صحوة رمضان ترشيد لحداثة «عصيد»
ذ. عبد الرحمان سعيدي
هوية بريس – الخميس 15 ماي 2014
في تعليقه على الحوار الذي أجرته القناة الثانية مع الدكتور والداعية طارق رمضان جاء في مضمون كلام أحمد عصيد ما يدل على أنه يعتبر أن الإسلام في حقيقته دين يتنافى مع الحضارة الإنسانية، وذلك بما يدعو إليه من العنف وعدم التسامح مع الإنسان الآخر المتحضر الذي أوجد أسس الحضارة الإنسانية، تلك الحضارة التي يسعى الإسلام إلى هدم أسسها الديمقراطية حسب قوله.
كما تظهر الغرابة في هذا الكلام المتناقض الذي يصف الداعية طارق رمضان بأنه قد وقع في مأزق بين نار المسلمين الذين ألفوا حديث المشايخ والدعاة المتخلفين، ونار المجتمعات الغربية التي لا ترى فيما يقدمه إلا تحايلا لتمرير صورة مفبركة وغير واقعية لإسلام مؤنسن humanisé وحضاري، لتبرير إسلام وهابي عنيف وغير متسامح، في الوقت الذي يصف فيه خطابه بأنه متماسك من الناحية المنهجية وبأنه يتميز بجماليته ونزعته الإنسانية، وبقدر من العقلانية والواقعية أيضا، وهو يدعي أن رمضان بذلك الخطاب يحاول جاهدا التوفيق بين واقع المسلمين المتمثل في سلوكهم المشين والغرب العنصري الذي يكرس الإسلاموفوبيا.
من الملاحظات على هذا الكلام:
1- التعميم في وصف مشايخ المسلمين ودعاتهم بالمتخلفين، وفي هذا قدح وانتقاص من قدر علماء المسلمين عامة، كما فيه أيضا استخفافا بجميع المسلمين الذين يركنون إلى مثل هؤلاء العلماء الذين وصفهم بالمتخلفين، على حد وصفه.
2- حاول أن يظهر أن هم الدعاة في أوروبا والغرب عامة إنما هو الدفاع عن سلوكيات بعض المسلمين التي لا ترضي الغربيين، فقصد من وراء ذلك بيان أن هدف الدعوة الإسلامية في الغرب إنما هو مجرد العمل على رد الاعتبار للمسلمين وتحسين صورتهم في تلك البلاد، بغض النظر عن الهدف الأسمى للدعوة الذي هو نشر القيم الربانية الإنسانية الفاضلة، هذا الهدف الذي لا يسعى أحد من الدعاة إلى تحقيق غيره، فلم يعرف عن أحد من الدعاة الربانيين أنه يسعى إلى بيان محاسن الإسلام من خلال إيجاد تبريرات لسلوكيات الناس والدفاع عنها، بل إن دأب الدعاة الربانيين كان دائما العمل على إظهار محاسن الإسلام انطلاقا من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة و إيراد نماذج من التطبيق النبوي لتعاليم الإسلام ونماذج مشرقة من حياة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فكان هؤلاء الدعاء على مر الأزمان يستنكرون على الناس أعمالهم الفاسدة ويردون بدعهم ويرشدونهم إلى السنة الصحيحة.
3- وصف الدعاة بأنهم يسلكون سبل الحيل فيقدمون الإسلام في غير صورته الحقيقية، والتي هي إسلام غير حضاري يهدف إلى العنف وعدم التسامح ونبذ الآخر والقضاء عليه، فأشار بذلك إلى أن هؤلاء الدعاة يخفون هذه الصورة الحقيقية ويظهرون للغربيين إسلاما متحضرا لكي يتوصلوا بذلك إلى نقض تلك المجتمعات وهدم أسسها الديمقراطية انطلاقا من تبرير العنف وفق الإسلام الوهابي العنيف، وكأن مرجعية المسلمين كلهم تقتصر على أصول ذلك الذهب الذي حصر فيه الإسلام، وكأن مرجعية هذا المذهب كذلك لا تنص إلا على العنف وعدم التسامح.
