عار عليك الإغلاق يا وزير الأوقاف
ذ. جواد أمزون
هوية بريس – الخميس 04 يوليوز 2013م
من العجيب في بلادنا السعيدة والعجائب جمة أن تعمد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى إغلاق دور القرآن بعلل واهية وتبريرات مضللة، وبتلك الطريقة الغريبة العجيبة التي فيها مظاهر التسلط والتجبر، كل ذلك في دولة تتغنى بدستور جديد ومرحلة جديدة.
إن دور القرآن يعرفها الجميع، فهي ليست وليدة اليوم، بل لها إرث يشهد له الجميع، فهي من أنجبت القراء الذين يشنفون مسامع المصلين في رمضان وفي غير مضان والشيخ عمر القزابري ليس منا ببعيد وإن كنت أظن أن الأوقاف لو وجدت إليه سبيلا لعزلته.
دور القرآن خرجت الخطباء الذين يزلزلون المنابر بكلماتهم وتمتلئ مساجدهم بآلاف المصلين.
دور القرآن هي من خرجت الدعاة والمصلحين في كل ربوع الوطن وخارجه، يدعون الناس إلى التمسك بكتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
دور القرآن هي التي حاربت الأفكار الهدامة التي تهدد شباب المسلمين من تطرف وإرهاب وتكفيريين، وكان علماؤها صمام الأمان أمام أفكار الخوارج والمعتزلة في ثوبهم الجديد، حتى اتهم رئيسها الشيخ المغراوي في ذلك الوقت بالعمالة للدولة، بل ونظمت لهم الدولة في أماكن عامة محاضرات في هذا الإطار؛ وليست محاضرات والدنا الشيخ الحبيب حسن الشنقيطي حفظه الله في ساحات أكادير عن الشيعة والخوارج منا ببعيد.
دور القرآن هي التي كانت دوما مدافعة عن ثوابت هذه الأمة من خلال ندوات ومؤتمرات ومقالات لطلبة روادها، دور القرآن كانت دائما هي السباقة للدفاع عن الإسلام والوحدة الترابية وإمارة المؤمنين.
دور القرآن كانت المتنفس للآلاف من الرواد في كل مدن المغرب لحفظ القرآن وتعلم قواعد تجويده، دور القرآن كان همها الوحيد خدمة كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم تكن لها نوايا لا في مناصب سياسية ولا إدارية.
إن دور القرآن إن قامت بكل هذا فهي لا تنتظر شكر أحد ولا تقوم به تزلفا أو تملقا لأحد وإنما هو واجبها نبتغي بذلك مرضاة الله عز وجل.
إلا أن بعض الناس لم يرقهم عمل دور القرآن فعمدوا إلى إغلاقها مرة ثانية بكل تبجح وخروج عن الدستور وأحكام القانون. فهل هذا هو جزاؤها، لم هذا اللؤم في التعامل معها؟ لم هذا الظلم والتعسف ضدها؟
والعجيب والغريب أن هذا القرار جرى في ظل حكومة ذات مرجعية إسلامية، في سكوت وصمت منها إلا ما كان من وزير العدل والحريات وبعض أعضاء الحزب من استنكار للقرار، فهل هو التحريش بين أبناء التيار الواحد؟
هل هو رغبة في كسر التوافق الحاصل بين السلفيين والعدالة والتنمية؟
هل هو محاولة لمنع السلفيين من التصويت مرة أخرى للعدالة والتنمية بمراكش وبالتالي إما ضمان المعارضة أصواتهم ـوهذا لن يحصل أبداـ أو ثنيهم عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع وبالتالي إقصاء فئة كبيرة من الناخبين؟
هل وصل بحكومة العدالة والتنمية أن لا تملك القرار في مثل هذه الأمور؟
هل هي مجرد شبح لا يحكم وإنما يتلقى الأوامر من العفاريت والتماسيح؟
لم تقبل العدالة والتنمية كل هذا الإذلال ومع ذلك تبقى صامتة لا تحرك ساكنا؟ ثم ما معنى أن قرار الإغلاق أتى “من فوق” ؟
أقولها للعدالة والتنمية بكل صراحة: إن كنتم لا تستطيعون الدفاع عن المواطنين فاعتزلوا واستقيلوا رحمكم الله، ولا تكون غطاء لممارسات الظلم والاستبداد من جديد، ولا يكتب عليكم التاريخ أنكم شاركتم في ظلم الشعب؟
والله عار عليك يا وزير الأوقاف؛ وأي عار أن يتم إغلاق دور القرآن بتلك المبررات ونحن على أبواب شهر القرآن في خرق سافر للقانون والدستور!! عار عليك أن تفتح اليهود معابدهم في بلادنا وتغلق أنت دور القرآن!!عار عليك أن تنشط جمعيات الإلحاد والتنصير والتشيع وتغلق أنت دور القرآن!! عار عليك يا وزير الأوقاف !!
