صناعة «التشرميل»
مسرور المراكشي
هوية بريس – الأربعاء 30 أبريل 2014
بداية هذه الظاهرة لم تأتي من المريخ، ولاهي بنت شرعية لثقافة الشعب المغربي المتشبع بقيم الدين الإسلامي الحنيف، إذن فماهية أسباب نمو هذه النبة الخبيثة بهذه الأرض الطيبة؟ في نظري الجواب يكمن في الثقافة والإعلام؛
قد أختلف مع الكثير لكني هكذا أرى الأمور، فالقضية لا تعالج بشن حملة أمنية هنا وهناك، أو إلقاء القبض على بعض الضحايا المغرر بهم، الأمر أعمق من ذلك بكثير، فالمشكل يتداخل فيه التاريخ مع الجغرافية.. فكيف ننتصر على ظاهرة “التشرميل” وهي مساندة بإعلام وثقافة مضادين لتوجه الأمة المغربية.
إن المغرب بموقعه الجغرافي يطل برأسه على أوروبا، وجذوره تضرب عميقا في إفريقيا، كما شكل منذ القدم منطقة عبور لحضارات عديدة تأثر بها وأثر فيها، وهو الرابط بين ثقافة الشمال الأوروبي وثقافة الجنوب الإفريقي، لأنه ليس فقط ممرا تجاريا للبضائع “المادية” بل هناك أفكار تواكب هذه التجارة وتحل معها حيث حلت، لهذا ففرضية التأثر سلبا وإيجابا واردة.
إذن فموقعنا الجغرافي يفرض علينا تدابير وإجراءات صارمة لتحصين ثقافتنا دون انغلاق تام أو انفتاح تام، فهل نجحنا في هذا الاختبار؟ في نظري ليمكن الجزم بجواب شافي كافي، ببساطة فالأمر معقد ونسبي، لقد ترك الاستعمار الفرنسي والإسباني ندوبا عميقة في الثقافة المغربية المحافظة، ومع الأسف هناك من ينوب عنه في رعايتها بعد طرده من البلاد بعد مقاومة شرسة ضحت بالروح من أجل استقلال المغرب، لحسن حظ المغاربة لم يمكث الاستعمار الفعلي للمغرب إلا 44 سنة، لكنه استطاع تربية نخبة متغربة مستعدة للقتال حفاظا على مصالحها ومصالحه، طبعا لا نقصد بالمصالح هنا المادية فقط، بل تتعداها إلى الأمور الثقافية ـ”فرنكوفونية”ـ وهذا أخطر.
لهذا فهذه النخبة لها نفوذ مالي وإعلامي كبير تستطيع من خلاله نشر ثقافة مضادة للموروث الثقافي للشعب المغربي، لقد حاولوا تخريب الأسرة التقليدية، بنشر ثقافة “خطة إدماج المرأة في التنمية”، التي كانت “خطة” محكمة لمسخ هوية المغاربة بتشجيع الإنجاب خارج الضوابط الشرعية “المرأة العازبة” طبعا هذا يستوجب أبا “عازبا” لنصل إلى عائلة “عازبة” ثم في النهاية لنصل إلى شعب “عازب” ليصبح المغرب دولة “ديموقراطية عازبة ومستقلة” لا قدر الله، ومن مشتقات الخطة “الجندر” وهو “الزواج المثلي” ثم الارتباط “الحر” على وزن السقوط الحر طبعا في مستنقع الرذيلة.
فبالله عليكم عندما نصل إلى هذه الفوضى الجنسية “الخلاقة”، فهل سننعم بالاستقرار النفسي أو المادي؟ إنها الشرارة التي ستفجر الأسرة والبلاد معها بعد ذلك، وبذلك سيصبح “التشرميل” مجرد نقطة في بحر الإعصار الذي سيغرق الجميع.
ففي نظري كلما توجهنا صوب ثقافة الشمال الأوروبي سنجد حقوق الإنسان ولا نجد “الإنسان” أمثلة على ذلك: شرعنة زواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، كما تم توفير شواطئ للعراة وحدائق للعراة حيث يحق للراغبين في التعري ممارسة هواياتهم دون قيود، فالإنسان الأوروبي وصل إلى درجة أصيب فيها “بثخمة” الحقوق ليفقد في الأخير آدميته؛ إنه العبث فحتى الحيوان لم يصل إلى هذا المستوى من الانحدار.
وفي المقابل كلما توجهنا صوب الجنوب إفريقيا إلا ووجدنا الإنسان ولا نجد له حقوق، أمثلة: نجد الرجولة، المروءة الغيرة، فعلى الأقل لازال هناك الرجل “رجل” والمرأة “امرأة” أي الفطرة لازالت سليمة، لكن مع الأسف الشديد ليست لهم حقوق لامادية ولا معنوية.
إن ظاهرة “التشرميل” ليست بسبب الثقافة وحدها، بل هناك مساند رسمي إنها صناعة إعلامية كذلك، فالقناة الثانية “دوزيم” تقوم بمجهود لابأس به لتحسين أداء الشباب المقبلين على هذا النشاط الإجرامي، ولو بطريقة غير مباشرة أو حتى دون “قصد” منها، كيف ذلك؟
الجواب يكمن في البرنامج الرائع “أخطر المجرمين”؛ إنني أعتبره بمثابة دروس الدعم والتقوية في ميدان الإجرام، وكذلك البرنامج الممتاز “مداولة” حيث أن هذه البرامج “مشكورة” تقدم جرائم وقعت وكيف تم إلقاء القبض على المجرم بسبب أخطاء ارتكبها، ولسان حال البرنامج يقول: “أيها المجرم الشاب احذر هذه الهفوات وكن أذكى من هذا المجرم “الكامبو” لتفلت من العقاب وتستطيع محو أثار الجريمة.. بالتوفيق..”.
إن مثل هذه البرامج عندما تلتقي بثقافة الخمور والقرقوبي فهي الطريق المعبد للإجرام، سمه بعد ذلك ما شئت: “تشرميل، تكرميل، اتبوقيل”.
رجاء أوقفوا هذه البرامج وليقم الإعلام بدوره الحقيقي في ربط الشباب بثقافتهم الحقيقية الأصيلة، دون توجيه من مراكز الاستعمار.
وابالمعطي أش ظهرليك فالتشرميل بغيت ليهم لهريسة، أوالله يهدي ماخلق.