتلقاها التلاميذ في الشارع وعبر الإعلام المنحرف والمهيمن وفي البيت، حيث يحكي المنحرفون عن مغامراتهم لأقرانهم فيحصل نوع من الحماس فتنتشر العدوى.
وكثير من الحالات وتحت الرصد تأتي المدرسة وهي متخلقة في البداية ثم تبدأ في الانتكاس الأخلاقي مع مرور الوقت نتيجة قوة الإغراء ورفقة السوء المزينة للباطل، ناهيك عن كون المدرسة أصبحت فضاء لعرض الأزياء وتنافس محموم في إظهار التميز والشياكة بين التلاميذ والتلميذات، كل ذلك عوضا عن المنافسة في التحصيل والعلم الذي أصبح أمره نادرا بين التلاميذ.
وأستطيع أن أقول إن المدرسة أصبحت ضحية لأخلاق الشارع، فعوضا عن أن تكون مهذبة لانحرافات الشارع، تهجمت عليها أخلاق الشارع المتحلل مما جعل الخرق يتسع على الراقع.
2- هل البرامج التعليمية والأنشطة التربوية غير كفيلة في التربية على القيم والأخلاق؟
بالنسبة للبرامج التعليمية والأنشطة التربوية التي تحتويها المواد الحاملة للقيم كالفلسفة والعربية والتربية الإسلامية واللغات الأجنبية فإن لم تكن عاملا لتكريس تدهور الأخلاق (روايات ونصوص تتضمن مشاهد وحكايات لا أخلاقية أحيانا) فهي عاجزة عن مواجهة هذا المدّ الجارف كما هو الشأن بالنسبة لمادة التربية الإسلامية، اليتيمة في برنامجها الفقيرة في مدتها، بله أن يكون الأستاذ يحمل رسالة توعوية؛ فإن كان كذلك فهو كمن يبني وحده في مقابلة الكثير ممن يهدم.
وبالتتبع فإن كثيرا من الأنشطة التي تقام بالمدارس تكون فرجوية تمييعية، بل توفر الفضاء المناسب لإظهار مزيد من التحلل!!
فعلى سبيل المثال لو دعوت التلاميذ إلى محاضرة أو ندوة علمية لا يأتيك إلا النزر اليسير، لكن لو أعلنت عن حفلة غنائية أو نشاط الفرجة والمتعة سيأتيك ما لا قبل لك على عده.
حتى وإن كانت البرامج والمدرسة تقوم بدورها فلن تستطيع وحدها القيام بمسؤولية التربية على الأخلاق، لأن تربية النشء اليوم يتدخل فيها شركاء متشاكسون، مسؤولية الوالدين والإعلام والمؤسسة الأمنية والمجتمع المدني… وفي النهاية الغلبة للأقوى ولا أراه إلا الإعلام الذي هزم الجميع على قصور وتفريط من جهات التربية السالفة الذكر.
بطبيعة الحال هذه الفضائح المدوية التي تنبعث روائحها من خلف أسوار المدارس بين الفينة والأخرى لا تدق ناقوس الخطر فحسب بل تنذر بوجود كوارث يُتَستر على كثير منها حفاظا على ما تبقى من ماء وجه المدرسة لأنه إذا كان هذا يقع في فضاء مخول له التربية على القيم فإنه لا يمكن البحث عن هذه القيم في فضاء آخر.
3- ما هي البرامج البديلة التي من شأنها أن تربي الناشئة وتواجه سيل المدّ الإعلامي المنحرف الذي يجر ضحاياه إلى براثن الرذيلة كل يوم؟
تبقى البرامج قاصرة لأنه كما ذكرت كل أبناء المغاربة يأتون إلى المدرسة طوعا أو كرها ولو إلى سن معين ومع ذلك فالنتائج خطيرة، لكن ليس كل هؤلاء الأبناء يأتون إلى المسجد مثلا أو سيحضرون ندوات القيم التي تقيمها جمعيات مدنية مسؤولة وجادة؛
لذلك فإعادة الاعتبار للقيم والأخلاق الإسلامية بحكم أننا مجتمع ودولة إسلامية ينبغي أن يكون في صلب وعمق سياسة الدولة وتكون هي الشغل الشاغل، فلا تسمع إلا الحديث عن العفة والحياء، لأن الحياء رأس الأمر في قائمة الأخلاق: لأن من لم يستح فعل ما يشاء، كما ورد في الحديث.
ولكن نرى أن توجهات كبرى تسير نحو تكريس الوضع اللاأخلاقي بل أراه فلسفة التوجه السياسي، ويبقى الحل هو بذل المجهود من طرف الفاعلين الصادقين الخلص ممن يحملون غيرة على الوطن وأبنائه وعلى قيمهم وأخلاقهم، من خلال تكثيف الندوات والمحاضرات وفتح الحوار الصريح مع التلاميذ، وتنظيم اللقاء وجلسات الاستماع على مستوى المؤسسات. وإن كنت أرى أن الوضع معقد لاعتبارات بعضها مبثوث في ثنايا هذا الحوار.
ولا أنسى أن أقول أن تدهور الأخلاق ليس خاصا بالتلاميذ وحدهم بل هو صورة سوداوية يزيدها قتامة سوء أخلاق بعض المدرسين والمدرسات، وهذا أمر يحتم على الدولة أن تختار لهذه المهمة الشريفة الشرفاء على مستوى أخلاقهم وضمائرهم وقيمهم، وإلا فإن كثيرا من الفضائح يكون أبطالها أساتذة وتلاميذ على اختلاف الجنسين، وهو ما يطفو على صفحات الإعلام بين الفينة والفينة، وفاقد الشيء لا يعطيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* أستاذ مادة التربية الإسلامية.