من هنا تأتي… عفوا «التشرميلة»!!
عبد العزيز الرهواني
هوية بريس – الخميس 10 أبريل 2014
على صفحات إحدى المنتديات الالكترونية طرح سؤال عن ظاهرة بما بات يعرف بالتشرميل ووضعت عدة أسباب وطلب التصويت على السبب الرئيسي عن هذه الظاهرة وكان السؤال كآلاتي
لجوء شباب لـ”التشرميل”، والتفاخر به على الإنترنيت، هل هو نتاج:
– خلل تربوي.
– تقهقر اجتماعي.
– تقاعس أمني.
وتفاوتت نتائج التصويت بين هذه الاختيارات. في هذا المقال أود أعيد طرح السؤال لأبين أو إن صح التعبير لأستبين وأجد جوابا شافيا لهذه الظاهرة من خاصة الناس ألا وهم أهل الفضل وأهل العلم، أهل الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} (آل عمران:110).
سوف لن أسال عن الحكم الشرعي لهذه الظاهرة أحلال أم حرام فهي قطعا حرام بالقران والسنة وإجماع علماء الأمة.
ولن أسال عن التحليل النفسي أو التربوي أو الاجتماعي وووو… لأن الآراء سوف تختلف.
هناك من سيرجع الظاهرة إلى المحيط وهناك من يقول إن الرفقة والأصدقاء
وسوف لن أسال عن الأسباب التي أدت الى ظهور “التشرميل” لأن الآراء ستكون أيضا مختلفة
فهناك من يتهم الإعلام: بأنه هو رأس الحربة ولأنه إعلام ساقط إباحي تسويقي.
وهناك من يتهم التعليم الذي أصبح تعليما مستوردا لا منهجية له وأصبح هو الآخر تجاريا أكثر ما هو تربويا تعليميا.
ومدارس شبيهة بالمقاهي والكازينوهات أصبحت مرتعا للمخدرات والتحرش الجنسي إن لم يكن يمارس بداخلها.
وهناك فئة أخرى تلقي باللوم على مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات تتسول وتسترزق بشعارات أثقل من أن يتحملها جبل.
وأحزاب جلها ذات ايديولوجيات وفكر علماني تتخبط في صراعات داخلية من أجل المناصب.
وهناك من يتهم الأسرة لأنها المدرسة الأولى.
لكن السؤال هو:
أين أهل الرأي والتدبير؟ أين أهل العلم والفضل؟ بل أين أهل الحل والعقد؟ من العلماء والفضلاء من هذا الوطن؟ أليس لهم وجود في هذا العالم المضطرب والمضطرم؟ وإن كانوا موجودين فأين هم؟ وماذا عملوا؟
فهؤلاء الشباب هم شباب بلدنا يعيشون بيننا ومنهم من هم أبنائنا. لا نريد أن يصبحوا يوما ما في صراع داخلي بين بقايا هويتهم الحقيقية التي عمل الخصوم على طمسها وبين عالم يتغير بالثواني، ولأنهم أمانة في أعناقنا وهم استمرارية لنا لابد أن نربطهم بمجتمعهم وموروثهم المستقى من ديننا لنشعرهم بهويتهم ونبعدهم عن كل ما يشوه ذلك، ونغرس فيهم أننا في مغرب نتفق فيه ونتشارك فيه بأشياء كثيرة لنا خصوصيتنا التي لابد أن نحافظ عليها، فنحن نملك كثيراً يكفي أي مجتمع منها القليل ليبني جيلاً ليس له نظير.
إن هويتنا ليست مجرد اسم وشعار فديننا الإسلام هو المنهج الرباني، الذي ارتضاه سبحانه وتعالى للبشرية ككل لشموليته ومناسبته لكل زمان ومكان وهويتنا نابعة منه، التي لابد أن تستمر كعامل مؤثر في مجتمعنا، وفي أي مجتمع آخر نتواجد فيه
والسؤال الآخر وليس الأخير:
هل نحن مَنْ أساء لديننا بالتخلي عن رسالتنا في إيصاله للآخرين بأسلوب صحيح؟ أم أننا غير قادرين وغير مؤهلين بالمحافظة على هويتنا الحقيقية النابعة من هوية العقيدة وهوية التاريخ وهوية الأرض وهوية اللغة وتطويرها بروح عصرية بما يتلاءم ويتأقلم مع المتغيرات في وقتنا الحالي لمحاولة تجاوز كل ما نشاهد من تغيرات سلبية واضحة وجلية في مجتمعنا بعيدة كل البعد عنا ودخيلة علينا لتلقي بكل ما تعلمانه وعلمناه بعيداً دون هوادة حاملةً معها كثيراً من مبادئنا وقيمنا الجميلة التي تربينا ونَشأنا عليها، والتي تعتبر عوناً ونبراساً ومنهجاً ورثناه ممن سبقونا.
لذلك وجب علينا أن ننتبه لهذه المتغيرات وآن الأوان أن نساير هذه التطورات مع الحفاظ على هويتنا قدر المستطاع. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما نهيتكم عنه، فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم” رواه البخاري ومسلم.
آن الأوان أن نكون أو لا نكون. أن نسير على منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وأسلافنا من خيرة القرون أن نكون دعاة لله وخدام هذا الوطن.
ترى هل شيوخنا وعلماؤنا وطلابهم قادرين على مسايرة هذا الواقع أم أنهم منشغلون بالبيانات واللمز والهمز إلا من رحم ربي متناسين أنهم مسؤولون عن علمهم أم إنهم غير قادرين على تغيير واقع هم جزء منه…..
لقد أظهر العلماء في عصور عزة الإسلام، أبانوا فيها حقيقة الشريعة الإسلامية الغراء صافية نقية مكينة في صلابتها وموقفها في معالجتها لجميع شؤون العباد الدينية والدنيوية، كاشفين للعالم أجمع أثر صلابة الإيمان بالشريعة الغراء في النوازل والخطوب، متحملين بصبر وشجاعة ما ينتج عن الجهر بكلمة الحق ولا غرو في ذلك فهم أهل لهذه المواقف؛ لأنهم حملة لواء الشريعة الإسلامية الحقيقيون والناس بخير ما صلح فيهم العلماء وأصلحوا.
فصمام وأمان الأمة وحماتها بعد الله وعونه هم علماؤها وفضلاؤها وغيابهم حتما سيؤدي لواقع مماثل لما نعيشه.
وإذا كان للعلماء هذه المكانة، ولهم ذلك المقام الرفيع، وإليهم المعول بعد الله، فإنه يشاركهم في التأثير في المجتمع فئات أخرى ممن لهم شوكة ونفوذ وهؤلاء كافة تجمعهم هموم مشتركة وأهداف موحدة جماعها: إصلاح شؤون البلاد والعباد، ولذلك أطلق عليهم: أهل الحق والعقد.
كان صلاح الدين الأيوبي رحمة الله عليه أثناء الحرب يمر على الخيام.
فإذا وجد الجنود يتعبدون ويصلون يقول: “من هنا يأتي النصر”.
وإذا وجدهم نائمون يقول: “من هنا تأتى الهزيمة”.
ترى لو رأى صلاح الدين واقعنا اليوم، أتراه يقول: من هنا تأتى الهزيمة أم تراه يقول من هنا تأتي “التشرميلة”؟