نص الحوار الكامل لمحمد زهاري مع يومية الأخبار عن علاقة الجمعيات بالسلطات
هوية بريس – متابعة
الثلاثاء 30 شتنبر 2014
1- ما سبب التشنج بين الجمعيات الحقوقية والسلطات؟
هذا التشنج يعود إلى تاريخ 15 يوليوز 2014 عندما اتهم وزير الداخلية أمام مجلس النواب خلال إحدى الجلسات الشفوية الجمعيات الحقوقية بخدمة أجندة أجنبية، والإساءة إلى سمعة المغرب ووصفها بكيانات تعمل تحت يافطة حقوقية، وجاء تصريحه معمما دون أن يذكر أسماء الجمعيات؛
وتوالت الحملة على الجمعيات الحقوقية بمنع السلطات لندوة كانت تعتزم تنظيمها جمعية الحقوق الرقمية ADN بإحدى فنادق العاصمة الرباط يوم 29 غشت الماضي، ومنع منظمة العفو الدولية فرع المغرب من تنظيم المخيم السادس عشر للشباب بمركب مولاي رشيد للشباب ببوزنيقة مع بداية شهر شتنبر الجاري، ومنع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم نشاط لها يوم 5 شتنبر، كما تم منعنا كعصبة مغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بطريقة بليدة من تنظيم الندوة الوطنية حول التربية على حقوق الإنسان التي قررنا تنظيمها يومي 27 و28 شتنبر بمركز بوهلال التابع لوزارة الشباب والرياضة، حيث أصر مسؤولو الوزارة على ضرورة الإدلاء وجوبا وبشكل قبلي بترخيص مكتوب من سلطات الولاية لتنظيم النشاط، وهنا أتساءل ما علاقة ولاية الرباط بمركز تابع لوزارة الشباب والرياضة؟
وحتى القانون المنظم للتجمعات العمومية في فصله الثالث واضح حيث ينص على: “وتعفى من سابق التصريح المنصوص عليه في المقطع الأول من هذا الفصل الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والهيئات المؤسسة بصفة قانونية التي تهدف بصفة خاصة إلى غاية ثقافية أو فنية أو رياضية، وكذا الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات أو المؤسسات الإسعافية أو الخيرية“، وهو ما كنا نقوم به بشكل عادي وفي احترام لمقتضيات الفقرة الأخيرة من هذا الفصل، حيث أن الأمر محصور فقط في الحصول على ترخيص من الجهة الوصية على المكان الذي يفترض أن ينظم فيه النشاط، لكن سلطات ولاية الرباط، وبتعليمات من وزير الداخلية تريد العودة بنا إلى التراجعات الخطيرة التي طرأت على القانون المنظم للتجمعات العمومية بتاريخ 10 أبريل 1973، وهو شيء يثير الاستغراب، ويثير قلقنا الكبير كجمعيات حقوقية حول هذه الردة التي تعود بالمغرب إلى الوراء، وأكيد أنها ستنعكس سلبا على فعاليات المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي يعتزم المغرب تنظيمه أواخر شهر شتنبر المقبل.
2- هل وزارة العدل قامت بما يجب وقف المضايقات التي تتعرض لها الجمعيات؟
وزير العدل والحريات في ردّه على الكلمة التي ألقيتها باسم الجمعيات الحقوقية خلال حفل التوقيع على اتفاقيات الشراكة التي تم التوقيع عليها يوم 25 شتنبر الجاري بالمعهد العالي للقضاء مع الجمعيات الحقوقية التي حظيت مشاريعها بالموافقة من طرف اللجنة المختصة، كان واضحا حيث أكد على أن التضييق على جمعيات المجتمع المدني يُعد اشتغالا خارج الشرعية، وأن محاولة فرض تصريح مسبق من أجل عقد جمعية حقوقية لنشاط في فضاء عمومي لا يمت للقانون بصلة وخارج الشرعية، وليس هناك تراجع عن الحقوق والمكتسبات ولن نسمح بذلك، وأظن أن وزير العدل والحريات مطالب اليوم بحكم اختصاصه بتدبير السياسة العمومية في مجال الحريات بتصحيح هذا الوضع الذي سيؤدي إلى الاحتقان، وسيجعل المغرب في وضعية حرجة جدا أمام الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، ومحط انتقاد من طرف الخصوم المتربصين داخل مجلس حقوق الإنسان بجنيف، هذا إذا علمنا أن المغرب قد انتخب عضوا بهذا المجلس الأممي منذ فاتح يناير من السنة الجارية.
3- هل صحيح أن الجمعيات الحقوقية تلكأت في التعاون مع الوزارة بعدم تقديم لوائح الأطباء؟
الأمر هنا يتعلق بالطلب الشفوي الذي تقدم به وزير العدل إلى الجمعيات الحقوقية يوم 29 ماي المنصرم خلال اللقاء الذي جمعه مع ممثلي الجمعيات الحقوقية حول ظاهرة التعذيب بمراكز الاحتجاز، سواء تعلق الأمر بمخافر الدرك أو الشرطة أو السجون، حيث طلب من الجمعيات الحقوقية تقديم لائحة من الأطباء المعتمدين ليشاركوا في اللجنة المختلطة لإجراء الخبرة على الأشخاص الذين يصرحون بتعرضهم للتعذيب، ويطالب دفاعهم بإجرائها.
وهنا يجب توضيح هذا الأمر إذا كان وزير العدل يؤكد فقط توفر المغرب على 14 طبيبا في الطب الشرعي، فكيف يمكن لجمعية حقوقية بالإمكانيات المالية المتواضعة جدا أن تؤدي أجرة طبيب في الطب الشرعي إذا تم الادعاء مثلا بأن هناك حالة وفاة نتجت بسبب التعذيب أو سوء المعاملة؟
في اعتقادي الشخصي هذا الأمر واجب على الدولة، ويجب كذلك أن يمتلك الأطباء الخبراء الجرأة في نقل حقيقة فحوصاتهم بشكل يرضي ضميرهم المهني، وأن يتجاوب قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق مع تقارير الخبرة للوصول إلى معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب لإرساء مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وترسيخ ضمانات عدم التكرار.
فالقضية تتعلق بموارد الجمعيات المالية المتواضعة التي لن تستطيع تغطية مصاريف الأطباء الخبراء، وأن وجود أطباء متطوعين قليل.