حلم تصدير الثورة الخمينية
د. رشيد نافع
هوية بريس – الأربعاء 01 أكتوبر 2014
سنة إلهية إذا انعقدت أسبابها وقعت بالناس ولات حين مناص. وإن في التاريخ لعبراً، ويكفي أن نتذكر ما حل بالمسلمين في بغداد سنة 656هـ، حينما اجتاح المغول التتر عاصمة السلام في ذلك الوقت وما جرى في هذا الهجوم من حوادث مريعة يقشعر لها جلد القارئ بعد هذه القرون، فكيف بمن عاناها واصطلى بحرها!!
وقارنوا أحوالنا اليوم بحال المسلمين في ذلك الزمان، أعني زمن دخول التتر إلى بغداد بتحالف مع المجوس الروافض، فهل نحن اليوم أحسن حالاً منهم، حتى ننجو من خطر الأعداء الذين أحاطوا بنا من كل جانب؟؟
والجواب البدهي: لا والله، لسنا بأحسن حالاً منهم، فواقعنا المعاصر لا يقارن في سوئه بذلك العصر، ومع ذلك سلط الله عليهم الكفرة المتوحشون ومعهم المجوس الصفويون الذين سفكوا الدماء وهتكوا الأعراض، وأفسدوا الحرث والنسل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت من الآية 40).
كانت الفرق الباطنية في أمة الإسلام تضرب ستاراً من حديد على أتباعها، وتسخرهم سخرة الآلة في يد الصانع، وتجعلهم مع أئمتهم كالميت يقلبه المغسل كيف شاء، لا حول له ولا قوة، ولا رأي له ولا اعتراض، فاستعبد أئمة الضلال أتباعهم، وأكلوا بالخمس أموالهم، واستحلوا بالمتعة أعراضهم، وسفكوا دماءهم نصرة لباطلهم..
وكانت الإمامية الإثني عشرية هي أعتى فرقة باطنية أقامت دولتها، وكثر أتباعها، وتحمس أئمتها لمذهبها، ونحت نحواً فارسياً شعوبياً متطرفاً منذ أن قامت دولتهم الصفوية في القرن العاشر الهجري، وزاوجت بين الفكر الفارسي المجوسي المتعصب، وبين المذهب الباطني الرافضي المنحرف، وعلى مر السنين كان أئمة هذا المذهب يبدلون فيه ويحرفون للإبقاء عليه حتى عادت دولتهم من جديد بالثورة الخمينية التي كان شعارها الأهم: تصدير الثورة؛ للإطاحة بالزعامات العربية السنية للأمة الإسلامية، واستبدال الزعامة الفارسية الباطنية بها.
إن الثورة الخمينية انطلق زعيمها من فرنسا مهد الثورة الأوربية المشهورة على الإقطاع والكنيسة، وتأثرت في أدبياتها بمصطلح الثورة الدائمة في التراث الماركسي الاشتراكي، ومعناه: ثورة العمال والفقراء المستمرة ضد الأسياد الأغنياء، حتى تسود الاشتراكية أرجاء الأرض، فأراد ربان الثورة الخمينية أن تكون ثورتُهم ثورةَ المستضعفين من أتباع آل البيت ضد طغيان النواصب المستبدين -وهم عندهم من لا يوافق الرافضة الاثني عشرية في معتقداتهم- وهي ثورة مستمرة إلى أن يحققوا أهدافهم بحكم العالم الإسلامي وتهيئته لخروج مهديهم المنتظر؛ ولذا نجد أن شعائرهم ومراسمهم وأيامهم تمتلئ بترسيخ الأحزان، وإثارة الأشجان، واستدرار العيون بالدمع، وتجريح الجسد لاستخراج الدم، وتهييج المشاعر بالنياحة واللطم، وتكثيف مناسبات الحزن.
ويرفد هذه الشعائر العملية الظاهرة كمٌّ هائل من النصوص الدينية والأدبية، والخطب الرنانة، والمماويل المحزنة، والقصص المخترعة في علي وآله رضي الله عنهم وأرضاهم، تُصاغ وتُلقى بأساليب تجيش القلب، وتستدر الدمع، وتبعث على الحزن، ويحس حاضرها بالظلم والقهر، كما يحس مشاهدها بالرحمة لأولئك الثكلى وهم يبكون أئمتهم.
