انتصار غزة: دروس للحركات التحررية الوطنية
حفيظ زرزان
هوية بريس – الأربعاء 10 شتنبر 2014
قد يختلف كثيرون معي في التقدير والأمر طبيعي جدا لأن عالم الأفكار نسبي ومتحرك ومتغير، واختلاف وجهات نظرنا هو من صميم التنوع المبثوث في كل العوالم والذي لا يجب أن يمنع أمتنا من الوحدة والتلاقي -المستعمرة المغلوبة الأن/الرائدة غدا إن نهضنا وشمرنا على ساعد الجد- ويبحث له عن تدبير معقلن قد يصل إلى تطوير المشترك وتذويب الخلاف إذا وجد النضج اللازم والقلب الواسع وغلبت المصلحة الوطنية.
انتصرت غزة بالمقاييس الأرضية إذا عرفنا أنها كانت محاصرة جوا وبرا وبحرا وهي عبارة عن بقعة جغرافية معزولة محدودة ومسدودة من كل جانب، وانتصرت مع فارق العتاد الصهيوأمريكي والمعدات الفلسطينية البسيطة لمختلف فصائل المقاومة وإن كان البعض يريد أن يحصرها في حماس لحاجة في نفسه وربما حقد وحسد و”أدلجة” لهذا النصر المظفر والذي فرحت له الأمة جمعاء.
ترى كيف انتصرت غزة وماذا يمكن أن نستفيد ونحن نستشرف غدا مشرقا زاهرا ننتقل منه إن شاء الله العلي القدير كلما أخذنا بأسباب القوة التي أمر الله بها من نصر إلى نصر ومن حسن إلى أحسن؟
هناك فكرة ومبدأ وتربية وتنظيم، ومن لا تنظيم له لا قوة له، وهي قولة إنسانية مشهورة، هناك فصائل تعددت مرجعياتها وتوحدت مصلحتها الوطنية وذابت خلافاتها أمام الكيان الصهيوني الغاشم وعدوانه وحربه، وهناك عمل دؤوب ومتواصل وبناء وحوار بين مختلف الفرقاء بفلسطين الأبية.
وأكبر من هذا هناك مقاومة “فكرية” و”إعلامية” و”نفسية اجتماعية” متقدة ومتنامية مع امتداد هذه الصحوة الإسلامية المباركة والتي أشعلت نار “الحمية” في أختها “اللائكية”.
كانت “فتح” إلى الأمس القريب تصول وتجول وتستبد بالشرعية وبمنظمة التحرير الفلسطينية، وصمت الصف “الديمقراطي” العربي للتقارب الفكري والمرجعي للإخوة اليساريين ويعرف الجميع أين وصل “التفاوضيون” الذي علقوا الآمال على اتفاق أوسلو بل مأساة “التنازلات” التي لم تتوقف.
اليوم وغدا المطلوب من الجميع، جعل فلسطين فوق المصالح الضيقة لأي فصيل والانتصار للمواطن ولقضاياه في التحرر والكرامة والحرية وامتلاك القوة التكنولوجية للدفاع عن نفسه.
جربنا الحل “التفاوضي”، أليس من العقل والحكمة أن نترك من صنعوا النصر والصمود أن يساهموا من باب التشاركية ودمقرطة الرأي وفتح الباب لآفاق جديدة في القضية أن يدلوا بدلوهم ويصنعوا مجدا لطالما حلمنا به جميعا؟
أيعقل “مناضلونا” ويتخلوا عن “الحزبية الضيقة” و”الأيديولوجية المقيتة” إلى حين ويفتحوا آذانهم وقلوبهم للآخر بكل اختلافاته واجتهاداته؟
أيمكن أن يفكر العقل الفلسطيني بعيدا عن الاملاءات الصهيونية والأمريكية والإقليمية في مصير قضيته العادلة والمشروعة؟
خاتمة:
انتصرت غزة وهي 3 حروف وكأنها اختصرت ما تعاني أمتنا.
الغين قد يحيلنا على الغزو الثقافي الذي هدم قيمنا وذممنا وشيمنا.
والزاي وهو ذلك الزيف والزيغ الذي زين بلادنا العربية وذلك الزهو بالماضي وبالأنا والذات الفارغ مقابل الذات الجماعية والوعي الجمعي والعيش على بطولات صلاح الدين والانتظارية التي قتلت كثيرا من الطاقات المشتتة والتي يجب أن تتجمع قريبا وتشتغل وتعيد بناء الثقة في بعضها البعض.
ثم التاء المربوطة فهي تنكب وتحامل وتكاسل سد الأفق وأدخل اليأس والذي يجب أن يزول من أجل سواعد مرابطة مربوطة متعاهدة على الصحبة والمحبة والصدق والبذل لقضيتها الوطنية وهمها المشترك مع باقي الفرقاء والفضلاء بأرض الرباط.
وإن النصر آت آت آت في كل بلادنا العربية والإسلامية.