وقفات مع مقال «عن سلفية الدكتور القرضاوي» للأستاذ حماد القباج
رضوان شكداني
هوية بريس – الخميس 07 غشت 2014
عن أي سلفية يتحدثون؟ مناقشة للأستاذ حماد القباج (1)
تنبيه: هذه المناقشة لا تعبر عن وجود شحناء بين المتناقشين أو النيل من الأعراض أو الفوز بالأغراض وإنما القصد منها إحقاق الحق وبقاء الود.
لقد انبرى الأستاذ الفاضل حماد القباج للدفاع عن مقال الدكتور عادل رفوش، فجاء بالعديد من المغالطات الصارخة، و التناقضات الواضحة، التي لا تخفى على ذي لب صحيح أو منهج رجيح.
لذا وجب من باب البيان والإيضاح لهذه المغالطات ودفعا لتلك الشبهات التي لا أريد وصفها بالتدليس والتلبيس إحسانا للظن بأخينا القباج، إذ لو كان يريد الإصلاح فقد “جاء ليطب زكاما فأحدث جذاما “وحاله كما قال الشاعر قديما:
وأوردها سعد وسعد مشتمل***ما هكذا يا سعد تورد الإبل
وسنقف مع الأستاذ القباج وقفات كالآتي:
الوقفة الأولى:
قوله: “أصل الموضوع يتوقف على تحديد مفهوم السلفية الذي نريد نفيه أو إثباته؛ فإن كان المقصود منها هو الحيز الذي حدده لها بعض الدعاة المعاصرين الذين ينتسبون إلى السلفية ويعتبرون من خرج عن حيزهم وتصورهم غير سلفي؛ فالقرضاوي ليس سلفيا بهذا الاعتبار، وهذه هي السلفية التي نفاها القرضاوي عن نفسه، ولم ينتسب إليها أحد من كبار العلماء”.
ذكر أن السلفية لها معنيان: معنى حدده بعض الدعاة المعاصرين!!! بالله عليك ألا وضحت من هم هؤلاء الدعاة وهلا كشفت عن هذا المعنى الذي وضحوه فأنت في مقام الإتيان بالمعرفات والمحددات فلما هذا التكتم؟
قوله: “وهذه هي السلفية التي نفاها القرضاوي عن نفسه، ولم ينتسب إليها أحد من كبار العلماء”.
غريب هذا النفي!! كيف توضح لقارئك أن القرضاوي نفى عن نفسه “سلفية” أنت لم تحددها له!! وقولك: “لم ينتسب لها أجد من كبار العلماء”، في مقابل “حدده لها بعض الدعاة المعاصرين” اسكثار وإبهار للقارئ بوهم و سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، ويعتقده الجاهل ارتواء.
ثم اعلم رعاك الله أن القرضاوي نفى عن نفسه السلفية بالإطلاق ولم يدخل في سلكها ولم ينضم إلى أهلها ولم يفصل هذا التفصيل الغريب وما تجشم هذا الطرح العجيب ولم يلج إحدى السلفيتين !!
الوقفة الثانية:
الاستدلال بكلام ابن عثيمين مجانب للصواب من وجهين:
الأول: أنه ليس في محله فكلام الشيخ ابن عثيمين واضح في الإنكار على بعض الأحزاب التي تتسمى بالسلفية لا أنه أنكر السلفية الصحيحة التي يزعم الأستاذ الفاضل أنها منهج بعض الدعاة كما هو واضح في نفس الكلام للعلامة ابن عثيمين بقوله “فالسلفيَّة بمعنى أن تكون حزباً خاصّاً له مميزاته ويُضلِّل أفراده سواهم: فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة في شيء” فالمقصود أن من كون حزبا و سماه حزبا سلفيا فهو مجانب لطريقة ومنهج السلف.
