«عبق الأخباث» من «جريدة الأحداث»
إلياس الهاني
هوية بريس – الإثنين 02 يونيو 2014
يبدوا أن القائمين على جريدة “الأحداث المغربية” تناسوا المهمة التي أنيطت بالسلطة الرابعة من مهمات وواجبات، رغم كثرة الناصحين لها، والنابهين إلى أن ما تنشره وتبثه على صفحاتها بين الفينة والأخرى من استهزاء بمقدسات المغاربة وشعائرهم قد جاوز حده.
ولم تعد الشعارات الفضفاضة التي ما تفتأ الجريدة تؤكد أنها تستند إليها من قبيل حرية التعبير والرأي غير مجدية؛ لأن الكل أصبح مدركا لحقائق هذه الشعارات عندما تطلق جزافا بدون تحديد لمفهومها، خصوصا إذا صدرت من العلمانيين المعروفين بعدائهم المتجذر لكل ما يمت بصلة للإسلام عقيدة، وشريعة، وسلوكا، وأحكاما،…
فما نشرته الأحداث في هذه الأيام من رسوم كاركاتورية استهزائية -والتي اعتادت الجريدة على نشرها- برسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه؛ ما هو إلا استنساخ واستمرار لتلك الحملة العالمية التي تزعمتها ترسانة إعلامية هائلة يتم من خلالها تمرير أكاذيب وأغلوطات فادحة عن دين الإسلام؛ كما فعلت ذلك الصحف الدنماركية التي نشرت رسوم مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم سنة 2005، ثم صحيفة “لومند” الفرنسية سنة 2006 التي نشرت تصريح بابا الفاتيكان بان الإسلام لا يعتبر من الأديان السماوية، وفي سنة 2007 صدر تقرير من كبار المفكرين والخبراء في الإعلام من الغرب ساووا فيه الإسلام بالمذاهب المادية الإلحادية كالشيوعية والنازية وغيرها، وفي سنة 2008 تمت دعوة من احد وزراء ألمانيا إلى إعادة نشر الصور المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صحافة دول الاتحاد الأوربي،…
وهكذا توالت الاستهزاءات والاستفزازات من دول الغرب على مقدسات المسلمين، لكن هؤلاء الغربيين الذين دبجت يراهم هذه الرسومات والكاريكاتورات لا يستطيع أن يقفز إلى أذهانهم الكتابة ونشر الصور والاستهزاء برموزهم وأعلامهم بحجة حرية التعبير؛ لان للحرية مجال وضوابط، وإلا فهل يستطيع إنسان في أمريكا أو فرنسا أن يحرق علم تلك البلاد بحجة الحرية، مع انه مجرد قطعة قماش، لا شك أن الاستنكارات ستنهال عليه من كل حدب وصوب، واعتبار ذلك الفعل ليس من الحرية بشيء، وحق لهم ذلك، لكن يبدوا أن جريدة الأحداث لا شان لها ولا تعير اهتمام لرموز المغاربة، فالمهم عندها أن تستدرك وتنقذ جريدتها من الإفلاس بعد الهجر والتراجع الحاد الذي شهدته مبيعات صحفها، ولن تجد لذلك من سبيل سوى بعث ونشر المزيد من “الأخباث” على صفحاتها وذلك من خلال كتاباتها ورسوماتها السيئة، كما فعل المدعو “العربي الصبان” الذي لا يفوت أي فرصة في المزيد من الاستهزاء بطريقة كاريكاتورية؛ كان أخرها استهزاءه بصحيح البخاري الذي جعله مصدر تخلف المسلمين منذ 1400 سنة، والاستهزاء بصحيح البخاري غير مقصود لذاته؛ وإنما لما تضمنه من حديث رسول الله الذي تلقته الأمة بالقبول، وكان للمغاربة اهتمام بالغ به تعلقا، وشرحا، وحفظا،… وهذا ليس بغريب عنهم، وهم الذين تلقوا دين الإسلام بصدر رحب منذ دخوله إلى هذه البلاد.
فما كنت أظن أن حرية الصحافة تبلغ إلى هذا الحد من انتهاك حرمات المغاربة، وإهانة مقدساتهم، فقد أسأتم حقا إلى المغاربة، وجرحتم مشاعرهم من غير موجب يقتضي ذلك.
إنا ليؤلمنا تطاول جريدة الأحداث التي ملأت صفحاتها بـ”الأخباث” في بلد دينه الإسلام، وشعبه مسلم، وهنا يكمن دور المؤسسات الرسمية للدولة؛ من وزارة الأوقاف، والمجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية، والرابطة المحمدية للعلماء،… مما تطرحه جريدة الأحداث عفوا “الأخباث” من تطاول مقصود على مقام النبوة.