وكل ذلك تطاول في حق علماء الأمة ودعاتها، الذين أوجب الله لهم الاحترام والتقدير وأمر بطاعتهم بعد طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ناهيك عما وسم به الداعية طارقا من الدعوة إلى العنف وعدم التسامح، وفي ذلك ما يوحي بأنه لا يقصد بذلك الداعية وحده وإنما يقصد بهذا الوصف أيضا مرجعيته الإسلامية، فكنى به عنها إيماء إلى أن الدعوة الإسلامية تهدف إلى نشر العنف ونبذ الآخر الذي هو الإنسان غير المسلم والقضاء عليه وهدم مجتمعاته، وهذا يرده ما علم من تاريخ المسلمين الذي تميز بالتعايش واحترام الأقليات على اختلاف مللها ومعتقداتها سواء في المشرق إلى أقصى بلاد الهند، أو في الغرب إلى أقصى بلاد المغرب والأندلس، كما يرده بالأحرى صريح النصوص في الكتاب والسنة.
زعم عصيد أن طارقا عجز عن إثبات عدم تعارض الإسلام مع الحداثة والديمقراطية من خلال تاريخ المسلمين أو واقعهم، حيث تتمثل الدينامية الإسلامية! وأشار ضمن ذلك إلى أن الصحوة أساس في الممانعة ضد الحداثة في الفكر والقيم وضدّ الديمقراطية:
والذي يبدو للمنصف أن هذا ليس عجزا من الأستاذ طارق، لأنه إذا لم يوجد في هذا الواقع ما يبرهن به على ما يقول فإن ذلك لا يعني أن الطرح الذي يدعيه غير صحيح، لأن الإسلام الذي يدعيه ويدعو إليه لا يتمثل في واقع الناس وعملهم، إنما يتمثل في تلك الأحكام القطعية الواردة في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة و المتمثل أيضا في القواعد العامة والأحكام الكلية ومبادئ التشريع وروحه والتي تصلح للتطبيق في كل زمان مكان، فهذا هو المقياس الذي يبني عليه طرحه، وليس واقع الناس المجانب للصواب، ومن المعلوم أن جميع تلك القواعد والأحكام إنما جاءت لتصحيح واقع الناس، فهي الحكم على هذا الواقع وليس العكس.
وادعاء أن الصحوة الإسلامية ضد الحداثة في الفكر والقيم وضد الديمقراطية!
هذا الكلام ليس على إطلاقه، لأن الإسلام كما هو معلوم هو دين القيم الربانية التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وهي القيم التي تتوافق مع فطرة الإنسان والكون وتحقق مصلحة الإنسان في كل زمان ومكان، وهي التي تحقق إنسانية الإنسان وتحافظ على كرامته، لكي يعيش حرا شريفا مصانا في دمه وماله عرضه.
وإن أي ادعاء للحداثة في القيم إنما هو تحريف لتلك القيم التي فطر الله الإنسان عليها، وخروج بهذا الإنسان عن حدود هذه الفطرة، ونزول به عن مكانة الإنسان التي تحفظها تلك القيم إلى منزلة البهائم من الحيوان، فلا يمكن إيجاد ما هو أسمى من هذه القيم مهما اختلفت الأزمان والبيئات.
فلا نجد مثلا ما هو أسمى من الإحسان اتجاه جميع المخلوقات، والذي هو روح الإسلام، ولا أسمى من البر إلى الوالدين والأقارب والجيران وجميع الناس، ولا أسمى من الأمر بإفشاء السلام ووجوب رده، ولا أسمى من اللين والرفق والسماحة والحلم، ولا أسمى من الصبر والتحمل، ولا أسمى من الإخلاص والوفاء، ولا أسمى من الإيثار والبدل والعطاء والتضحية في سبيل إسعاد الآخر، ولا أسمى من العفة والحجاب، ولا…، هذا فضلا عن الحرية والمساواة والعدل، إلى غير ذلك من القيم التي هي أساس هذا الدين، بل إن الشرع قد نفى الإسلام عمن فقدت فيه، حيث جعلها كلها من شعب الإيمان، التي لا ينفصل بعضها عن بعض.
