استنبات شوك الفكر الغربي… في تربة الشريعة!

ذ. طارق الحمودي

هوية بريس – الخميس 19 يونيو 2014

سلك الفكر الحداثي العربي في الآونة الأخيرة مسلكا منهجيا جديدا في التسويق لنظرياته الإبستمولوجية والفلسفية، فانتقل من الاستيراد الفكري إلى الاستنبات التراثي، فقد وجد نفسه أمام مدافعة وممانعة ثقافية شديدة في الأوساط الفكرية الإسلامية، وانتبه إلى أنه بهذه الطريقة لا يمكنه الترويج لفكره الغربي الشكل والمضمون؛

ولاحظ أن بث الفكر من داخل التراث أسلم وأقوى وقعا، وأكثر ضمانا لسيلان ما يبثه من نظريات وفلسفات في العقل العربي، فتموقع داخل التراث الإسلامي، واجتهد في البحث عن مستقر مكين وموضع ثابت له فيه، فاختلفت الاختيارات والتموضعات باختلاف المقاصد والنظريات الفكرية والمعرفية المراد استنباتها، وكانت مقالات الفرق الإسلامية مقصدا مناسبا لهذا التوجه العربي الحداثي الجديد، ومرتعا أوفق للاستنبات الوظيفي، فتتابعت محاولات إحياء بعض المقالات الكلامية وتوظيفها فكريا وفلسفيا.

مشكلة هؤلاء المستنبتين، فشل المشروع من أساسه، لأسباب موضوعية ونفسية، أما الموضوعية، فجهلهم بالتراث الإسلامي وأدوات قراءته أوقعهم في تقريرات مضحكة، وتحريرات سخيفة، وأما النفسية فجنوحهم إلى دوغمائية في الترويج للأدوات والآليات الغربية في قراءة التراث الغربي.

والمستفز في هذا أن بعضهم تمويها وتدليسا أو خوفا لا يفصح عن المصدرية الغربية لمؤسسات فصلته أو أدواته النقدية والمعرفية.

ولعل من أبرز أسباب الفشل هو الانتقائية الظالمة في التوظيف، فإقصاء مفهوم التكامل في التراث الإسلامي كان مؤذنا بالفشل الاستنباتي أو الاستغلافي أو التوظيفي.. قل ما شئت.. .ويسمي الدكتور طه عبد الرحمن هذه الانتقائية (تقويما جزئيا). ومعناه أن يلجأ المقوِّم إلى قطاعات تراثية، (فيكون من هذه القطاعات ما يعد -بحسب هذه النزعة- مقبولا يستحق الدرس، بحجة أنه حي يحتمل أن نربط أسباب الحياة فيه بالحاضر، وأن نتوجه بها إلى المستقبل، ومنها ما يعد -على العكس من ذلك- مردودا لا يستحق الدرس، بحجة أنه ميت). أنظر (تجديد المنهج في تقويم التراث/ص:24).

لقد تعددت تموضعات هؤلاء الموظِّفين الموظَّفين في الغالب، فمنهم من اختار الفكر الاعتزالي ومنهم من اختار الفكر الفلسفي الإسلامي ومنهم من اختار.. الفكر الخارجي… لتأسيس تحرير المرأة… من الشريعة… كمستنبت الشوك في تربة التراث… الذي ما أن يضع الفصلة في التربة.. حتى يقتلعها أصحاب الأرض… ورثة الأنبياء!!