الثاني: أن الأستاذ حماد أتى بتعريف -وياليته فقهه- للسلفية ذكره العلامة ابن عثيمين في آخر فتواه بقوله “وأما السلفيَّة التي هي اتباع منهج السلف عقيدةً، وقولاً، وعملاً، واختلافاً، واتفاقاً، وتراحماً، وتوادّاً، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر “، فهذه هي السلفيَّة الحقَّة “.
فتعريف العلامة ابن عثيمين للسلفية شامل لمسائل الاعتقاد والفقه والسلوك بينما والأخذ بأصول السلف الصالح ومنهجهم فيها فهل وافق القرضاوي السلف في أصولهم؟ أم خالفهم وانتسب لغيرهم من طوائف الضلال العقدي الذين ليسوا من أهل السنة يقول القرضاوي مصرحا بمخالفته لمنهج السلف الصالح في العقيدة في كتابه (فصول في العقيدة) ص132: الشيء الذي أخالف فيه دعاة المذهب السلفي هو ما يفيد ظاهره إثبات التجسيم والتركيب لذات الله جل ثناؤه، وكان يقبل التأويل بغير تكلف ولا اعتساف، فهذا أرجح تأويله ما دام جاريا على لسان العرب وما تقتضيه مخاطباتهم في ذلك). و الشيخ الخراشي نبه على أشعرية القرضاوي في كتابه القرضاوي في الميزان , فليراجع ذلك الكتاب.
بل إن -شيخك-الشيخ محمد المغراوي -حفظه الله- وصف القرضاوي بالخلفية فقال “أما القرضاوي والغزالي الذين أشرت إليهم فهؤلاء تأثروا بالمنهج الخلفي الذي يرى تحكيم العقل على النصوص ويقدمه على دلالتها وصراحتها زيادة على أن بعضهم يرى التملق الحضاري ومسايرة الغربيين في كثير من قضاياهم”.
وقال الشيخ محمد علي فركوس الجزائري:
“أمَّا القرضاوي وأضرابه فإنهم لا يُعْرَفون برسوخ أقدامهم في مواطن الشبه، وهم غيرُ مُتشبِّعين بالسنن والآثار، وكثيرًا ما تزيغ أفهامهم عن فهم السلف الصالح”.
فإذا كان القرضاوي قد تبرأ من السلفية و سلك طريقة الأشعرية فعن أي سلفية تتحدثون؟ اللهم أن يكون الأشاعرة سلفيين !!
القرضاوي والحافظ ابن حجر هل يستويان مثلا؟مناقشة للأستاذ حماد القباج (2)
الوقفة الثالثة:
قوله: “إن ما أورده الأخ الفاضل لنفي سلفية القرضاوي يرِد مثله على علماء كبار؛ أمثال الإمام النووي والحافظ ابن حجر وقبلهما وبعدهما علماء كثر..”
فهل يستطيع الأخ المذكور أن يخرج هؤلاء من السلفية بمعناها الشرعي المحدد عند العلماء؟؟
هل يستطيع نفيه لاتباعهم النبي صلى الله وأصحابه؟؟
الجواب قطعا: لا.
وجوابه عن أخطاءهم الفقهية والعقدية؛ هو الجواب نفسه عن الأخطاء الفقهية والعقدية للدكتور القرضاوي، بل القرضاوي أولى بالعذر من حيث صعوبة وتعقيد عملية الاجتهاد في زماننا المعاصر وكثرة مآخذ الرخص التي لا يتحقق بها إلا العلماء الكبار من أمثال الدكتور القرضاوي”.
لابد أن نبين للأستاذ الكريم أن الوصف للبعض أنهم ليسوا سلفيين لا يعني تبديع المخالف أو إسقاطه أو عدم الإستفادة من علومهم وفهومهم وتحريراتهم وتقريراتهم فهذا لم يقل به إلا طائفة ممن يسمون بالحدادية ومن سلك سبيلهم.
