إعلامنا والسيناريو المحذوف
بوجمعة حدوش
هوية بريس – الإثنين 26 ماي 2014
معظم القنوات المغربية والعربية ذات التوجه الحداثي تركز في كثير من برامجها وفي الأفلام والمسلسلات التي تعرضها على نقطة مهمة تكاد تراها في كل ما يُعرض على شاشاتها، وهذه النقطة هي محاولتهم كسر حاجز الخجل والحياء بين الجنسين، ودعوتهم من خلال هذه البرامج والمسلسلات إلى انفتاح كل من الجنسين على الأخر، والتخلص من “عقدة” أن هذا ذكر وهذه أنثى يجب عدم اقتراب أحدهما من الآخر في كل مجالات الحياة المختلفة التي تفرض ذلك.
بل على الجنسين التحلي بالشجاعة الكاملة في إزالة كل المعيقات التي تقف حاجزا أمان انفتاح بعضهم على بعض. فإذا نجحت هذه القنوات في إقناع المشاهد بأن الانفتاح بين الجنسين أمر حتمي يفرضه الواقع، انتقلوا بهم إلى سيناريو آخر يدعوهم إلى إنشاء علاقة صداقة بريئة بين الشاب والفتات، من أجل تبادل العواطف والمشاعر بينهما، والتمتع بأحاسيس الصداقة البريئة، وكذلك من أجل تبادل الأفكار والمقترحات حتى لا تبقى رهينة الجنس الواحد فقط، فربما يعرف الشاب أمورا لا تعرفها الفتاة وجب عليه أن يحدثها بها، وهي كذلك، فإذا اقتنع المشاهد بهذه الأفكار انتقلوا به إلى سيناريو آخر اعتمدوا فيه على التلميح أكثر من اعتمادهم فيه على التصريح رغم أن التصريح بهذا الأمر واضح في كثير مما يعرضونه على تلك القنوات، وهذا السيناريو هو دعوتهم صراحة عن طريق التصريح والتلميح إلى مزاولة حقوق الشباب والفتيات الطبيعية، وممارستهم للعلاقة الجنسية بافتخار واعتزاز، فإذا كان الشاب يميل إلى الفتاة ويحب منها ما تحبه منه، فما الذي يمنعهما من ممارسة حريتهما الشخصية بكل جرأة وأريحية.
لكن للأسف هنا ينتهي سيناريو هذه القنوات في تغطيتها للمراحل التي يجب على الجنسين اتباعها، ويجعلون نتيجة هذه المراحل هي تمتع الجنسين ببعضهما البعض، ثم يقفون على هذا السيناريو ولا يتعدونه، وفي الحقيقة السيناريو لم ينتهي هنا، فهناك سيناريو تعمدوا حذفه، فقد عَرض هذا السيناريو الجانب المشرق في نظرهم، لكن ترك الجانب المظلم والمأساوي الذي إذا عرضته هذه القنوات وغيرها، فأني أقول جازما أن كل الشباب والفتيات سيرتدعون عن ممارستهم للزنى، لكن لن تعرضه هذه القنوات لأمر بسيط وهو أنها سوف توصف بالتناقض تدعو إلى الشيء وضده أو إلى ما يردع المشاهد عما دعته إليه في البداية، والسبب الأخر أنها ستتخلى بذلك عن مبادئها لأن مبادئها الانفتاح والتحرر وهذا السيناريو الأخر عائق أمام هذا الانفتاح والتحرر.
وهذا السيناريو الذي أقصده والذي أتمنى غير راج أن أراه على هذه القنوات هو ماذا يحدث بعد ممارسة الزنى بين الشاب والفتات؛ وهذا السيناريو الذي سأتحدث عنه هو المتمثل في قوله سبحانه: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” وهو سيناريو لأحد هذه السبل فقط، وإلا فإن الممارس للفاحشة ستنطلق به فاحشته في سبل سوداء سيئة كثيرة.
