16 ماي؛ من الفاعل ومن المستفيد؟
عبد الصمد المرابط
هوية بريس – الإثنين 19 ماي 2014
16 ماي يوم يذكر المغاربة قاطبة بالهجمة الإرهابية التي قامت بها مجموعة تنتمي إلى خلية xباستهداف عدة مواقع في مدينة الدار البيضاء، موقعة عددا من القتلى والجرحى، تاركة وراءها لغزا حير المغاربة قاطبة، لكن السؤال المطروح من الفاعل ومن المستفيد من هذه الهجمة الإرهابية؟
لا شك أن الإجابة عن هذين السؤالين تستدعي استحضار الصراع الفكري والأيديولوجي الذي يشهده العالم العربي بين عنصرين، عنصر يمثل الفكر الاسلامي بألوانه وأطيافه، عنصر يمثل الفكر العلماني بألوانه وأطيافه، وباستحضارنا لهذين النموذجين المتصارعين يمكننا القول: بأن النموذج العلماني الذي يشن حربا على مقدسات الأمة ويستهدف تغيير معالم فكرها وثقافتها بجميع الوسائل القمعية والاستبدادية المتاحة له، هو المستفيد من هذه الهجمة الإرهابية التي قامت بها المجموعة التخريبية المنتمية إلى عصابة x.
أما جوانب الاستفادة بالنسبة للتيار العلماني، فتتمثل عموما في إلصاق التهم الزائفة في التيار الإسلامي وتقزيم حجمه وإظهاره للمجتمع على أنه تيار متطرف لا يؤمن بالتسامح والتعايش والتعددية وغير ذلك من الشعارات التي لا وجدود لها حتى في قاموس من يرددها على لسانه كل حين، ومباشرة بعد هذه العملية الإرهابية تم الزج بآلاف ممن ينتمون فكريا إلى التيار السلفي، وتوجيه التهم إلى حزب العدالة والتنمية، والتهديد بحل الحزب ومكافحة أنشطته، والعمل على تصدير الرعب والخوف عبر الوسائل الاعلامية: المرئية والمسموعة والمكتوبة، لكن الذي استهدف بشكل مباشر هم الذين يطلق عليهم إعلاميا “السلفية الجهادية”؛ باعتقال أهم شيوخهم وآلاف من أتباعهم والزج بهم في غياهب السجون، والتنكيل بهم وتعذيبهم جسديا ونفسيا وتشريد الآلاف من عوائلهم، ورغم هبوب ريح التغيير في العالم العربي وسقوط أعتى دكتاتوريي البلدان العربية، وانفعال المغاربة مع هذه الهبة عبر القيام باحتجاجات واسعة من التي على إثرها حصلوا على دستور أقل ما يقال فيه أنه دستور ممنوح، ومع هذه التغييرات التي حصلت في بلدنا ووصل إلى السلطة “ظاهريا” الإسلاميون، لكن رغم ذلك فإن سجناء الرأي والعقيدة لا زال منهم الكثير يقبعون في أقبية السجون.
أما الإجابة عن السؤال الثاني، فلا شك أن المسألة غامضة، بل ضاربة في الغموض، فهي من باب الألغاز التي لم يكشف عنها لحد الآن، طيلة إحدى عشر سنة من وقت الواقعة، بل حتى إن الجهات الأمنية لم تفتح تحقيقا موضوعيا في هذه الجريمة التي زج على إثرها بشريحة من شرائح مجتمعنا، حتى تبين للشعب المغربي من المسؤول عنها، وتقدمه للعدالة إن كانت هناك بقية من بقايا العدالة في هذا البلد، والعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي والعقيدة، وجبر ضررهم المادي والمعنوي، وإسقاط قانون محاربة الإرهاب، وتقديم مبادرة جدية بعيدا عن الحلول الأمنية التي لا تزيد من الأمر إلا تعقيدا، وإعطاء وفتح المجال وتمتيع هؤلاء بحقوقهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، حتى تثبت الدولة أنها أم للجميع، وليس لتيار معين.