5 ملاحظات على إقرار اللغة الفرنسية لتدريس المواد العلمية والتقنية (1)
هوية بريس- لحسن معتصم*
يتذكر المغاربة مع دخول الاستعمار ان اللغة التي كانت تدرس بها العلوم والثقافة والاداب والدراسات الدينية واللسنية كانت هي العربية، بحكم ان المؤسسات التعليمية، انذاك، كانت مؤسسات دينية (زوايا ورباطات) بالدرجة الاولى؛ كتلك التي اسسها الكاتوليك وما تزال قائمة الى يومنا هذا بكل الدول الاوربية، وهي التي تحولت اليوم بفعل التطور البنيوي الذي شهدته اوربا الى مدارس خاصة تستلهم القواعد بها من الدين والتوجهات من الفكر الكاتوليكي، لكنها احدثت ثورة في انظمتها ونوعت من عرضها التعليمي التعلمي.
بالمقابل في بلدنا ارتكبت الحكومات اخطاء فادحة نؤدي اليوم ضرائبها غالية: بحيث انه عوض دعم المؤسسات الدينية على عهد الاستعمار وتعزيز تواجدها وتطوير منظومتها والدفع بنخبتها لتغيير انماط تدبيرها, شلت بالكامل واعتبرت فقط مؤسسات رمزية لا ادوار يمكن ان تلعبها واستحدثت مكانها المدارس واستقدمت النخبة الفرنسية للتدريس بها واستعين انذاك ببعض الفقهاء والعلماء، هذه الوضعية ادت الى بروز تيارات داخل الدولة ترفض الفرنسية ونظامها الجديد لكن بوجود لوبي اقتصادي قوي وبظهور نخبة مغربية تم تدريسها وتكوينها بالديار الفرنسية اصبح المغرب امام حتمية واحدة هي الفرنسية ولا غيرها .
مع بداية عهد الاستقلال تضاعف عدد الذين درسوا في اطار البعثات، بل وتم استقدامهم لشغل مناصب المسؤولية وتدبير شؤون مؤسسات الدولة، مات الملك محمد الخامس واعتلى الملك الحسن الثاني العرش وفي عهده ،وهو الذي تخرج على يد الفرنسيين، تطور حضور الفرنسية بالمغرب وتوطدت العلاقات مع فرنسا بشكل كبير وساهم تواصل الملك مع الاعلام الفرنسي خلال جلسات تبث في التلفزيونات الفرنسية في رفع منسوب استعمال لغة فرنسا في جميع مجالات الحياة العامة، جيلا بعد جيل ليصل اليوم المغرب الى الوضع الذي ترون، كل المعاهد تدرس بالفرنسية، كل مؤسسات الدولة تستعمل الفرنسية كلغة للتواصل الداخلي ، كل الانظمة والقوانين والعقود بالابناك هي بالفرنسية ، الوضع اصبح اليوم معقد جدا وفصل هذه اللغة بعد هذا التراكم عن المقررات بمبررات ايديلوجوية هو جريمة اخرى في حق هذا الشعب .
يتبع
*صحافي متخصص في لغات الإعلام