ووصف المخالفين لطريق السلف بكونهم عير سلفيين هو صنيع شيخك – الدكتور محمد المغراوي- إذ جعل جملة من التفاسير المعتبرة التي انتفعت بها الأمة من التفاسير الخلفية ولم ينسبها ولا أصحابها للسلفية فلما لم يكن منكم الاعتراض طوال هذه السنين؟
ثم إن العلماء و الفقهاء الناصحين قد يسكتون عن أشخاص وأشياء مراعاة منهم للمصالح والمفاسد ولعموم انتفاع الأمة بكتبهم و محرراتهم وشروحهم وغلية الخير والسنة عليهم وعدم انتسابهم لعقائد المخالفين وعدم محاربتهم لأهل السنة أو التنقيص منهم وإنما تأثروا بالبيئة العلمية السائدة التي تقررت فيها بعض العقائد كما سكت العديد منهم عن التكلم في بعض العلماء المخالفين وتكلموا في البعض.
فكيف تقارن بين الحافظ ابن حجر والقرضاوي؟
ألم تر أن السيـف ينقـص قـدره***إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
أما الحافظ ابن حجر فقد وافق أهل السنة في أصولهم ولا تضره بعض المخالفات العقدية إن صحت أصوله السلفية بعكس القرضاوي الهادم لهذه الأصول واسمع لكلمة نقلها السخاوي (تلميذ ابن حجر) في “الجواهر والدرر” عن الجمال ابن عبد الهادي (السلفي المشهور) يقول فيها عن ابن حجر: «كان محباً للشيخ تقي الدين ابن تيمية، معظماً له، جارياً في أصول الدين على قاعدة المحدثين…».
والحافظ ابن حجر ما انتسب للأشاعرة وصحح مذهبهم ورد مذهب السلف كما فعل القرضاوي فتنبه.
بل الحافظ رد على الأشاعرة في مواطن منها قوله في فتح الباري (13|253): «وقد توسَّع من تأخّر (يقصد الأشاعرة) عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم. ولم يقتنعوا (أي الأشاعرة) بذلك، حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة: أصلاً يرُدّونَ إليه ما خالَفَهُ من الآثار بالتأويل، ولو كان مستكرهاً. ثم لم يكتفوا بذلك، حتى زعموا أن الذي رتّبوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل، وأن من لم يَستعمِل ما اصطلحوا عليه، فهو عامِّيٌّ جاهلُ. فالسعيد من تمسَّكَ بما كان عليه السلف، واجتنب ما أحدثه الخلف (أي الأشاعرة)».
فهل تسويه بقول القرضاوي في مجلة (( المجتمع)) العدد (( 1370)) بتاريخ 25 / جمادى الآخرة / 1420هـ الموافق 5 / 10 / 1999م: “واتهام الإخوان بأنهم من الأشاعرة، لا ينتقص من قدرهم، فالأمة الإسلامية في معظمها أشاعرة أو ماتريدية، فالمالكية والشافعية أشاعرة، والحنفية ما تريدية.
والجامعات الدينية في العالم الإسلامي أشعرية أو ماتريدية، الأزهر في مصر، والزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، وديوبند في الهند، وغيرها من المدارس والجامعات الدينية.
فلو قلنا: إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة!! لحكمنا بالضلال على الأمة كلها، أو جلها، ووقعنا فيما تقع فيه الفرق التي نتهمها بالانحراف!!”.
أما الإمام النووي -وقد غاب عنك- أنه كان أشعريا ثم تراجع عن عقيدة الأشاعرة لعقيدة السلف كما قرر ذلك الشيخ البحاثة مشهور بن حسن آل سلمان في كتابه “الدلائل الوَفيَّة في تحقيق عقيدة الإمام النووي: أسلفيَّة أم خلفيَّة”.
