الإمام المهدي بين الحقيقة السنية والخرافات الشيعية
إبراهيم الصغير
هوية بريس – الإثنين 26 ماي 2014
عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين” رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
يُعد ظهور المهدي آخر الزمان من أشراط الساعة، حيث يعتقد المسلمون أنه رجل من أهل البيت سيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا وظلما، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال، وفق ما تقرر من أدلة صحيحة صريحة.
وقد ادعى هذا المقام خلق كثير، ممن سول لهم الشيطان وأوحى لهم، أنهم هم المهدي، ولكن التاريخ رفضهم ودعواهم، لتبقى حقيقة المهدي ساطعة صافية لا يشوبها لبس ولا يخالطها التباس حتى اخترع الشيعة مهديا خرافيا، لتلتبس الأمور على بعض الناس فيخلطون بين مهدي السنة الحقيقة ومهدي الشيعة الخرافة، بعيدا عن كل تلك الادعاءات.
ومن هنا كان لزاما علينا توضيح الفروق الجوهرية بين المهدي الحقيقة الذي يعتقد به المسلمون ويتنظرون ظهوره آخر الزمان، وبين المهدي الخرافة الذي صنعه الشيعة تضليلا وتلبيسا على المسلمين في دينهم والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
الاختلاف في الاسم:
من أولى الفروق التي تطالعنا ونحن نبحث في الفرق بين مهدي السنة وخرافة الشيعة: الاسم، فالأول اسمه محمد بن عبد الله والثاني محمد بن الحسن العسكري.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ذِكرُ المهدي وصفاته وأحواله، منها ما رواه الترمذي بسند صحيح وأخرجه الإمام أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: “لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا” (صحيح الجامع حديث رقم:5304).
ففي هذا الحديث ردّ قوي على الشيعة ومهديهم المزعوم، والمسمى محمد بن الحسن العسكري، بخلاف المهدي الحقيقة والذي يسمى محمد بن عبد الله.
وهذه من الحقائق الصعبة التي واجهت معممي الشيعة قديما وحديثا، ولم يُجد معها الكذب ولا التقية ولا التناقض. فعمد بعضهم إلى حذف ذكر اسم الأب من الحديث السابق، وتوجه آخرون إلى التحريف فقالوا جده الحسين وكنيته أبو عبد الله، وأوَّل غيرهم اللغة لتحريف معنى “يواطئ” لتدل على عدم الموافقة. وكلها محاولات يائسة لا سبيل إلى تمريرها.
وفي مقابل ذلك نسج الخيال الشيعي المخبول أسماءً وصنع ألقابا للدلالة على خرافتهم فسموه: المهدي، محمد، القائم، الغائب، الصاحب، الحُجّة، الخائف، الخَلَف، أبو صالح، الناحية المقدسة، إلى غير ذلك من الألقاب التي أوصلوها في بعض كتبهم إلى تسعة وتسعين اسما، واضطربت أقوالهم وتناقضت آرائهم حول هذه الأسماء، حتى ذكر نعمة الله الجزائري رواية عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: “صاحب هذا الأمر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر” (“الأنوار النعمانية” (2/53)).
الاختلاف في الولادة:
الشيعة هم من حَبَك قِصة ولادةَ المهدي المزعوم، لذا فتفاصيلها وحكاياتها بيد معمميهم يوجهونها كيف شاءوا، فهم يملكون الرؤية من فوق كما يعرف في أدبيات القصة الروائية.
وهذه الرؤية الشيعية تبدو أيضا غير واضحة المعالم، لتناقضها وتعارضها، فهم صنعوا المهدي ولم ينتبهوا لهذه التفاصيل، ومن تم بدأوا في حياكتها وفق ما يتماشى ومذهبهم الباطل.
فقد اختلفوا في أمه اختلافا كبيرا، فقالوا: جارية اسمها سوسن، نرجس، صيْقَل، مُلَيْكة، خمط، حكيمة، ريحانة، وقيل هي أمة سوداء، وقيل هي امرأة حرة اسمها مريم.
ولإزالة هذا الإشكال إليكم الحل الغريب المشكل من النوري الطبرسي حيث يقول: “أمه مُليكة التي يقال لها في بعض الأحيان: سوسن، وفي بعضها تنادى بريحانة، وكان صيقل ونرجس أيضاً من أسمائها”.
وبعدما أوجدوا له أما ابتكروا لها ولادة خرافية لم تعهد في سالف الأزمان، بين حمله في بطنها وحمله في جنبها وخروجه من فخذها على غير عادة النساء، وحمله ووضعه في ليلة واحدة قبيل الفجر.