إنها قيم تعتبر من مناط الإيمان، عليها يترتب الثواب والعقاب، وبهذه القيم يتفاوت الناس أمام الخالق عز وجل، لأنها تهذب النفس وتكبح جموحها إلى الشهوات التي قد تحملها على الأنانية وحب الذات والحرص على المصلحة الشخصية وتغليبها على المصلحة العامة، فتتربى النفس على القناعة والعفة والورع والحياء واستشعار مراقبة الخالق في الأقوال والأفعال، فلا يصدر منها إلا الأعمال الصالحة والنافعة لها وللمجتمع.
فهذه هي القيم التي ربى الإسلام عليها أتباعه، فمن التزم بها فهو المسلم الحق الذي يستحق كل الثناء، ومن أخل بها فهو العاصي الآثم الذي يستحق التوبيخ والعقاب.
فهي التي لا تتجدد في أصلها، بل يتجدد التذكير بها والدعوة إليها، كلما حاد الناس عنها ومالوا إلى غيرها وأحدثوا ما يضادها ويخالفها.
فالصحوة إذا جاءت لدعوة الناس إلى هذه القيم وردهم عما صاروا إليه من الضلال فيما أحدثوه باسم الحداثة، فدعتهم إلى العفة بعد أن وقعوا في التهتك، والتبدل، والمجون، والخلاعة، والإِباحية، والإِثم، والانحلال، والفسق، والدعارة، والنجاسة، ودعتهم إلى الحياء بعد أن وقعوا في الجرأة على الفحش، والوقاحة في الأقوال والأفعال، ودعتهم إلى الطاعة بعد أن وقعوا في العصيان والمخالفة، ودعتهم إلى العدل بعد أن وقعوا في الظلم، ودعتهم إلى الحق بعد أن مالوا إلى الباطل، ودعتهم إلى الحلال بعد أن استحلوا الحرام، وبينت لهم حدود الحرية التي تحافظ على الكرامة والشهامة والعزة والشرف وتصون الحرمات، ولا تهتك الأعراض ولا تتجاوز الحدود.
فأي حداثة هذه التي تستحق الثناء والإتباع ومباركة الصحوة لها؟ إذا قلنا بأن هذه القيم التي تحملها هذه الحداثة هي قيم تخالف مصلحة الإنسان وتخل بكرامته وشرفه وشهامته ومروءته ورزانته وعفته، وتفقده توازنه وتحط من قدره، وتؤدي إلى انحلال المجتمع وانهياره، لا إلى تماسكه واستمراره!
فالحداثة إذا ليست هي الأصل الذي يقاس عليه عند المسلمين، إنما أصل القياس عندهم هو تلك القواعد الشرعية الثابتة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وهي التي تعطي الشرعية للحداثة أو تنفيها عنها، وهي التي توجهها وترشدها.
وقد أفتى العلماء المعاصرون في كثير من الأمور المستجدة فأجازوا ما يوافق الأصول من تلك القواعد وردوا ما يخالفها، ووضعوا شروط الجواز في قضايا أخرى.
كما أن الحداثة أمر نسبي، فما كان “حداثيا” في الزمن السابق أصبح متجاوزا الآن، وما يظهر في عصرنا أنه “حداثي” سيتجاوزه الزمان بعد حين، ومن المعلوم أن الإسلام صمد طيلة أربعة عشر قرنا من الزمان، يساير الوقائع والأحداث المتجددة في كل وقت وحين، ويطبقه المسلمون في حياتهم العامة من غير حرج، فكان دائما يساير ما هو حديث وجديد، فكان المسلمون يجتهدون في إيجاد الحلول لكثير من الحوادث، فيقرون ما يوافق أصولهم ويلغون ما يخالفها.