قال العلامة صالح آل الشيخ: “هؤلاء المعاصرون من أمثال الترابي والغزالي والقرضاوي وأمثالهم والتلمساني وأمثالهم فهؤلاء رؤوس دعوا الناس الى عدم الالتزام بالسنة وإلى نبذها، فالحال مختلف، من يخطأ ويجانب الصواب في مسألة أو في فرع من الفروع، أو في مسألة عقدية أواثنتين، ومن يخالف في الأصل، فهؤلاء لا يقيمون لتوحيد مقاماً ولا يرفعون رأساً، بل قد نال أهل التوحيد منهم أكبر الأذية كما هو مشاهد”.
فإذا كان هذا حال القرضاوي من التنصل من أصول أهل السنة ومخالفتها فهل يستوي بالحافظ ابن حجر وأمثاله من أئمة السنة؟
مناقشة للأستاذ حماد القباج (3)
الوقفة الرابعة:
قوله: وألفت الانتباه هنا؛ إلى أن الإمام ابن تيمية رحمه الله له فتوى مطولة في بيان أن العالم لا يخرج من السنة بمجرد الخطأ، ولو كان الخطأ في العقيدة؛ ومن كلماته المختصرة في ذلك:
قوله رحمه الله: “الْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَثِّمُ الْمُخْطِئَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا فِي الْأُصُولِ وَلَا فِي الْفُرُوعِ، وَأَنْكَرَ جُمْهُورُ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا الْقَوْلَ.
وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَيَقُولُ: هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ ودَاوُد بْنِ عَلِيٍّ؛ وَغَيْرِهِمْ؛ لَا يؤثمون مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَا فِي الفروعية كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ..
وَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ: أَنَّهُمْ لَا يُكَفِّرُونَ وَلَا يُفَسِّقُونَ وَلَا يؤثمون أَحَدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُخْطِئِينَ لَا فِي مَسْأَلَةٍ عَمَلِيَّةٍ وَلَا عِلْمِيَّةٍ”اهـ [مجموع الفتاوى (19/ 206)]”.
إن محل النزاع ونقطة البحث عندنا ليست مسألة تأثيم من أتى ببعض الأخطاء في العقيدة أو الفقه وليس القول في الحكم بالتفسيق والتبديع والتكفير للأعيان فهذا مما لا يختلف فيه اثنان سلفيان كما قال الشاطبي “وأما الجزئي فبخلاف ذلك بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة -وإن كانت زلة العالم مما يهدم الدين-“.
وهو مما قرره -تقريرا بديعا- شيخك الدكتور -محمد المغراوي- في كتابه “أهل الإفك والبهتان” وهو مما غلا فيه طائفة ممن يسمون بالسلفية المدخلية.
فلا داعي لإيراد الأقوال في غير محلها والحز في غير المفصل فشيخ الإسلام يقرر مسألة الخطأ في الجزئيات لا المخالفة في الأصول و الكليات -كما فعله الدكتور القرضاوي- فمن المعلوم أن الرجل لا يعد من أهل السنة إن خالفهم في أصولهم قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام: ” المسألة الخامسة: وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنىً كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئي من الجزئيات إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً و إنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية لأن الكليات تقتضي عدداً من الجزئيات غير قليل و شأنها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا باب دون باب “.
أو يأتي المخالف بفروع وجزئيات كثيرة -وهو عند القرضاوي كثير- كما قال الشاطبي –رحمه الله- في الاعتصام (2\200-201): “ويجرى مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضا”.
فينبغي التفريق بين مدلول الخطأ ومدلول الانحراف. فهناك فرق بين مجانبة العالم للصواب مع صحة أصوله وهذا يعد خطأ, وبين مجانبته للصواب مع فساد أصوله وهذا يعد انحرافا. والشيخ القرضاوي أصوله ليست أصول أهل السنة.
الوقفة الخامسة:
قال الأستاذ القباج: “وإياكم وطريقة الخلف التي سار عليها الغلاة أنصاف المتعلمين وحاولوا إلباسها لبوس السلفية”.
لقد وصف الأستاذ الكريم من يدافع عن الحق ويرد بصدق بأن طريقهم “طريقة الخلف” و أنهم “أنصاف متعلمين” و”غلاة ” ويلبسون ردودهم “لبوس السلفية”.