أذكرك بالله الذي ستقف أمامه يوم القيامة وعندئذ لن تنفعك مناصبك ولن يقف بجانبك من تسير في حبالهم اليوم، بل ستقف وحدك فأعد للسؤال جوابا.
فيا ليتك والدولة معك تلبس لباس التبجح والتجبر فتعمد إلى إغلاق أوكار الدعارة المنتشرة في كل مدن المملكة بل وعليها أعلام ليعرفها للناس، يا ليتها تعمد إلى إغلاق الملاهي الليلية والكازينوهات ومحلات بيع الخمور ومقاهي الشيشة التي تقضي على الشباب عماد الأمة.
يا ليتها تقبض على المفسدين المتاجرين في المخدرات ولحوم البشر؛ يا ليتها تعمد إلى إغلاق الفنادق الفاخرة التي تباع فيها الفتيات ويباع فيها اللحم بأزهد الأثمان.
يا ليتها تعمد إلى إغلاق جمعيات المهرجانات التي تجلب الخزي والعار لبلادنا وتبذر أموال الشعب على العاهرات والراقصات التي كان الأولى أن تصرف في بناء الوطن وخدمة الشعب وتشغيل الشباب العاطل.
ياليتها تفعل ولكن لا تستطيع، لأن خلف كل ما ذكرت إما رجالا ذوي النفوذ أوأحزابا أو نقابات أو غير ذلك، أما نحن ودور القرآن فليس لنا أحزاب ولا جمعيات ولا نقابات ولا قنوات تدافع عنا ونعلم أننا محتقرون وأن دمنا رخيص جدا، ولكن بالله استعنا وهو الركن الشديد؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري في صحيحه: “يرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد”، وهو الله تبارك وتعالى إشارة إلى قول الله تعالى على لسان لوط عليه السلام: “قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد” (سورة هود:80).
أقول لإخوتي في دور القرآن لا تحزنوا ولا تيأسوا فإن وعد الله حق “إن الله يدافع عن الذين آمنوا” (سورة الحج:38)، فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون.
الدعاء الدعاء، الصمود الصمود، والصبر الصبر، واعلموا أن أهل الأرض كل الأرض لا ينفعون ولا يضرون ولا يرفعون ولا يخفضون قال تعالى: “إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط” (آل عمران:120).
ولكن مع هذا الصبر والثبات والدعاء لا بد من بذل الأسباب والتحرك القانوني والسياسي، لابد من رفع القضية إلى القضاء؛ وهنا دعوة لكل محام غيور شريف أن يدعم القضية، ولابد من تحركات تحددها الجمعية من أجل استرجاع حقها المسلوب.
ولا بد أن يعلم من كان سببا في الإغلاق سواء عرف أم لم يعرف أن زمن الذل قد مضى وأن زمن التسلط قد ولى وأن هذا زمن العزة والشرف زمن رفع فيه الناس رؤوسهم في كل البلاد.
أبشروا أيها الإخوة فالفجر يولد رغم أشباح الظلام، والشمس تشرق رغم أطباق القتام، والريح لا تهوى سوى قمم الجبال، والطير لا ترقى سوى الشجر الطوال، والورد لا يزدان إلا على أطراف التلال، وإن أظلمت فستنجلي وكمثل ما حملت تضع، وإن ضاقت الأرض على بلبل فسوف يشدو في رحاب السماء.
ولا تنسوا قول الله: “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون” (يوسف:21).