هذا عندما يريد الشيعة الترويح عن أنفسهم ويمنونها بوجوده أصلا، وإلا فالحقيقة المرة بالنسبة للقوم أن الحسن العسكري كما يذكر محققو التاريخ وكتبهم كذلك مات ولم يخلف ورثة، واستحق تركته أخوه جعفر وأمه.
قال الشيخ محب الدين الخطيب “أنه -أي محمد بن الحسن العسكري- شخصية موهومة نسبت كذبا للحسن العسكر الذي مات من غير ولد، وصفى أخوه جعفر تركته على أنه لا ولد، له وللعلويين سجل مواليد يقوم عليه نقيب في تلك الأزمان، لا يولد منهم مولود إلا سجل فيه، ولم يسجل فيه للحسن العسكري ولد، ولا يعرف العلويون المعاصرون للحسن العسكري أنه مات عن ولد ذكر”.
يقول النوبختي عن الحسن العسكري: “توفى ولم يُر له أثر، ولم يُعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ميراثه أخوه جعفر وأمه” (“فرق الشيعة”، ص:118-119).
كانت هذه من النقط الأولى التي فرقت الشيعة فرقا كثيرة أنكرت أغلبها وجود هذا المهدي الخرافة إلا ثلاث فرق من عشاق الوهم وصناع الخيال.
ناهيك عن الاختلاف الكبير في سنة الولادة، وفي سنة دخوله السرداب؟
الاختلاف فيما سيقوم به:
لو استسلمنا لهذه الخرافة الشيعية الرافضية وسلمنا لها جدلا وفرضنا وجودها على عقولنا وألبابنا فرضا، فستنتفض ضدنا انتفاضا شديدا عندما سنحدثها بما سيقوم به هذا المهدي؟
إذ كان المهدي الحقيقة سيقيم العدل ويحارب الظلم، ويعظم المساجد، ويتبعه المسلمون. فما هي الأعمال التي وكل بها الشيعة مهديهم؟
مهدي الشيعة شاء له المعممون أن يتكلم العبرانية، ويحكم في الناس بشريعة داوود، ويتبعه اليهود، ويصلب الشيخين -رضي الله عنهما-، ويهدم الكعبة، ويقيم الحدّ على عائشة -رضي الله عنها-، ويقتل العرب ويهدم المساجد، ويأتي معه بمصحف فاطمة ودين جديد. ويرى الناس ولا يرونه، ويخرج خائفا.
نعم العدل هذا الذي سيقيمه مهدي الشيعة المنقلبة أفهامهم والمنتكسة فطرهم.
وإليكم بيان هذه العقائد الفاسدة من كتب القوم حرفيا:
أ- في كتاب “الغيبة” للنعماني: (إذا أذَن الإمام دعا الله باسمه العبراني…) (الباب20 ص:326-327).
ب- روى الكليني في كتاب الحجة من الأصول في الكافي-ما نصه: “… ثم قال يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان ولا يُسأل بينة” (1/397).
ج- روى المفيد في “الإرشاد” عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد الله قال: (يخرج مع القائم عليه السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا من قوم موسى، وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسليمان وأبو دجـانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا) (2/386).
د- في صحيفة الأبرار، للشيعي ميرزا محمد التقي الشريف أن المهدي سيتوجه برفقة إلى قبري أبي بكر وعمر ويستخرجهما ويصلبهما (… فيخرجان غضين طريين كهيئة صورتهما في الدنيا فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبان عليها) (2/495).
هـ- في كتاب “الغيبة” للنعماني: (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول (ص) إلى أساسه…) (ص:282).
و- في بحار الأنوار للمجلسي: عن أبي جعفر عليه السلام قال: (أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها) (25/314).
ز- في بحار الأنوار للمجلسي أيضا: (يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس شأنه إلا السيف، لا يستنيب أحدا، ولا أخذه في الله لومة لائم) (52/354).
هذه بعض الأعمال التي سيقوم بها مهدي الشيعة لإقامة العدل الذي لم نعد نعرف معانيه بعد هذه الإطلالة السريعة في كتب القوم، ضمن البحث في الفروق بين المهدي الحقيقة وما يعرف بالخرافة الشيعية.
جمعتها ليعرف الناس جميعا أن الإمام المهدي الحقيقي هو المعروف عند أهل السنة في الأحاديث المعتبرة، وما دونه لا يعدو كونه أضغاث أحلام وخرافات لئام، صنعها الشيعة لمحاربة الإسلام.