أزمة العراق تجمع إيران بـ«الشيطان الأكبر»
هوية بريس – الجزيرة
الثلاثاء 17 يونيو 2014
تنذر الأزمة المشتعلة في العراق بتشظي الدولة، لكنها باتت مكانا للقاء التناقضات. فإيران التي طالما وصفت أميركا بـ”الشيطان الأكبر” تعرض التعاون معها، وهي التي سبق وصنفتها ضمن “محور الشر”. فحسابات المصالح هي التي تجمع الاثنين ببلاد الرافدين.
رجح مراقبون ومحللون سياسيون أن يكون هناك تعاون فعلي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران لمواجهة تدهور الوضع في العراق، لكن طبيعة هذا التعاون وحدوده لا تزال غير واضحة المعالم.
فقد لقي حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن إمكانية تعاون بلاده مع واشنطن في أي تدخل بشأن الأزمة في العراق آذانا صاغية لدى إدارة الرئيس باراك أوباما. وضمن هذا الإطار، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الاثنين إن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع إيران بشأن تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، دون أن يستبعد قيام تعاون عسكري “محتمل” مع طهران لوقف زحف “المقاتلين المتشددين”.
وقال السفير الأميركي السابق في العراق ديفيد نيوتن إن إيران والولايات المتحدة “تربطهما مصالح مشتركة في العراق، ولكن لديهما بالمقابل مصالح متناقضة على المدى الطويل” مضيفا أن واشنطن لا ترغب في أن ترى إيران مهيمنة على العراق، إلا أن لدى البلدين في الوقت الحالي “مصلحة مشتركة في وقف تقدم (تنظيم) الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن الجانبين سيعملان حيث تتزامن مصالحهما “فهما يريدان تجنب حرب طائفية شاملة، ويأملان في عدم تفكك العراق على المدى الطويل”. لكنه يرى أنه “ليس من المؤكد وجود خطة لدى تنظيم الدولة للمضي قدماً في السيطرة على المناطق الشيعية بشكل كبير، إلا أن المصلحة المشتركة الأكبر بالنسبة لواشنطن وطهران تتلخص في منع تقسيم العراق على المدى الطويل إلى ثلاثة أجزاء بدلاً من جزأين في الوقت الحاضر”.
تناقضات ومصالح
وذكر نيوتن أن السؤال بالنسبة للولايات المتحدة يتعلق بـ”مدى امتلاك الرئيس الإيراني نفوذاً حقيقياً على السياسة، والعمليات الإيرانية في العراق، حتى يعرض على واشنطن المساعدة”.
وأضاف أن الشخص الإيراني “المهيمن في العراق هو قاسم سليماني قائد قوة نخبة القدس، وهي جزء من الحرس الثوري الإيراني، ولديها وجود كبير بالفعل في العراق وتعمل على تدريب المليشيات الشيعية العراقية المختلفة والقيام بأنشطة تخريبية، وينُظر إلى سليماني من قبل الولايات المتحدة بوصفه عدواً خطراً”.
من جهته، اعتبر الباحث في “مؤسسة القرن” ستيفن شليسنغر، تصريحات كيري بشأن إمكانية التعاون مع إيران في العراق أنها “تعني أنه سيكون هناك تعاون ضمني على الأقل إن لم يكن هناك تنسيقي رسمي بين البلدين”.
كما رجح اقتراب الولايات المتحدة من هذا التحالف “بحذر شديد خصوصا وأنه قد يكون مثيراً للجدل في الكونغرس ومع إسرائيل، كما أن دولا مثل السعودية ومصر والأردن ودولا أخرى معادية لإيران في المنطقة قد تسيء فهم هذا التعاون بين واشنطن وطهران”.
وبسؤاله عن فرضية عمل الولايات المتحدة وإيران معاً بالفعل بشأن العراق، قال “إن ذلك قد يولد قوة دفع جديدة لتسوية قضية نووي إيران من خلال المحادثات الجارية بجنيف”. لكنه شكك في أن ترفض الولايات المتحدة “تماماً” التعاون مع طهران أو التخلي عن العراق تماما.
وخلص إلى أن القاعدة الإستراتيجية التقليدية “عدو عدوي صديقي” ستنطبق على هذا التعاون الأميركي الإيراني.
حدود التعاون
أما رئيس مجموعة “لافنتين” البحثية دانيال نيسمان، فاستبعد تعاون الولايات المتحدة وإيران بشأن العراق “بطريقة مفتوحة على الرغم من أن التعاون السري بينهما ممكن”.
وقال “إذا ما تدخلت الولايات المتحدة في العراق فإنه سيكون من المستبعد أن تنسق مع إيران، وسيكون الدور الأميركي مقتصراً على إخلاء الموظفين الأميركيين من بغداد إذا دعت الحاجة لذلك، أو مهاجمة قادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عن طريق هجمات الطائرات بدون طيار”.
ورجح المتحدث أن يلعب الضغط -الذي يمارسه السعوديون على واشنطن لكي تبقى بعيداً عن أي تعاون مع طهران- دوراً في عدم قيام تعاون فعلي بين البلدين، مؤكداً أن السعودية لديها وسائلها الخاصة في جعل الولايات المتحدة “تدفع الثمن” مضيفا أن واشنطن أعطت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي “خياراً واحداً، إما اختيار المساعدة الإيرانية أو مساعدة الولايات المتحدة، ويبدو أن المالكي قد اختار إيران في الوقت الراهن”.