الذي يحصل أن الزاني والزانية إذا أقدما على هذا الفعل في أول الأمر سترهما الله وإذا عادا إليه سترهما الله، فالله لا يفضح من أول وهلة سبحانه، فإذا لبسا ثوب المعصية وأبيا أن ينزعانه فضحهما الله على رؤوس الأشهاد، والفضيحة التي سأقتصر عليها هنا هي إصابتهم بداء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز/السيدا)، فمن المعروف أن هذا داء سببه الأول وعلى الغالب هو العلاقات الجنسية الغير الشرعية. إذن ماذا يحدث بعد أن يصاب الممارسين للزنى بهذا الداء الخطير الذي جعله الله آية لكل من تحدثه نفسه بممارسة الزنى؟
الذي يحدث أن المصاب بهذا الداء يفقد مناعة في جسمه تجعل هذا الجسم عرضة لكل الأمراض لأنه فقد الأسلحة التي كان الجسم يستعملها إذا ما هجم عليه مرض معين، لكن بعدما فقد هذه الأسلحة واستبدلها بشهوة ساعة، جاءته الأمراض من كل ناحية، فقد يقاوم تلك الأمراض بالأدوية برهة من الزمن ويخسر مالا كثيرا عليها، لكن لن تستمر هذه المقاومة لأن جنود الله التي خلقها في جسم الإنسان أخذها منه بعدما فضل عليها الشهوة. ثم بعد هجوم هذه الأمراض عليه تجعله طريح الفراش لا يستطيع الحراك، فغيره يذهب ويجيئ ويلعب ويتحرك ويستمتع بالحياة وهو لا يستطع إحضار كوب ماء لنفسه، فيزيد على معاناته معاناة عائلته معه، كل هذا لأنه قدم شهوة ساعة على الصبر عليها.
تمر الأيام والأشهر وربما السنوات إن أمهلته وأمهله الموت وهو على حالته لا يستطيع أن يقوم من فراشه، زد على ذلك فضيحته أمام أهله وعائلته والناس أجمعين بعد علمهم بمصدر هذا المرض، ثم بعد هذا ينتقل به المرض إلى شلل شبه تام أو ربما تام يجعله يندم على اليوم الذي خطى برجله إلى تلك الكبيرة، ويندم على يده التي لمست وتمتعت، ويندم على كل جوارحه التي متعها بالحرام، وها هي الأن لا تسعفه، رغم أنه كان يفعل ذلك من أجلها من أجل أن يمتعها، لكنها اليوم ضده ويوم القيامة ستشهد عليه، وإذا به ينتقل إلى أمر لو فكر فيه من قبل لما أقدم على هذه المعصية، ينتقل إلى التغوط والتبول على نفسه، وأمام أهله، نعم لم يستحي من الناس ولا من الله وهو يمارس ما يمارسه، فـإذا به يتلقى الجزاء من جنس العمل يتبول كما كان يزني والناس ينظرون، لكن هذا المرض لا يكتفي منه بهذا الذي حصل له فقط، بل يذهب معه إلى أمر آخر أمر شنيع وهو أن هذا المصاب يفقد عقله تدريجيا، فلا يعود يتذكر مَن حوله ولا من التي كان يمارس معها ولا يتذكر أحد، نعم كان يمارس الزنى وفي غمرة شهوته يفقد عقله في تلك اللحظات فلا يدري ما يفعل ولا يحس بأحد مرَّ بجانبه أو نظر إليه، لماذا؟ لأن الشهوة أفقدته عقله فلم يعد يستوعب ما يفعل، وإذا به أيضا يأخذ الجزاء من جنس العمل، ويفقد عقله فلا يتذكر شيئا، ويستمر حاله كذلك، طريح الفراش، مشلل الأعضاء، فاقد العقل، متبول على نفسه، حتى تأتيه منيته وهو على هذا الحال.
أليس هذا السيناريو هو إكمال للسيناريوهات التي بدأتها تلك القنوات؟ أليس من المفروض عليهم أن يكملوا السيناريو حتى يعلم المشاهد مصيره المحتوم إذا ما اتبع خطوات تلك القنوات الشيطانية، فسبحان الله كيف ربط سبحانه في سورة النور بين من يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا وبين خطوات الشيطان، ليعلمنا أن هؤلاء الذين يدعون إلى الرذيلة هم شياطين الإنس، قال سبحانه: “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون“، وقال بعدها بآية واحدة مذكرا المشاهد الذي يتابع مثل تلك القنوات الشيطانية التي تدعو إلى الرذيلة، “يا أيها الذين أمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يامر بالفحشاء والمنكر“؛ وهذه الفحشاء والمنكر تؤدي إلى مثل هذا السيناريو الذي تحدثنا عنه وهو الإصابة بمرض الإيدز وما ينجم عنه من تلك المهالك التي ذكرناها، وهو أحد سوء السبل الذي ذكره سبحانه في قوله: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا“.
حقا والله ساء سبيل الزنا ساء طريقه ساءت عاقبته.