دور الاستشراق الأمريكي في الأزمات العربية
هوية بريس – طارق الحمودي
السبت 23 غشت 2014
لا يخفى على الباحثين في مجال الدراسات الاستشراقية أن الهدف الأقدم والأثبت للاستشراق هو الهدف الديني، وكل الأهداف الأخرى كانت حائمة ولا تزال حوله، ولذلك يصعب عزل الأهداف بعضها عن بعض، فهي متداخلة إلى درجة كبيرة جدا.
لقد حرص الاستشراق الغربي دائما على إيهام المسلمين بحتمية تبعيتهم للقاطرة الغربية والأمريكية خاصة، وتولى ذلك وكلاء فكريون وسياسيون تربوا في الحضن الأكاديمي الغربي برهة من الزمن، فلقحوا ضد كل مفعول رجعي إيجابي للهوية والأصالة والانتماء، فسلخوا من انتماءاتهم، ولُبسوا ثياب الاستغربا الثقافي والاستيلاب الحضاري، وكانوا أدوات فعالة في تحقيق المشاريع السياسية الغربية المعتمدة أساسا على المنتوج الاستشراقي الذي صار ميالا نحو الأبعاد الأمنية والاستخبراتية، فلا تتحرك لوازم القرارات السياسية إلا بعد الاستيحاء الاسترشادي من تقارير (الاستشراق) الاستخبراتي.
يكاد قلمي يغلبني للابتعاد عن مقصد مقالي هذا..ولذلك سأكف لذة التوسع إلى وقت آخر وأرجع إلى تقرير روح المقال.
لعلكم جميعا تتابعون ما يجري في العراق من استهداف للنصارى العراقيين الذين يغلب عليهم الانتماء الأرثودوكسي بسبب العوامل التاريخية والفكرية للنشأة، وهم نحو 600000 نصراني، تمثل نحو 3 في المائة من مجموع نصارى المشرق… ومثلها الطائفة اليزيدية، وقبلهما الأكراد… وكلكم لاحظتم أن ما يجري يصنف على أنه استثارة لموضوع (الأقليات) العرقية والدينية… ولو علمتم واستذكرتم أن إثارة النعرات الطائفية واستثارة الأقليات يحمل بصمة (الاستشراق).. علمتم ما يجري في العراق.. وما حولها.. وعلمتم الجهة التي تمسك بخيوط الأمر… وببعض المعلومات الإضافية التي توفرها قنوات الإعلام فسيكاد الأمر يبلغ مرتبة اليقين… وما أظن مشروع برنارد لويس البريطاني الأصل الأمريكي الهوى في شقيه النظري والعملي بعيدا عن كل هذا… صاحب نظرية البرلمانات العربية المعلبة…!
إذا وقع هذا التنبيه موقعه… ستقفز إلى الأذهان جملة من التساؤلات.. لماذا تقوم داعش بالضبط بهذا الأمر…؟ لماذا استهدفت النصارى واليزيدية وهددت الأكراد في الشمال في وقت واحد..؟ ولماذا هرعت الدول الغربية إلى تقديم الدعم الإنساني لليزيدية ونصارى العراق.. والدعم العسكري للأكراد…؟ لكم واسع النظر في التحليل والاستنتاج.
لن أطيل عليكم… فسأكون مملا.
دمتم في رعاية الله.