فكيف تكون هناك ممانعة بين الصحوة والحداثة؟
فإذا كان المقصود بالصحوة هو هذه اليقظة التي حدثت في ضمير أبناء الأمة، بعد عصور من الانحطاط والتي أعقبتها محاولات الإمبريالية الغربية لإبعادهم عن دينهم، فإنما يعنى ذلك أنهم عبروا بذلك عن إرادتهم ورغبتهم في الرجوع إلى الأصول الشرعية وتطبيقها في الحياة العامة في كل المجالات.
وهذه الأصول الشرعية التي تسعى الصحوة إلى إحياءها، منها ما هو ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان ومنها ما هو متغير، تبعا للثابت والمتغير في حياة الإنسان.
فالثابت منه، كالعقيدة والعبادات وأصول المعاملات من حلال وحرام وأصول الأحوال الشخصية، والفضائل والأخلاق أي القيم، وردت فيه نصوص قطعية لا تحتمل التأويل، وبالتالي لا مجال فيه للاجتهاد بتغير الزمان والمكان، وتبعا لذلك لا يمكن مسه أو إبطاله تحت ذريعة الحداثة، أو عدم صلاحيته لهذا الزمان، لأنه جانب ثابت في حياة الإنسان لا يتطرق إليه التغيير.
أما المتغير من حياة الإنسان كالمعاملات وفروع تطبيقاتها فقد وضع الشارع فيه قواعد عامة وأحكام كلية ومبادئ عامة وروح التشريع، لمسايرة المستجدات من الوقائع والأحداث.
فما وافق منه هذه القواعد فهو مشروع وما خالفها فهو مردود، لأنه غير مشروع.
ثم إن مدار الاجتهاد في جميع العصور هو مراعاة مصالح الناس بجلب النفع لهم ودفع الضرر عنهم، وهذا ما عرف بالمقاصد الشرعية، حيث قصدت الشريعة في جميع أبواب التشريعات تحقيق المقاصد، وتهدف هذه المقاصد إلى حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينيات، فالضروريات هي ما لا تستقيم حياة الإنسان إلا به وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، والحاجيات هي ما يقتضي رفع الضيق والحرج عن الناس وتدخل في باب الرخص والتيسير ورفع الحرج، والتحسينيات ما يجمل ويزين حال الإنسان.
فالمصلحة إذا هي مقصد شرعي في كل زمان ومكان، لذا قال العلماء: أينما وجدت المصلحة فتم شرع الله، وتحقيقا لذلك فإن من أصول الشريعة التي تهدف إلى رعاية هذا الأصل مراعاة المصلحة المرسلة والعرف، إلى جانب أصول أخرى معروفة ومعلومة، الغاية منها ترشيد أحوال الناس وتحقيق الأصلح لهم.
فوجود الممانعة بين الصحوة والحداثة إنما هو وهم يحصل لغير العارف بأصول الشريعة وأدلتها العامة، وربما أريد بتكريس هذا الفكر حمل المسلمين على نبذ الشريعة بدعوى تعارضها مع الحداثة وعدم صلاحيتها للتطبيق والإتباع في هذا الزمان، وبالتالي حملهم على اتباع كل ما عمت به البلوى في هذا الزمان من جميع المنكرات التي تخالف صراحة قواعد الشريعة وما علم من الدين بالضرورة، دون وزنها بميزان الشريعة.
والذي لا يخفى على عاقل أن القصد من الصحوة هو ترشيد الحداثة حتى تكون موافقة للشرع، أي إخضاع كل جديد لميزان الشرع فما وافقه فهو مقبول ومرغوب فيه، وما خالفه لابد من إخضاعه للشروط الشرعية حتى يكون مشروعا ومقبولا، وإلا دخل في مجال المحظور المنهي عنه.
فكيف يتصور مع ذلك ممانعتها مع الحداثة؟ وقد علم من الدين أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها!
أما الممانعة ضد الفكر، فإن الإسلام هو الذي وضع أسس هذه الحضارة الإنسانية، التي للأسف تنسب محاسنها إلى غير المسلمين، في الوقت الذي يغط فيه أبناء المسلمين في نوم عميق.
