دراسة تكشف أدوار قوى المحور الشيعي في الحملة الأمريكية
هوية بريس – متابعة
الإثنين 29 شتنبر 2014
كشفت دراسة جديدة موقف النظام السوري وحلفائه من الحملة الأمريكية على تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ”داعش”، بالإضافة إلى تجلية حقيقة التحالف الشيعي لضرب التنظيم وامتداد الدولة الشيعية، وفقا للمكفرة.
وأوضحت الدراسة التي أعلن عنها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن النظام السوري رحب بالحملة التي يشنها التحالف الذي تقوده أمريكا على “داعش” ودعمه، من أجل تحقيق مصالح شخصية بخلاف تصريحاته السابقة التي اشترط خلالها التنسيق.
وكشفت الدراسة أن الخارجية السورية أصدرت بيانًا زعمت فيه أنَّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري أبلغ نظيره السوري بموضوع الغارات عن طريق وزير الخارجية العراقي، والذي قوبل بنفي أمريكي.
وتابعت الدراسة أنه منذ أن بدأت المقاربة الأميركية تتغيَّر نحو تجديد انخراطها في المنطقة بعد أن تمكَّن تنظيم الدولة الإسلامية من الاستيلاء على الموصل وإلحاق هزيمةٍ كبرى بالجيش العراقي المدرَّب والمجهَّز أميركيًّا، أخذ النظام السوري يطرح نفسه جزءًا من حرب إدارة أوباما على التنظيم بعد أن ظلَّ ممتنعًا طوال عام 2013 عن استهداف مقارِّ “داعش” في الرقة وحلب، بل وصل الأمر حد تدخُّل النظام إلى جانب التنظيم ضد كتائب الثوار في مواقع عدّة كمدينة الباب، ومنبج، والرقّة، إبّان المواجهات التي جرت مطلع عام 2014 بين التنظيم وفصائل الثوار.
وألمحت الدراسة إلى أنه منذ أن باشرت واشنطن الترتيب لإنشاء تحالفٍ دولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، شرع النظام في محاولة حجز مقعد له من خلال استهداف مقارّ التنظيم في الرقّة ودير الزور بصورة شبه يومية، وعرض عبر مسؤوليه أن يكون “شريكًا” في التحالف ضدّ ما أسماه بالإرهاب.
لكن إدارة أوباما رفضت ذلك، على أساس أنّ مواجهة تنظيم “داعش” تتطلّب استراتيجية طويلة المدى تؤدي من جهة إلى معالجة “مظالم السنّة من العراقيين والسوريين”، على حدّ وصف الرئيس أوباما، وتدمجهم في عملية سياسية توافقية، وتنشئ من جهةٍ أخرى تحالفًا دوليًّا عماده دول عربية “سنّية” حتّى لا تبدو واشنطن كأنّها متحالفة مع القوى السياسية الشيعية في المنطقة في مواجهة مع تنظيم يقدّم نفسه ممثلًا لمظلومية السنّة.
وأضافت الدراسة أن ما زاد الأمور سوءًا بالنسبة إلى النظام السوري موافقة الكونغرس الأميركي على طلب إدارة أوباما تقديم 500 مليون دولار لتسليح “المعارضة المعتدلة” وتدريبها في المملكة العربية السعودية. ويدرك النظام أيضًا أنّ انخراط واشنطن في عملٍ عسكري ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي السوريّة يعني أنّ واشنطن غادرت حالة التردّد للتدخّل عسكريًّا في الشأن السوري، وأنّ ذلك بحد ذاته قد يفتح الباب أمام اتّساع هذا التدخّل ليشمل النظام وقوّاته.
وأضافت الدراسة: لذلك فعلى الرغم من أنّ التدخل الأميركي يوجّه ضربةً لخصمَي النظام الأقوى من بين الفصائل المسلّحة اليوم والمتمثّليْن بجبهة النصرة وتنظيم “داعش”، فهو يحمل مخاطرَ شديدة؛ منها رفض عدّ النظام السوري كما أن النظام العراقي شريك في الحرب على “داعش”، ورفض التنسيق معه أو الحصول على موافقته بوصفه حكومة شرعية لسورية، وأخيرًا احتمال توجيه ضربات لقوّاته في حال حاولت اعتراض الطائرات الأميركية بدعوى الدفاع عن السيادة، فضلًا عن احتمال توجيه واشنطن ضربات لقوّات النظام إذا حاولت الاستفادة من إضعاف تنظيمَي النصرة و”داعش”، وبسط نفوذها على الأراضي التي يسيطران عليها، أو إذا حاولت توجيه ضربات إلى المعارضة المسلّحة السوريّة التي تصنّفها واشنطن معتدلة.