إن كثيراً من الناس بعد الانفتاح الإعلامي وأثناء مشاهداتهم للشعائر البدعية عند الرافضة الإمامية يعجبون من تهيج مشاعر عوام الشيعة حتى يُدْمُوا بالسيوف والسكاكين رؤوسهم ورؤوس أطفالهم، ويلطموا بشدة على صدورهم، ويزحفوا في الرمضاء على بطونهم، ويبكوا بكاء شديداً؛ فلماذا كل هذا؟ وماذا يريد أئمتهم بهذه الشعائر الشاذة الغريبة رغم ما يوجه لهم ولشعائرهم من انتقاد؟
إن الهدف من وراء ذلك هو تصدير الثورة، وهو أساس من أساسات الدولة الخمينية، ولا ثورة بلا إحساس بالظلم والقهر، وهذه الشعائر والمآتم التي تتوج بمأتم الحسين في عاشوراء هي لترسيخ الشعور بالظلم في الأتباع، وملئ قلوبهم على أهل السنة بالأحقاد.
وهذا الإلحاح على تلك الشعائر حولها إلى دين ومعتقد ينعقد عليه قلب الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والعالم والعامي، والسياسي والمثقف ورجل الشارع، ويُؤثِمون من لا يشعر بهذا الشعور، ولا يشارك في شعائرهم، ويستدلون على قبيح أفعالهم بقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ) (الحج:32).
يقول أحدهم: فهل هناك شعيرة إلهية أعظم من البكاء والحزن على مصائب المعصومين -عليهم السلام-؟ واخترعوا أحاديث تجعل للمشارك في هذه الشعائر أجر مليوني حجة ومليوني عمرة ومليوني غزوة، كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأئمتهم.
ومَن عَلِم ما يمثله تصدير الثورة من أهمية عندهم فلن يعجب من هذه الشعائر، ولا من الأجور المكذوبة فيها على الرعاع والعامة، يقول الهالك الخميني: “إننا سنصدر ثورتنا إلى كل العالم حتى يعلم الجميع لماذا قمنا بالثورة“، وقال -أيضا-: “إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم“.
ولكن حلمهم هذا فشل منذ بداياته في حرب الخليج الأولى فتغيرت خطتهم من الثورة العسكرية إلى الثورة الثقافية؛ وذلك بتصدير المذهب عبر الثقافة والإعلام، وزرع العملاء، وإيجاد التشيع في البلاد التي لا يوجد فيها بالإغراءات المالية، والمميزات السيادية للسباقين إلى المذهب، والتواصل مع الأقليات الباطنية، والأحزاب السياسية الناقمة على دولها، وتجنيدها للدولة الفارسية التي هي الدولة المحورية للمذهب؛ فولاؤهم لها، وقلوبهم معها، ولا يعملون إلا وفق أوامرها وخططها؛ لأن الوالي الفقيه النائب عن المهدي المنتظر فيها، ولا يكون إلا من فُرْسِها، وكل الأتباع في الأرض يؤوبون إليه.
ثم لما أوجدوا لهم أذرعة في كثير من الدول الإسلامية، ومُكِّن لذراعهم في العراق بيد قوى الاستعمار، وقطعوا شوطاً في المشروع النووي؛ عاد حلم تصدير الثورة العسكرية إلى الطاولة السياسية، وصار موضع التنفيذ، فحركوا ذراعهم في لبنان للاستيلاء عليه، ولكن الله تعالى خيبهم، ثم ها هم يحركون ذراعهم في الشام والحوثي في اليمن، وهذا يدل على أن الحوثيين ما هم إلا خدم في معبد الثورة الخمينية، كما هو حال الأذرع الباطنية في العراق ولبنان وسوريا.
ونسأل الله تعالى أن يخيبهم ويدحرهم، وينصر أنصار التوحيد وحماة الدين عليهم؛ إنه سميع مجيب.
