بين التشيع والتصوف… (ح3)
إبراهيم الصغير
هوية بريس – الأربعاء 06 غشت 2014
بعدما بيَّنا في الحلقة السابقة أن كلا من الشيعة والصوفية يدعون العصمة في أئمتهم وأوليائهم، ويكفرون مخالفيهم، ويغطون على معتقداتهم بالكذب والتقية. ننتقل إلى عقائد أخرى ظهرت في دين الشيعة وانتقلت بعدهم إلى الصوفية:
1- الأئمة والأولياء يتصرفون في الكون:
لقد غلت الشيعة في الأئمة من آل البيت غلوا فاضحا، حتى أخرجتهم من بشريتهم وخصَّتهم بخصائص الربوبية، فجعلت لهم العلم المطلق الذي يتصرفون به في العوالم والأكوان، وجعلت هذه الأخير تابعة لهم مطيعة لأوامرهم، فيحيون الموتى ويبرؤون الأكمه والأبرص، ويحيون الأرض الميتة…
أ- يقول الهالك الخميني: «ومن ذلك المقام إباء الأنبياء والمرسلين والأولياء الراشدين -صلوات الله عليهم أجمعين- عن إظهار المعجزات والكرامات التي أصولها إظهار الربوبيّة والقدرة والسلطنة والولاية في العوالم العالية والسافلة»[1].
ب- ويضيف: «إن للإمام مقاما محمودا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون. وأن من ضروريات مذهبنا أن لائمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل»[2].
ج-ويفتري الشيعة على علي -رضي الله عنه- أنه قال: «أنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر وأنا الباطن وأنا وارث الأرض»[3].
د- ويعتقدون أن الرب هو الإمام الذي يسكن الأرض، ففي “مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار” (ص59): أن علياً كما يفترون عليه قال: «أنا رب الأرض الذي يسكن الأرض به».
هـ-وفي الزيادة الجامعة الكبيرة لأحمد الأحسائي (1/70)، كذبا وافتراء: (في هذه الإشارات الإشارة بقول علي -عليه السلام-: «أنا فرع من فروع الربوبية».
هذا غيض من فيض من روايات شيعية لا تحصى ولا تعد، توضح بجلاء درجة الغلو في الأئمة، التي بلغت بهم مقاما يَعْسُر على أي لبيب التفريق بينهم وبين الحق سبحانه نعوذ بالله من الخذلان.
وقد اقتفى أثر هؤلاء القوم المتصوفة الجهال فراحوا يصطنعون الخرافات باسم الكرامات لتحقيق هذه العقيدة الشيعية في أوليائهم.
و- يقول الدباغ: «رأيت وليا بلغ مقاما عظيما، وهو أنه يشاهد المخلوقات الناطقة والصامتة، والوحوش، والحشرات، والسماوات ونجومها، والأرضين، وكرة العالم بأسرها تستمد منه، ويسمع أصواتها وكلامها في لحظة واحدة، ويمد كل واحد بما يحتاجه، ويعطيه ما يصلحه من غير أن يشغله هذا عن ذاك»[4].
ز- ويزعم بعض الصوفية أن شيوخهم يملكون كلمة التكوين، حيث يقولون للشيء كن فيكون، فيقول أحدهم عن استخلاف شيخه: «إنه خليفة يملكه الله كلمة التكوين متى قال للشيء: كن، كان من حينه»[5].
ح- يقول الدسوقي عن نفسه: «أنا بيدي النار أغلقها، وبيدي جنة الفردوس أفتحها، من زارني أسكنته جنة الفردوس»[6].
ويقسم كاهن الصوفية الأكبر، الكبريت الأحمر ابن عربي الرجال إلى أربعة:
1- رجال الظاهر ويختصون بالتصرف في عالم الملك والشهادة.
2- رجال الباطن ولهم التصرف في عالم الغيب والملكوت.
3- رجال الأعراف أو رجال الحد: وخصهم بالتصرف في عالم الأرواح النارية(عالم البرزخ والجبروت).
4- ورجال المطلع ذوي التصرف في الأسماء الإلهية[7].
