قناة العربية بين ميثاق الشرف المهني وصناعة الأخبار
إبراهيم الصغير
هوية بريس – الثلاثاء 16 يوليوز 2013م
متابعة، دقة، خبر، تميز، مباشر.. العربية أن تعرف أكثر.
كلمات ما فتئت تتكرر على مسامعنا، طيلة اليوم ونحن نشاهد قناة العربية الإخبارية.
كلمات تحمل رسائل مفادها الحيادية، والموضوعية، والتحري في نقل الأخبار، لإراحة ذهن المتلقي، وإعفائه من مهمة التنقيح والتصحيح، والبحث في صادقها من كاذبها، ومنقولها من مصنوعها، حتى يصبح أسيرا لكل ما تنقله القناة.
هذه القناة التي تحمل على عاتقها رسالة إعلامية تدعي فيها المهنية العالية، والموضوعية الكبيرة، والحيادية والشفافية بأعلى المعايير، وكلها كلمات رنانة براقة، تطغى بنورها على الحقيقة المرة والواقع الأليم.
ذكرت مصادر، وأوضحت تسريبات، وأكد مراقبون، كلها طرق مخادعة واحتيالية للانتصار إلى رأي مصنوع سلفا، في غرف معدة لصناعة الأخبار، وقلب الحقائق والأحداث.
فما مدى مطابقة تغطية قناة العربية لميثاق الشرف المهني الذي تدعيه؟
قناة العربية هي قناة فضائية إخبارية سعودية، انطلقت في 3 مارس 2003، إبان الحرب على العراق، متخذة منها مادة دسمة، اكتسبت منها الشهرة المطلوبة لتنفذ إلى قلوب الجمهور.
تتبع القناة خطة سياسة إعلامية مسطرة في الخفاء، تتماهى وسياسة القوى الكبرى في العالم، من خلال التغطية لصالحها والكيل بمكيالها، وذلك انطلاقا من الحرب على العراق، مرورا بالحرب على غزة، وصولا إلى تغطية الأحداث في مصر أثناء ثورة 25 من يناير، حيث انحازت القناة إلى النظام وصارت وكأنها بوقا من أبواقه ضد إرادة الشعب المصري.
فبدأت تفقد مصداقيتها، لتنهال عليها الاتهامات والانتقادات، من كل متتبع للشأن الإعلامي في عالمنا العربي، لفضح مخططاتها الرامية إلى تمرير أفكار وأخبار على حساب أخرى، ولمصلحة معينة، ضاربة بكل المواثيق العربية والدولية عرض الحائط.
بعدما ظلت زمنا طويلا تخدع كثيرا من الناس، باعتمادها الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، إلا أن السياسة والعلاقات الدبلوماسية أظهرت زيف هذه الدعاوى وبطلان تلك المزاعم، فلا حقيقة تعنيها أكثر من تلميع صورة أمريكا وحليفتها إسرائيل عند العرب والمسلمين.
وهذه الحقيقة لم تعد خافية على أحد، وتوضح قيمة التخطيط المستقبلي عند الغرب حين خططوا لهذا التوجه سنوات خلت، مركزين على الإعلام لسهولة تمرير الأفكار عبره، على حد قول أحد زعمائهم: “أعطوني قلما وشاشة أغير لكم بها وجه العالم”.
نعم لا أحد ينكر قيمة الإعلام في الإصلاح والإفساد عبر الرسالة التي يحملها، فإما رسالة بناءة، موضوعية، حيادية، شريفة، تروم الإصلاح وتدعو إليه، وإما ضدها وما أكثر قنوات الفساد والإفساد.
وما الأحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة المصرية إلا خير دليل على صحة هذا الطرح، فمنذ ثورة 25 من يناير وقناة العربية تغرد خارج السرب، بقلبها للوقائع والأحداث، بتزييف حقيقيها وتحقيق زائفها.
فقد هاجم الناشط في حركة 25 يناير وائل غنيم قناة “العربية” واتهمها بارتكاب خطأ مهنى وغير محترم على حد وصفه.
معتبرا بثها لمقابلة أجرتها معه قبل تنحي الرئيس بعد تنحيه، قلبا للحقائق ومحاولة لإلهاب الشارع المصري، بكلام غير حقيقي.
وقد رد عليها جمع من العلماء معتبرين منها قناة صهيونية، تروج الكذب الصراح وتنتصر لقضايا زائفة على أخرى حقيقية.
