أسباب تدني العربية لدى الأساتذة والمتعلمين!
عبدالكريم القلالي
هوية بريس – الخميس 10 أبريل 2014
اللغة العربية ليست جملة من الألفاظ والتراكيب تنطق للتواصل والإفهام وكفى؛ بل هي ثقافة وهوية، ورسالة، وهي صلة وصل بيننا وبين الكتاب المنزل بلسان عربي مبين، وستبقى حية ما بقي القرآن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لذا كان أمر إتقانها، من أولى الأولويات وآكد الضروريات، سيما لدى مصابيح المجتمع المزينين بالتعليم والتعلم، الحاملين لواء العلم والمعرفة، من الأساتذة والمتعلمين، الذين هم أولى الناس بحفظها والذب عن حماها، بيد أن هذا الأمل لا يصدقه الواقع، فلو استمعت لمعلم ومتعلم وهو يتعتع بكلمات عربية لوليت فرارا ولملئت رعبا، من هول ما ينطق ويكتب من أخطاء إلا من رحم ربك وقليل ما هم.
وإن تعجب فعجب أن تجد هذه اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها هزيلة لدى الأساتذة والمتعلمين، على نحو يوصفون به بالعجمة أو يكادون، وحينما تسمع للجم الغفير من المنتفشين الذين تنصب لهم المنصات، تمطر أذنك بوابل من الركاكة والرطانة، يتجلى فيها ضعف الصلة بينهم وبين لغتهم؛ فكيف بحال غيرهم.
ومن أسباب هذا الضعف انتشار العامية في المواقع التعليمية، ولم تقتصر العامية على غير مادة اللغة العربية؛ بل أصابت شظاياها مادة اللغة العربية ذاتها، فلا غرو أن تجد أستاذا يدرس العربية بلسان دارج، وعامية موغلة في البذاءة، بدعوى التبسيط أو الشرح، دون مراعاة لحق المتعلم في الاستمتاع باللسان العربي، وما يزخر به من مفردات، تكشف جمال اللغة، وتسمع شعر العرب يشرح بتمتمات، وتراكيب هشة.
وقد آل أمر التلاميذ إلى التهجي أثناء السرد، وتسمع صعوبة النطق بها، ويتعتع بعضهم في كلمات مشهورة متداولة، وتجاوز الخطأ الإعراب إلى نطق الكلمات، واستفحلت معضلة الضعف في العربية نطقا وقراءة وكتابة، بسبب البعد عن العربية سماعا وقراءة. فبعد أن كانت بلاد المغرب مهدا لحفظ اللسان العربي تكاد اليوم تصير أعجمية لما آل إليه حال تعليمها وواقع حياتها، وقد قال العلامة ابن خلدون: “…وربما بقيت اللغة العربية المصرية بمصر والشام والأندلس وبالمغرب لبقاء الدين طلبا لها فانحفظت ببعض الشيء، وأما في ممالك العراق وما وراءه؛ فلم يبق له أثر ولا عين؛ حتى إن كتب العلوم صارت تكتب باللسان العجمي وكذا تدريسه في المجالس والله أعلم بالصواب” (مقدمة ابن خلدون، ص: 102).
ويمكن تصنيف أسباب الضعف حسب الفئتين إلى:
أسباب ضعف اللغة العربية عند الأساتذة: بسبب ضعف التكوين، وقلة القراءة سيما بعد مرحلة الوظيفة، وغلبة العامية في الاستعمال في وسائل الإعلام وغيرها، والمستوى اللغوي الهزيل المقروء والمسموع والاستخفاف بالعربية.
أما عند المتعلمين: فيمكن رد الأمر إلى قلة القراءة وضعف التحصيل، سيما في المراحل الابتدائية وعدم التدريس باللغة العربية. يضاف إلى ذلك خلل المقررات والمناهج الدراسية.
وقلة الأساتذة المقتدرين وركاكة لغة المقررات الدراسية.