أخطأ طبيب مشهور… فطعنوا في نقابات الأطباء!
هوية بريس – طارق الحمودي
الأربعاء 16 يوليوز 2014
يسلك أهل البدع والحداثيون المتفلسفون مسلكا ساقطا في نقد أخطاء بعض مخالفيهم من أهل الحديث، فإنهم يعمدون إلى الزلة والهفوة، فيزعمون أن سببها منهجه وطريقته، ثم يعممونها على من هو على مهيعه ومسلكه، وهي طريقة تدل على فقر في القدرة على مناقشة الأصول، ونقص حاد في شروط النقد العلمي، ونذالة في المخالفة، وهذه طريقة كل من لاحظ من نفسه ضعفا في معاجلة المعلومات المتعلقة بأسس البناء الفكري لأهل الحديث والسنة..
وإنك لتقرأ من خلال ذلك حيرة وخللا نفسيا في القوم، فيسقطون ضيق تنفسهم، وضنك أنفسهم على غيرهم… ويرمونهم بما فيهم.. على قاعدة: رمتني بدائها وانسلت!.. ولو اطلعت على أخطائهم -بمستوى مصائب- لملئت منهم رعبا لبشاعتها… فالقوم في عيونهم جذوع شجر، ويشتغلون بملاحظة القذى الحقير في عيون مخالفيهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه).. ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي سور غيره بالبعر…!
طريقة أهل الحديث أنهم يلاحظون الأفكار وينتقدونها، فإن رأوا من صاحبها عنادا أو شططا في المخالفة انتقدوا شخصه وأظهروا عواره، فإن ركن المخطئ إلى أدبيات المخالفة، وشفع له حسن خلقه وعفة لسانه عاملوه وجوبا باحترام شخصه، ولم يتجاوزا انتقاد فكره وقوله إلى الطعن فيه.
وهم في هذا أشد على من انتقص من الأئمة الكبار، بدءا بالصحابة الأبرار، والتابعين الأخيار، والأئمة المتبوعين أهل الفضل والأنوار، فلا كرامة له عندهم ولا حرمة، كما قال ابن عساكر: (إنما نحترمك ما احترمت الأئمة).
وأما في خصوص علماء أهل الحديث من السلفيين، فهم بشر يصيبون ويخطئون، وكل يعبر عن وجهة نظره في جزئيات المسائل، في ظرفيات معينة، وأما الأصول فثوابت شرعية، وضوابط مرعية، فلا أحد منهم يزعم أنه يذكر أن ما أوصله إليه اجتهاده هو حكم الله، بل هو اجتهاده ورأيه، فلا كهنوت عندهم، ومن زعم ذلك فليس من السلف في شيء، فإن أصاب فنعما ذلك، وإن أخطأ استغفر الله مما هنالك.
ومهما أخطأ عالم، سواء كان سلفي المعتقد والمنهج أو أشعريا أو غير ذلك، إن كان صدر في الخطأ عن اجتهاد مستوف للآلة والشروط المنهجية، انتقدوا زلته، وراعوا حرمته. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم).. ولكن القوم يعجبهم الوقوف على الجروح…
يقول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى (3/178/دار المعرفة): (وإنما يضيق عن ذلك أحد رجلين، رجل جاهل بمقاديرهم ومعاذيرهم، أو رجل جاهل بالشريعة وأصول الأحكام، وهذا المقصود يتلخص بوجوه: أحدها:
إن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل مأجور، لا يجوز أن يتبع فيها مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين…) اهـ.
وغالب من يضيق صدره عن العدل والإنصاف صغار في العلم والأدب، أصيبوا بلوثة الغرور وحبّ الظهور، فغلبت عليهم غفلتهم عن زلتهم، فثارت نفوسهم ثورة قطاع طرق، يتعرضون في شوارع العلم لكل فاضل بسكاكين الطعن والتنقيص، يسلبونهم الفضل والمقام الحسن ظلما وبغيا… ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل كما قيل!!!
وحقهم عندنا النفي عن بلاد العلم والفكر، أو صلبهم أمام الناس بفضح هشاشة فكرهم، وسطحية نظرهم.