فقد انتقد الداعية الإسلامي الشيخ عبدالعزيز الطريفي، ما تقدمه قناة “العربية” من محتوى، وقال إنها تركز على قضايا معينة دون أخرى، وهو ما يتنافى مع الأداء المهني.
وكتب في تغريدة له على حسابه الشخصي على موقع “تويتر” في إشارة منه إلى نوعية عدد من الضيوف الذين تستضيفهم، قائلاً: “لو كانت قناة العربية في زمن النبوة ما اجتمع المنافقون إلا فيها، وما أنفقت أموال بني قريظة إلا عليها”.
هذا وقد وصف الشيخ محمد العريفي فضائية العربية بأنها “قناة صهيونية لا يسمع لها”،
ولم تتوقف القناة عند هذا الحد، بل زادت هجماتها على مصر معتبرة الإنقلاب العسكري على الشرعية ثورة ثانية على حد زعمها.
وقد أوقعها حالها هذا في الكذب الصراح على الإخوان المسلمين بعرض مقاطع وصور مفبركة إعلاميا، اتضح لاحقا زيفها وخداعها.
كل هذا ليعرف المتتبع العربي المسلم قيمة الصدق ومساحة ميثاق الشرف المهني عند قناة العربية، ومدى التزامها بالمواثيق العربية والدولية التي تنظم قطاع الإعلام.
ميثاق شرف الاتحاد الدولي للصحافيين:
• إلتزام الصحفي بمبادئ الموضوعية والحياد في نقل ونشر الأخبار وجعل احترام الحقيقة وحق الجمهور في الوصول إليها هو أولى واجبات الصحفي.
والقناة بهذا المنحى تتبع منهج التحيز واللاموضوعية، متلاعبة بحق الجمهور في الوصول إلى الحقيقة.
ميثاق الشرف الإعلامي العربي:
* المادة العاشرة:
• تعميق روح التسامح والتآخي ونبذ كل دعاوى التحيز والتمييز والتعصب أيا كانت أشكاله، وطنياً أو عرقياً أو دينياً، والامتناع عن عرض أو إذاعة أو بث أو نشر أية مواد يمكن أن تشكل تحريضاً على العنف والإرهاب والتطرف.
هذه المادة أخذتها القناة معكوسة، لتأتي ممنوعها وتبتعد عن مأمورها.
* المادة الحادية عشرة:
• الامتناع عن وصف الجرائم، بكافة أشكالها وصورها، بطريقة تغري بارتكابها أو تنطوي على إضفاء البطولة على الجريمة ومرتكبيها أو تبرير دوافعها، أو منح مرتكبيها والمحفزين عليها أو المروجين لها فرصة استخدام وسائل الإعلام منبراً لهم.
العربية تتخذ من المصالح والدوافع السياسية منطلقا للحكم على هذه الجرائم، فمرة تصف الشهداء بالقتلى والعدوان بردة الفعل، والانقلاب بالثورة والشرعية بالاستبداد، وفي هذه الأيام تصطفي أحلى الكلام لمدح الانقلابيين واصفة إياهم بالثوار الشرفاء الذين أكملوا ثورة 25 من يناير، وتمدح الرئيس المصنوع وكافة أفعاله.
بينما الحدة والسلاطة في اللسان على أصحاب الشرعية، الإرهابيين على حدّ قولها، مضفية بذلك ثوب البطولة على الجريمة للإغراء بها بتبرير دوافعها، موفرة منبرا منفرا لأصحاب هذه الجرائم دون غيرهم.
* المادة الحادية والعشرون:
• الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي ومراعاة بنيته الأسرية وترابطه الاجتماعي.
لا دين يهم قناة العربية إلا دين أسيادها ومسيريها، إرضاء لهم على حساب ثوابت المجتمع العربي وقيمه، وترابطه الأسري.
وهذه دعوة للقناة لمراجعة أوراقها، وحساباتها، متخذة من احترام الجمهور، والدقة، والمصداقية، والموضوعية في نقل الأخبار، بما يشمله ذلك من عدم الانحياز لجانب على حساب الآخر منهجا إعلاميا لسيرها.
وليس العيب في الخطأ، إنما العيب في التمادي فيه، بعد معرفته، والإحاطة به، وليراقب القائمون على القناة الله في كل أمورهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء … يسرك يوم القيامة أن تراه