فمن المعلوم أن الإسلام هو الذي حرر الفكر الإنساني من الجهل والخرافة وأرشده إلى اعتماد الدليل والبرهان، من خلال إرشاد الإنسان إلى التفكر في خلق السماوات والأرض واكتشاف السنن والقوانين التي يسير نظام الكون وفقها، وأرشده إلى ربط المسببات بالأسباب في هذا الكون وعدم الاقتصار على الظواهر الكونية، بل أمره باكتشاف الأسرار والمسببات التي تكمن من ورائها وربطها بالقوة القاهرة والموجدة لكل الشيء، والتي هي الله الخالق الأحد.
فأرشد الإسلام الإنسان إلى استخدام الفكر في ما يلي:
– في صفات الله تعالى وأفعاله التي تتجلى في مخلوقاته، قصد معرفته واستشعار عظمته.
– في القرآن الكريم وتدبر معانيه قصد فهمه من أجل تطبيقه في الحياة.
– في أمور الآخرة، لأنه يكسب الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، مما يؤدي بالإنسان إلى الميل إلى الصلاح.
– في الموجودات، لأنه يكسب اليقين بعظمة الخالق ويوثق صلة العبد به، كما يسبب استقامة التفكير ونبله، ويصقل الروح ويسمو بها.
وقد اختص منهج التفكير عند المسلمين بمجموعة من الخصائص، تنفي عنه الصفات السلبية، التي توجد في تفكير غيرهم، ومنها:
– التعدد والتنوع والشمول. للوحي والعقل.
– وحدة المعرفة، تربط بين أجزاء الوجود الكوني.
– تكامل عالمي الغيب والشهادة، يجمع بين العلم الظاهر بواسطة الحواس وعلم يستأثر الله به.
– العقلانية، قررها القرآن الذي جمع بين العلم والعقل والبرهان والتفكر في المخلوقات لمعرفة الخالق.
– الوسطية والاعتدال، الحق بين باطلين، واعتدال بين طرفين، أي موقف جديد بين نقيضين متقابلين، فلم تعرف الحضارة الإسلامية تناقضا بين الروح والجسد، أو بين الدنيا والآخرة، أو بين الدين والدولة، أو بين الدين والعلم، أو بين الذات والموضوع، أو بين الفرد والجماعة، أو بين الفكر والواقع، أو بين المقاصد والوسائل.
– التجديد، بالتذكير بالأصول ودفع الشبه عنها، والتشريع للفروع المتجددة باستحضار الأصول والمبادئ والمقاصد، لضمان بقاء الدين واستمراره.
– الانفتاح والهيمنة، فترجمت المعارف والعلوم النافعة من الثقافات الأخرى واستبعد ما يشكل خطرا على الإسلام والمسلمين.
– احتمالية المعرفة الطبيعية، أي لا تضمن نتائج علمية مطلقة.
– الاستناد إلى القيم والمعايير الأخلاقية، بترشيد التفكير بالاستقامة والتزام المسؤولية لتحقيق الصالح العام، بعيدا عن الأهواء والتعصب التي قد تؤدي إلى تحميل النتائج تفسيرات شاذة عن المنطق العلمي.
فأثمر هذا النهج فكرا خلاقا أسس حضارة زاهية، كانت هي أساس ما يسمى بالحضارة الغربية، التي جردت تلك المعارف والعلوم عن خصائص الربانية وابتعدت بها عن الفطرة السليمة، فهتكت بذلك القيم الإنسانية الحقة.
لكن مما يؤسف له أن كثيرا ممن ينتمون إلى هذه الأمة ويحملون أسمائها تناسوا فضلها وجهلوا حضارتها، فساروا وراء سراب الحداثة الزائفة التي أفقدتهم صفات الرجولة والشهامة والكرامة، كما أفقدتهم تمييز الإنسان العاقل الراشد والسوي، فخلعوا ستر الحياء وأصبحوا يطالبون بالزواج المثلي وبالإباحية وهتك الأعراض، كل ذلك باسم الحداثة.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.