معالم ترشيد التدين ودور العلماء والحركة الإسلامية والمؤسسات التعليمية
هوية بريس – عبد الرحيم بلشقار
الإثنين 14 أبريل 2014
دعا متدخلون في ندوة وطنية نظمتها حركة التوحيد والإصلاح إلى إيلاء أهمية قصوى لمسألة “ترشيد التدين“، مؤكدين بأن الحاجة ما تزال ماسة لجهود العلماء والدعاة والحركات الإسلامية وكل المهتمين بالشأن الدعوي لتجاوز الخلل الذي يُصاحب موجة التدين في أوساط المجتمع المغربي.
وشدد العلماء والأساتذة الذين تحدثوا في الندوة التي عُقدت مساء الأحد بالرباط، بتحديات “ترشيد التدين“، على ضرورة انخراط الملتزمين دينيا في حملة ترشيد التدين، وذلك بالمخالطة الإيجابية في كل مؤسسات المجتمع وفي قطاعات الدولة، وفي خدمة الشأن والصالح العام.
وثمن المتدخلون في الندوة العناية التي توليها حركة التوحيد والإصلاح لهذه المسألة، معتبرين أنها تدخل في هذا الإطار الذي يتوخى تسديد وتصحيح وترشيد الاعتقاد والقول والعمل مع مظاهر التدين.
وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد بولوز مسير الندوة، “نحن أمام توسع وانتشار وإقبال على مظاهر التدين وعلى ممارسة شعائره، لكن بالمقابل هناك خلل مصاحب لهذا التدين على مستوى المعاملة والسلوك والأخلاق، حيث بات الكثير من الناس يتعايش مع هذا التناقض”.
وأضاف بولوز؛ “الحركات الإسلامية ظلت تعمل في إطار بعث التدين وتوسيعه وتجديده في المجتمع وبقيت ثغرة في السلوك والعبادات باتت تشكل هاجسا لكل المهتمين بالشأن الدعوي من علماء وحركات إسلامية، وهي عنصر “ترشيد التدين“.
المتحدث أكد أن صفة الرشد جوهرية في التدين بإجماع كل الرسالات السماوية المنزلة، وأن الإسلام يدعوا إلى تحري الرشد في التدين، مستشهدا بقوله عز وجل في مُحْكم تنزيله في سورة الجن، {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}، وأيضا {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}.
وعرفت الندوة مداخلة كل من الشيخ حماد القباج الذي تحدث عن معالم شرعية في ترشيد التدين، مبرزا أن إشكالية عدم التدين الصحيح لا تقل شأنا عن عدم التدين أصلا، كما أن محاصرة تصحيح التدين هو محاصرة للتدين ذاته، وذكر بعدد من الضوابط لترشيد التدين: منها ضبط المرجعية باعتماد الكتاب والسنة، وضبط القصد بتصحيح النيات والإخلاص، وضبط الإطار بترسيخ الاتباع وتجنب الابتداع، وضبط المسار بلزوم التوسط والاعتدال، واعتماد المخالطة الإيجابية، وعدم الغرور بالاجتهاد في العبادة والتعبد فلن يدخل أحد الجنة بعمله وإنما الرحيم الله.
وركزت مداخلة الدكتور رضوان بنشقرون حول دور العلماء في ترشيد التدين، بما يقومون به من ربط الناس بالأصول فيصفو تدينهم ويحظون بدرجات من الترقي والتحضر والريادة، وكذا بما يبذلونه في التدافع مع ما يتنافى مع الدين والتدين السليم، كما يجتهدون في تنقيح المنقول من الدخيل عليه وابتكار المعقول بما يناسب المقاصد والمصالح المشروعة، كما وللعلماء دور في اكتشاف أسباب العطب في الأمة ووصف أمصال الوقاية وإيجاد الحلول لقضايا الأمة وإشكالاتها باستحضار مقتضيات الدين وفقه الواقع وسلامة المنهج،
بينما تطرق الدكتور محمد بلبشير الحسني لدور الجامعات في ترشيد التدين، وأشار إلى كون خريجي الدراسات الإسلامية مؤهلون أكثر لترشيد التدين شريطة مواصلتهم البحث العلمي بنفس اجتهادي والعناية بالأمور الواقعية والتطبيقية والجمع بين التأصيل الشرعي والنظر المصلحي كشكل من أشكال ترشيد الإنتاج المعرفي الإسلامي ليواكب المستجدات وتدين مختلف الشرائح والفئات، ونبه إلى ضرورة مراجعة المناهج الدراسية وخصوصا في المادة الإسلامية لتتناول إلى جانب المنحى التربوي العناية بالعلوم الإسلامية والفقه والفكر الإسلاميين،
في حين خصص الدكتور مولاي عمر بنحماد مداخلته لدور الحركة الإسلامية في ترشيد التدين، فأبرز أن تلك الحركات إنما تسهم إلى جانب مختلف المساهمين، وأشار إلى أن إشاعة التدين خير وترشيده خير في خير، وعندما رفعت تلك الحركات شعار التجديد فقد كان فيه نوع من الترشيد للتدين، ومن الترشيد تذكيرها بسؤال المرجعية في القضايا المجتمعية المثارة مثل قضايا المرأة وحقوق الإنسان ونحوها، ومن ترشيدها أيضا إعادة الاعتبار للمسألة العلمية واعتماد التأصيل والعناية بالدليل، وكذا تأكيدها على منهج الوسطية والاعتدال والتوازن في النظر والممارسة، ومن ترشيدها للتدين طرح مسألة شمولية الدين لمختلف مناحي الحياة ومقاومة النظر التجزيئي للدين، فاقترحت بدائل ومبادئ وأفكار في الشأن الاقتصادي والسياسي ونحو ذلك، ومن ذلك إعادة الاعتبار للوظيفة الدعوية الفردية وكذا تقوية الانتماء للأمة والانشغال بقضاياها كالقضية الفلسطينية ونحوها.