يقول بعضهم: «وأهل الديوان إذا اجتمعوا فيه اتفقوا على ما يكون من ذلك الوقت إلى مثله من الغد، فهم يتكلمون في قضاء الله تعالى في اليوم المستقبل والليلة التي تليه، ولهم التصرف في العوالم كلها السفلية، والعلوية، وحتى في الحجب السبعين، فهم الذين يتصرفون فيه، وفي أهله، وفي خواطرهم، وما تهجس به ضمائرهم، فلا يهجس في خاطر واحد منهم شيء إلا بإذن أهل التصرف»[8]. فما لهؤلاء القوم لا يرجون لله وقارا وقد خلقهم أطوارا.
2- تقديس القبور والأضرحة:
تتخذ القبور والأضرحة في دين الشيعة مكانة كبيرة، حيث يُطاف ويُتبرك بها، وتقدس تربتها ويستغاث بصاحبها. وتُحاط بهالة خرافية حتى بلغت درجة زيارة بعضها زيارة الله تعالى في عرشه، وجُعل الدعاء مستجابا عندها، والشفاء في تربتها. فكانوا بذلك أول من أحدث هذه الشركيات القبورية.
1-عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: «ما لمن زار قبر الحسين عليه السلام؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه»[9].
2- ونه ايضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل –عند الله- عشرين حجة وأفضل من عشرين حجة»[10].
3- يقول نقمة الله الجزائريفي معرض حديثه عن الحسن والحسين -رضي الله عنهما: «…مع ما خص به الحسين عليه السلام عوض الشهادة بأن جعل الشفاء في تربته، والدعاء مستجاب تحت قبته، والأئمة من ذريته، ولا تعد أيام زائره جائيا وراجعا من عمره»[11] انتهى.
فعقيدة الشيعة في القبور غير خافية، وهي بعيدة كل البعد عن عقيدة التوحيد الإسلامية، وقد شاركهم فيها المتصوفة الجهال، فعظموا القبور، وجعلوها وسيلة إلى الله، وموطنا لتنزل البركات، وموضعا لقضاء الحاجات، ونزَّلوا مدفونيها منزلة الأحياء في الغوث والمدد وتلقي قواعد الطريق.
4- في طبقات الصوفية للسلمي عن معروف الكرخي: «…وقبره ببغداد ظاهر، يستشفى به، ويتبرك بزيارته…
وفي موضع آخر، وفيه: قبر معروف: الترياق المجرب»[12]، أي الدواء الفعال المجرب.
5- يقول أبو حامد الغزالي: «زيارة القبور مستحبة على الجملة للتذكير والاعتبار، وزيارة قبور الصالحين مستحبة لأجل التبرك مع الاعتبار»[13].
6- ويقول بعض المتصوفة: «إن الله يوكل بقبر الولي ملكا يقضي الحوائج وتارة يخرج الولي من قبره ويقضيها بنفسه»[14].
7- ويقول محمد أمين الكردي: «وكل شأن من شؤون العبادة وطلب العلم والكشوفات مرتبط بالقبور، بل تلقي العلوم وفيضها والتكليف واستمداد كل خير مرتبط بالقبر»[15].
يقال “كم من تلميذ فاق أستاذه”، فالصوفية أخذوا عقيدتهم في القبور من الشيعة المخترعين الأوائل لها، وزادوها حماقات وخرافات، حتى فاقوا أساتذتهم من المعممين الأنجاس.
3- احتقار الكعبة وتفضيل القبور عليها:
لقد أعمى تغلغل عقيدة الشرك والتعلق بالقبور في قلوب الشيعة الروافض أبصارهم وطمس بصائرهم حتى صاروا يخالفون الحقائق الساطعة بأهوائهم الفاسدة، ومن تلكم الحقائق شرف الكعبة، التي عاداها أعداء الإسلام، فيفضلون قبور أئمتهم عليها ويحتقرونها، وينتظرون مهديهم المزعوم ليهدمها.