فالحقيقة أن هذه الأوصاف أليق ما تكون بهذه المناهج الجديدة التي تخترق المنهج السلفي وتتمسح بأعلامه ومعالمه -رمتني بدائها وانسلت-.
فإن كانت هذه هي الطريقة -التي ذمها الأستاذ الكريم- هي طريقة العلماء الكبار في هذا العصر فهل سيصفهم الأستاذ الكريم بهذه الأوصاف؟
فإليك أقوالهم أقر بها عينك واعرف بها منهجك واستنر بها في طريقك ودع عنك كلام صغار طلبة العلم ممن ليسوا في مقام العلامتين المجتهدين عادل رفوش و يوسف القرضاوي !!
– كلام محمّد ناصر الدين بن نوح النجاتي الألباني رحمه الله تعالى:
[وسأله سائل عن قول القرضاوي في زكاة الموظف الذي يتقاضى راتباً شهرياً] فقال الشيخ -رحمه الله-:
“اصرف نظرك عن القرضاوي واقرضه قرضاً، هذه ضد ما قلناه آنفاً، إذا جاءت مسألة في التحريم يقول ليس فيها نصّ قاطع، هنا لا نص لا قاطع ولا ظني، وإنما هو مجرد الرأي”. ثم قال “القرضاوي -هدانا الله وإياه- تبنى ما يتبناه الشيوعيون”.
– الشيخ العلامة محمّد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
تهجم القرضاوي وأساء الأدب مع الله تعالى حيث قال في احد أشرطته وهو يتكلم عن الانتخابات التي حصلت في اسرائيل مايلي: – قبل أن أودع مقامي هذا أحب أن أقول كلمة عن نتائج الانتخابات الاسرائيلية، العرب كانوا معلقين آمالهم على بيريز وقد سقط وهذا مما نحمده في اسرائيل نتمنى ان تكون بلادنا مثل هذه البلاد من أجل مجموعة قليلة سقط واحد من الشعب وهو الذي يحكم ليس هنا التسعات الأربع أو التسعات الخمس التي نعرفها في بلادنا تسعة و تسعين وتسعة وتسعين في الماءة (99.99%) ما هذا؟. لو أن الله عرض نفسه على الناس ما أخذ هذه النسبة نحيي اسرائيل على ما فعلت….
ولما سئل العلامة ابن عثيمين عن صاحب هذه المقالة قال أعوذ بالله هذا يجب أن يتوب وإلا فيقتل مرتداً لأنه جعل المخلوق أعلم من الخالق فعليه أن يتوب إلى الله فإن تاب فالله يغفر الذنوب عن عباده وإلا يجب على ولاة الأمور أن يضربوا عنقه.اهـ
– وعن نفس الكلام رد العلامة صالح الفوزان بقوله:
“-هذا كلام فاضي
-ومبالغة -والعياذ بالله-
-وسوء أدب مع الله -عز وجل-
-هذا يدل على عقلية هذا الرجل وأنه مستهتر -نسأل الله العافية-
-وعليه أن يتوب إلى الله ويترك مثل هذه الألفاظ القبيحة”.
– الشيخ صالح آل الشيخ سئل: عن القرضاوي، الغزالي و النووي، ابن حجر…
يقول السائل:
انتم تنكرون علينا على الترابي والتلمساني والغزالي والقرضاوي وتبدعونهم وتنكرون عليهم وتغتابونهم وتتركون ذكر محاسنهم مع أن هناك أئمة وقعوا في بدعة أمثال ابن حجر والنووي، لكن تذكرون المتقدمين بالخير وتتكلمون عن المتأخرين؟
أجاب الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ فقال:
“أقول أولا، هذا التمثيل من هذا القائل يدل على جهله، كيف يقارن الحافظ ابن حجر والنووي بأمثال الترابي والغزالي والقرضاوي أين الثرى من الثريا، وأين البعرة من البعير، فأولئك مُحبون لسنة شارحون لها مبينون لها، وما تأولوه ووقعوا فيه قليل بالنسبة إلى ما بينوه من أمور الاسلام، فلم يزل أهل العلم ينتفعون بكلامهم بل ويفهمون نصوص الكتاب والسنة على ما بينوه، لأنهم كانوا أهل العلم بحق.