ولإثبات أن مشروع تصدير الثورة قد عاد من جديد أنقل إليكم مقولة رئيسهم الحالي في الذكرى الثلاثين لثورتهم؛ إذ يقول عند ضريح الخميني: “إن كانت هذه الثورة جرت في إيران إلا أنها ليست محصورة بالحدود الإيرانية”. وهذا يبين النوايا الخبيثة التي يبيتونها للدول الإسلامية. وفي نفس المناسبة قال مرشد ثورتهم الحالي: “سندافع عن مبادئ الإمام الخميني وعن ميراثه” وأهم شيء ورثه الخميني لهم هو تصدير الثورة.
ولنجاح تصدير الثورة اخترع أئمتهم نصوصاً تفيد بأن خروج المهدي لن يكون إلا بعد ثورات متتابعة في عدد من الدول لأتباع المذهب، فحين تثور عصبة منهم على حكومتها فهي تظن أنها تعجل بخروج المهدي الذي سيرفع الظلم عن آل البيت وأتباعهم.
ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوا أحلامهم، مما يوجب رصَّ الصفوف، ونبذ الفرقة والاختلاف، ومواجهة المد الصفوي في البلاد الإسلامية بفضحه للناس، وبيان عواره؛ فإن المخدوعين بهم من أهل الإسلام كثير، والمتخاذلين أكثر، ولو تمكنوا فلن يبقوا للناس ديناً ولا دنيا، ومأساة أهل السنة في العراق والشام واليمن أقرب شاهد على ذلك. نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يردهم على أعقابهم خاسرين، وأن يجعلهم عبرة للمعتبرين.. نسأله تعالى أن ينصرنا عليهم، وأن يخلص العراق والشام واليمن وسائر بلاد المسلمين من شرهم، وأن يضرب الذل والهوان عليهم أينما كانوا إنه سميع مجيب.
ولقد شهدت الأعوام الأخيرة نشاطات مشبوهة من الدولة الصفوية الفارسية الحديثة حاولت بها هذه الدولة أن تعيد أمجاد فارس وعقائدهم الفاسدة في عموم الأرض الإسلامية عموما والناطقة بالعربية خصوصا ثأرا منهم وللنيل من أمجادهم الغابرة لما لهم من اليد الطولة في القضاء على نارهم المجوسية.
فحاولت دولة الملالي الصفوية نشر مذهب الروافض في كل بقاع المسلمين بكل الوسائل والسبل التقليدية والمحدثة حتى شمل هذا تشيع في بعض الدول غالب محافظات البلاد حتى قدره البعض بالآلاف والعمل جار بكل الطرق والسبل بالترغيب والترهيب وباقي المسلمين في غفلة نائمين.
فقد بنوا الحوزات التي تخرج آلاف دعاة مذهب الرفض، والفتن في بلاد أهل السنة والجماعة مع غياب أي رد فعل من العلماء وغيرهم بل كان هناك غض البصر وكف اليد والتغطية اللازمة لأفعال هؤلاء من الجهات الرسمية…
وقد بدأنا نجد بشكل واضح المؤسسات التبشيرية والتي تأخذ شكل المستشفيات والحسينيات، وإعداد برامج تعاونية وثقافية لإدخال اللغة الفارسية إلى عدد من المؤسسات التعليمية في معظم البلاد وبكل مراحل التعليم الممكنة…
وفي الوقت الذي يعج الفضاء العربي بقنوات لنشر المذهب الإيراني والأخلاق الفارسية، في الوقت الذي يحدث فيه كل ذلك، يبقى الحديث عن خطر المشروع الإيراني على أهميته مضيعة للوقت!
إن التحدي الحالي لا يكمن في تكرار تلك المعزوفة المشروخة، بل في اتخاذ خطوات أكثر عملية على المدى القصير والبعيد.
وبعد كل هذا ألا يجب على أهل السنة حكاما ومحكومين في عموم الأرض بدق ناقوس الخطر ومساعدة أهل السنة والجماعة بالدعم المادي والمعنوي لأن الخطر سيعم جميع المناطق اليوم هنا وغدا هناك وبعد غد والله أعلم.
فالقوم يعملون بالليل والنهار وأهل السنة ينامون ليل نهار.