1- يقول المخبول نعمة الله الجزائري: «ثم إنه عليه السلام- أي الإمام جعفر الصادق- تنفس فقال: يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت الكعبة على بقعة كربلاء، فأوحى الله إليها أن اسكتي يا كعبة ولا تفخري على كربلاء، فإنها البقعة المباركة التي قال الله فيها لموسى عليه السلام (إنني أنا الله)، وهي موضع المسيح وأمه وقت ولادته، وإنها الدالية التي غسل بها رأس الحسين عليه السلام… »[16].
2- يفترون رواية عن أبي جعفر أنه قال: «خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وقدسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه وأوليائه في الجنة»[17].
3- ويروون عن علي ابن الحسين -رضي الله عنهما- أنه قال: «اتخذ الله أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق أرض الكعبة ويتخذها حرما بأربعة وعشرين ألف عام..»[18].
4- وفي كتاب “الغيبة” للنعماني: «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول (ص) إلى أساسه..»[19].
فعداء الشيعة للإسلام ومقدساته، وللمسلمين وعقائدهم، دفعهم لمعاداة أعظم مسجد في الإسلام، واحتقاره وتفضيل كربلاء عليه، بل تتكرر المحاولات للدعوة إلى تغيير قبلة المسلمين والحج عنه.
وهذه الفكرة أيضا مما انتقل وراثيا عبر الرضاعة الطبيعية إلى بعض المتصوفة الجهال الذين قدسوا قبور أقطابهم عليها، بل جعلوها تابعة لهذه القبور طوَّافة بها.
1- يقول اليافعي: «روي أن جماعة شوهدت الكعبة تطوف بهم طوافاً محققاً»[20].
2- ويحكي الشعراني «أن الكعبة كانت تطوف بالشيخ محيى الدين بن عربي»[21].
3- ويذكر الغزالي: «ومنهم من تأتي الكعبة إليه وتطوف هي به وتزوره»[22].
4- ويضيف النبهاني أن الكعبة أتت إلى ابن عربي هي والحجر الأسود وطافت حوله ثم تتلمذت له وطلبت منه ترقيتها إلى المقامات العليا فرقاها، وناشدها أشعارا وناشدته» (جامع كرامات الأولياء (1/12)).
روايات يضرب بعضها بعضا، توضح بجلاء مكانة الجهل في قلوب مروجيها من الشيعة والصوفية الجهال، أوحى بها إليهم الشيطان مزخرفة منمقة، للانتصار إلى محور الشر والباطل الذي يمثله.
يتبع بحول الله وقوته…
[1]– مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية (ص101).
[2]– الحكومة الإسلامية(ص52).
[3] – رجال الكشي ص 138-طبعة الهند.
[4]– الإبريز للدباغ(2/73)، نقله عبد الرحمان الوكيل في كتابه”هذه هي الصوفية”(ص111).
[5]-جواهر المعاني لعلي بن حرازم(ص8ج2).
[6]– انظر ترجمة الدسوقي في طبقات الشعراني(1/181).
[7]– الفتوحات المكية،(ج1 ص 187).
[8]– انظر –غير مامور- هذه هي الصوفية لعبد الرحمان الوكيلص133، والفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمان عبد الخالق ص279، نقلا عن الإبريزللداغ ص 169.
[9]– كامل الزيارات،(ص147). البحار(ج101ص76).
[10]– كتاب ثواب الأعمال وعقاب الأعمال(ص120).
[11]– نور إمامي (01/21).
[12]– الطبقة الاولى- ومنهم معروف الكرخي-(ص80).
[13]– إحياء علوم الدين، بيان زيارة القبور والدعاء للميت وما يتعلق به(4/418).
[14]– تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، لمحمد أمين الكردي- في التصوف/فضل الأولياء وثبوت كرامتهم- (ص441).
[15]– المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية، لمحمد الأمين الكردي (ص113).
[16]– الأنوار النعمانية-نور في كيفية رجعته-عليه السلام- (2/85).
[17]– كامل الزيارات (450).
[18]– كتاب المزار مناسك المزار، للشيخ المفيد، (ص23).
[19]– (ص:282).
[20]– روض الرياحين (ص 16).
[21]– لطائف المنن 425 الطبعة القديمة .
[22]– (إحياء علوم الدين 1/269).