أما هؤلاء المعاصرون من أمثال الترابي والغزالي والقرضاوي وأمثالهم والتلمساني وأمثالهم فهؤلاء رؤوس دعوا الناس الى عدم الالتزام بالسنة وإلى نبذها، فالحال مختلف، من يخطأ ويجانب الصواب في مسألة أو في فرع من الفروع، أو في مسألة عقدية أو اثنتين، ومن يخالف في الأصل، فهؤلاء لا يقيمون لتوحيد مقاماً ولا يرفعون رأساً، بل قد نال أهل التوحيد منهم أكبر الأذية كما هو مشاهد، فالترابي حاله معروف يرى أنه يلزم تجديد أصول الاسلام، وتجديد في أصول الفقه، وأن أصول الفقه اصطلح العلماء على أن تفهم النصوص على هذه الأصول، وهذا لا يعني أننا ملزمون بها، فيقول يجب أن نضع أصولا جديدة للفقه نفهم بها الكتاب والسنة بما يناسب هذا العصر، والغزالي يرد السنة إذا خالفت عقله وإذا خالفت فهمه، والقرضاوي على نفس المنهاج يسير وإن لم يظهر ذلك إظهار الغزالي، والتلمساني لا يعرف توحيد العبادة، ولا السنة، وإنما هو يخلط فيها أكبر الخلط. ولا عجب فهؤلاء الأربعة ومن شاكلهم، هؤلاء متخرجون من مدرسة واحدة، ألا وهي مدرسة الإخوان المسلمين، والمدرسة معروفة في أصولها وفي مناهجها فلا عجب أن تخرج أمثال هؤلاء في المستقبل، ولا عجب أن يكون أمثال هؤلاء موجودين في مثل هذا الزمان ما دام أنهم تربوا على أصول تلك المدرسة، فالإنكار عليهم وعلى ما هم فيه من تأصيل متعين، لأنهم يضلون الشباب باسم الدعوة، والشباب يعظمونهم باسم أنهم دعاة إلى الاسلام.
وأما الحافظ ابن حجر والنووي فما سمعنا يوماً من الأيام أن أحد صار ينافح عن قضية من القضاياَ العقدية التي أخطأوا فيها بحجة أن ابن حجر قاله أو النووي قال، وإنما مضت أخطائهم في وقتهم، وبقي انتفاع الناس بعلومهم الغزيرة وأفهامهم المستنيرة، وأما أولئك فلا يقارنون ولا يجوز أن يجعلوا في مصاف هؤلاء ولا أن يقاس الثرى على الثرياَ”.