ولعل من أهم ما يجب أن يكون من خطط للتصدي لخطرهم هو:
1- التوعية من خطرهم وبيان عقائدهم الباطلة بكل الوسائل الممكنة.
2- إنشاء قنوات متخصصة بالعربية والفارسية واللغات الحية للرد عليهم وبيان حقيقتهم.
3- إغلاق جميع قنواتهم التبشيرية في الأقمار العربية وغيرها.
4- الوقوف مع أهل السنة الذي تحاك بهم المؤامرات التبشيرية ومدهم بالدعم المادي والمعنوي.
5- تنمية مناطق أهل السنة بالمشاريع التي تحتاجها مناطقهم وأهلها.
6- التضييق على الروافض بكل السبل والطرق الممكنة.
7- إنشاء أقسام في الجامعات متخصصة لمقاومة هذا الخطر الداهم.
فإن لم نتصدى لهذا الخطر وأمثاله فلن تقوم لنا أي قائمة والله المستعان.
يجب على كل مسلم معرفة عقائد الرافضة حتى نكون على حذر من مكرهم وغدرهم وتقيتهم. فكل من يقول بأنه لا يوجد فرق بيننا نحن أهل التوحيد الخالص أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح من صحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبين العلقميين الصفويين الوثنيين المشركين السبئيين الروافض المجوس أتباع عبد الله بن سبأ هذا اليهودي الحاقد الذي أثار الفتنة الكبرى بين المسلمين، فهذا الدعي هو أول من أسس هذا الدين ودعا إلى ألوهية علي وأنه يُحي الموتى ولما علم علي رضي الله عنه بما يقول قام باستتابته ثلاثة أيام فلم يتب فحكم عليه بالموت حرقا بالنار ولكن نصحه البعض أن ينفيه من الأرض بدلا من الحرق فنفاه إلى فارس وهناك نشر الدين السبئي الوثني الرافضي الذي يرفض ويُحرف كل ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وكل من يدعو إلى التقارب والوحدة معهم فكأنما يدعو إلى التقارب بين الكفر والإيمان، والوحدة بين التوحيد والشرك والتقاء السالب بالموجب، وبين من يعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يُولد وليس له شريك في الأمر والمُلك وبين من جعلوا لله أندادا يُحبونهم كحُب الله بل أشد حبا مدعين بأنهم يعلمون الغيب ويرزقون ويشفون ويُدخلون الجنة والنار والإيمان بهذا يُدخل الجنة والكفر به يُدخل النار، فآل البيت بزعمهم هم الذين يُدخلون الجنة وهم الذين يُدخلون النار فيقولون أن عليا هو قسيم النار وأول من يُدخل النار أبا بكر وعمر، فآل البيت من هذه الهرقطة والزندقة والشرك والكفر البواح براء، إن من يدعي ذلك بل هم ألد أعداء (آل البيت).
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) (البقرة:165).
ولعل قائلا يقول إما بحسن نية أوعن سابق إصرار أو عن جهل: لماذا هذا المقال في هذا الوقت؟؟ فهو يدعو إلى الفتنة بين المسلمين ويصب الزيت على النار!!
فهذا القول يدل على أن صاحبه ليس ملما بالواقع وقد لا يعرف معنى الإسلام الصحيح، فالفتنة هي محاربة الإسلام وفتنة المسلمين في دينهم وهذا ما يفعله هؤلاء الآن. فهذا المقال ما هو إلا لتوضيح معالم المعركة وكشف حقيقتها ودرء للفتنة، ودفاعا عن الإسلام والمسلمين وعقيدة التوحيد وعن تاريخنا وحضارتنا ووجودنا وديارنا، حيث أن أمتنا اليوم تتعرض لموجة استئصالية عاتية على يد الصليبيين بالتحالف مع الرافضة المجوس السبئيين، بقيادة إيران الصفوية المتعصبة للقومية الفارسية التي تحقد على العروبة والإسلام وهذه الموجة من أخطر موجات التاريخ العاتية كالحروب الصليبية الأولى وحروب التتار والمغول والهجمة الصفوية في القرن السادس عشر، فخطر هؤلاء الصفويين المجوس السبئيين الرافضة أشد من خطر العدو التاريخي لأمتنا الواضح وضوح الشمس، لأنهم يتسترون بالإسلام والإسلام منهم براء، فهم يستهدفون الإسلام من القواعد، وهم يسعون لاحتلال المدينة ومكة ونبش قبري أبي بكر وعمر وأبي بكر رضوان الله عليهما، وأكبر دليل على ما نقول هو ما يجري الآن على أيديهم للإسلام وأهله في العراق والشام والأحواز السنية واليمن حيث يحرقون المصاحف ويهدمون المساجد ويسحلون المصلين الركع السجود وينبشون قبور الصحابة ويقتلون كل من كان اسمه عمر أو أبو بكر أو معاوية، فحقد هؤلاء الأسود حرق الأخضر واليابس وأهلك الزرع والضرع.