وأشارت الدراسة إلي أنه لا شكّ في أنّ سيطرة “داعش” على مساحاتٍ واسعة في العراق وما ترتّب عليها من آثارٍ سدّدت ضربة للطموحات الإيرانية في عموم المنطقة؛ فمن جهة أطاح التنظيم حكومة نوري المالكي، وألحق هزيمةً بالجيش العراقي المبنيّ على أسسٍ طائفية، وأظهر عجْز القوى الأمنية والميليشيات الطائفية المحسوبة على إيران، وترهّلها.
وأضافت: فضلًا عن ذلك، وجّه “داعش” ضربةً قوية للمشروع الإيراني القائم على إنشاء قوس نفوذ ممتدّ من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق، لذلك، كان من الطبيعي أن تعرض إيران التعاون مع واشنطن في الحرب عليه. وهو ما كرّره الرئيس الإيراني حسن روحاني أكثر من مرة.
وتابعت الدراسة: لكن تعامل الأميركيين مع العرض الإيراني كما مع نظام الأسد، يوحي بأنّ إيران جزء من المشكلة وأنّ سياساتها الطائفية وسياسات حلفائها في سورية والعراق وغيرها قد أسهمت في صعود التنظيم وغيره من التنظيمات الراديكالية.
وأضافت أن رفض واشنطن التنسيق مع إيران أثار لديها المخاوف نفسها التي أثارها لدى نظام الأسد؛ أي نشوء احتمال فرض ترتيبات سياسية جديدة سواء في سوريا أو في العراق لا تتلاءم مع مصالحها. من هذا الباب يعدّ التدخّل الأميركي نعمةً ونقمة في الوقت نفسه بالنسبة إليها وإلى حليفها في دمشق؛ فالتدخّل الأميركي يحوّل الصراع إلى صراعٍ ضدّ الإرهاب أساسًا، وليس ضدّ الاستبداد.
وتطرقت الدراسة إلى دور “حزب الله” بالقول بأن موقفه من الضربات الجوّية على سوريا ومن تشكيل التحالف الدولي يتسم بالتناقض؛ فمن جهةٍ يعدّ الحزب أبرز المستفيدين من ضرب تنظيمات جهاديّة تشابهه من حيث البنية التنظيمية وأساليب القتال، لكنّها تتناقض معه في الموقف والمذهب والأهداف، ويخوض معها معاركَ ومواجهاتٍ يومية أضحت خلال الأشهر الأخيرة عبئًا كبيرًا عليه واستنزافًا دائمًا له، سواء أكان في مدن القلمون السوريّة أم جرود عرسال اللبنانية.
ورأت الدراسة أنّ “حزب الله” يقف في خندقٍ واحد مع التحالف الدولي إذا ما نظرنا إلى التقاطع في الأهداف والشعارات المرفوعة، لكنّ الحزب، وبسبب خطابه السياسي وشعارات “المقاومة والممانعة” المعلنة، لا يستطيع اتّخاذ موقفٍ مرحِّب بالقصف الأميركيّ كما فعل حليفه السوريّ، لذلك تَمثّل المخرج أمام الحزب في تلافي اتّخاذ موقف من الغارات على سورية لأنّها تخدمه وإن كانت تثير لديه مخاوفَ شبيهة بتلك التي تثيرها لدى النظام السوريّ، واختار بدلًا من ذلك أن يذهب باتّجاه موقف لا يكلّفه سياسيًّا الكثير، ولا يعني شيئًا أصلًا، عندما رفض انضمام لبنان إلى التحالف الدولي.
واختتمت الدراسة بالقول: إنّ ثمة تحالفًا للراغبين، وتحالفًا آخرَ للمستفيدين الذين يخشون أن يصبحوا متضررين لاحقًا. ومن هنا التناقض بين الفعل والقول الذي يساهم في خلق انطباع الفوضى.