– الشيخ محمد بن عبد الرحمان المغراوي سئل عن جماعة منهم القرضاوي فقال:
“بالنسبة للعلماء فعلماء الحق الذين تشبعوا بالكتاب والسنة وتربعوا على فهم سلف الأمة وليس لهم غرض إلا ربط الناس بالكتاب والسنة، فهؤلاء هم قدوة الناس في العلم والعمل والفتوى والتوجيه والعلم والتعلم، وهؤلاء الذين أشرت إليهم مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين وممن سار على دربهم ومنهاجهم؛ نماذج من هؤلاء العلماء الصادقين. أما القرضاوي والغزالي الذين أشرت إليهم فهؤلاء تأثروا بالمنهج الخلفي الذي يرى تحكيم العقل على النصوص ويقدمه على دلالتها وصراحتها زيادة على أن بعضهم يرى التملق الحضاري ومسايرة الغربيين في كثير من قضاياهم، ومحاولة إظهار الإسلام بأنه دين متفتح، وقلما تجد عند القرضاوي –مثلا- في كثير من فتاواه: هذا حرام، أو هذا بدعة، أو هذا شرك، أو هذا كفر، فهذه المصطلحات الشرعية نادرة في فتاواه وفي طرحه، وله طامات وعظائم في محاضراته وفتاواه وكتبه. وأما الهالك محمد الغزالي فكتبه طافحة برد السنة والاعتراض عليها، وقد تبنى هذا المنهج كثير ممن سار في دربهم ممن جمع بين منهج الخلف المنحرف والتأثر بالفكر الغربي الحاقد الذي لا يقيم للحلال والحرام معنى، ويراه من الأغلال والقيود التي أخرت الأمة دهرا من الزمان. فما عليه الشيخ ابن باز ومن سار في دربه هو المنهج الحق الذي يجمع شمل الأمة على التوحيد والسنة، وأما ما سوى ذلك من المناهج المنحرفة فلا أرى لك الاقتداء بها ولا الاشتغال بها، فانبذها وراءك ظهريا، وعض على السنة وأهلها بالنواجذ وإياك ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة”.
– الشيخ محمد علي فركوس الجزائري:
(أمَّا القرضاوي وأضرابه فإنهم لا يُعْرَفون برسوخ أقدامهم في مواطن الشبه، وهم غيرُ مُتشبِّعين بالسنن والآثار، وكثيرًا ما تزيغ أفهامهم عن فهم السلف الصالح، لذلك نجد فتاويَهم مخالفةً لأقوال السلف، كما يُعْرف عنهم عدم الاتِّصاف بتقوى الله في فتاويهم وسيرتهم، فهُم يجيزون الاستماعَ إلى العزف والأغاني والطرب من الرجال والنساء، ويتلذَّذون بالاستماع إليها ويجيزونها لغيرهم، كما يجيزون العمل في البنوك الربوية بدعوى أنَّ المصلحة تقتضي ذلك، كما يجيزون دخول السينما وممارسةَ أعمال المسرح والتمثيليَّات للذكور والإناث، ويرون ضرورةَ منح النساء مزيدًا من الحقوق، وأنَّ النساء اللاَّتي تجاوزن سنَّ الحمل والولادة يُسمح لهنَّ بالترشُّح في الانتخابات، وهم ممَّن يرَوْنَ أنَّ الدول العربية يجب أن تتحوَّل إلى الديموقراطية، وأنَّ الإسلام يجب أن يشهد إصلاحاتٍ ويحتفيَ بالتسامح في ظلِّ تقارُب الأديان ووحدتها، وهم مِمَّن يمتدحون المُثُل الغربية ويعتقدون أنَّ ثمَّةَ إمكانيةً للتعايش بين اليهود والدولة الفلسطينية، كما يُفتون الجنود الأمريكيِّين المسلمين أن يقاتلوا في صفوف الجيش الأمريكيِّ في أفغانستان، كما أنه من المعروف في خُطبهم التشهيرُ بالحكَّام والانتقاصُ منهم وتأليب العامَّة عليهم، والاعتراف بالدولة اليهودية ضمنًا والثناءُ عليها جهارًا في مناسبات الانتخابات اليهودية، وتجويزُ الأحزاب والممارسات الديمقراطية، والإشادة بحرِّيَّة الشعوب في اتِّخاذ أنموذج نظامها، وأنَّ اختيارها فوق كلِّ اعتبارٍ، وغيرها من الأمور التي لا يرضاها المسلمون فضلاً عن علمائهم وفقهائهم الذين هم جميعًا شهداء الله في أرضه، ولا شكَّ أنَّ ارتكاب مثل هذه المحاذير يمنع من الثقة بالفتوى -كما قد بيَّنَّا ذلك في كتاب «الإرشاد»-(13)).
فإن كان الأستاذ الكريم يدعونا للتمسك بغرز العماء الكبار وأقوالهم فهذا كلامهم فهل أنتم له راجعون؟