وإنني أدعوا جميع المخدوعين بإيران الصفوية أو المتحالفين معها وخصوصا بعض التنظيمات والأحزاب بأن يعودوا إلى رشدهم ويفكوا ارتباطهم بها بعد أن تبين لهم الخيط الأبيض من الأسود ومدى خطورتها على الإسلام والمسلمين قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
ومن خلال التتبع والاستقراء وقراءة المشهد يتبين أن هناك أذرعة أخرى كامنة في عدد من الدول الإسلامية تنتظر أوامر سادتها في طهران، ودول أخرى ليس لطهران فيها أذرعة تحاول استنباتها كما استنبتت حزب الله اللبناني والحوثي اليمني بكل ما أوتيت من قوة عبر الحركات الباطنية، وهذا يوجب على أهل السنة تكثيف التحذير من الحركات الباطنية، وتوعية الناس بخطرها، والتمكين للعلماء والدعاة عبر وسائل الإعلام لفضح المد الصفوي الفارسي الطموح، مع الاجتهاد في دعوة الناس للحق، والتمكين لدعاته؛ فإن الحق يدمغ الباطل (بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) (الأنبياء:18).
وما أُتي المسلمون إلا من جهة إسكات دعاة الحق عن بيان الحق، والتمكين لدعاة الباطل بنشر الباطل عبر وسائل الإعلام، حتى نشر الصفويون أذرعتهم في العالم الإسلامي في غفلة من الغافلين؛ نسأل الله تعالى أن يقطع كل أذرعتهم، وأن يكفي المسلمين شرورهم.
فهذه رؤية متواضعة، مبعثها الغيرة على أمننا الروحي والوطني والقومي وقبل ذلك الديني، وتبقى الإرادة السياسية هي العامل الأكبر المناط به تحقيق تلك الخطوات.
وختاما: فإننا عندما نتحدث عن الفرس فإننا نتحدث عن عداء منذ بداية الرسالة وكان الفرس ممن ناهض الإسلام بشتى الطرق والوسائل، ولكن في ظل الفتح الإسلامي تحقق للمسلمين فتح بلاد فارس، في ظل رسالة الإسلام التي تنادي بالتوحيد والمساواة ووحدة النوع البشري والاندماج في قالب التعاون على الخير والتنافس الشريف في العمل الصالح.. وقد نبذ الإسلام كل أنواع المفروقات العرقية ونبذ المسميات الخارجة عن التوحيد.. يقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى).
إن التعصب الذي يظهره الفرس تجاه الإسلام لا يمكن تجاهله أو إغفاله وقد بدا ذلك جلياً وواضحاً منذ أن قام كسرى بتمزيق الكتاب الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضه للدعوة والدخول في الإسلام والكبرياء التي تمثلت في استقبال مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تدل دلالة واضحة على الحقد الفارسي للإسلام والمسلمين..
وقد حظي الإسلام بمن دخل منهم الإسلام وأخرج الله من أصلابهم أعلاماً كانوا أئمة هدى ودعاة حق؛ ولكن بقيت فلول فارسية إلى يومنا هذا وفي اعتقادهم أنهم سوف يعيدون أمجاد كسرى والعهد الفارسي، ولكن نسي الفرس أنه منذ نهاية إمبراطورتيه لن تقوم لهم قائمة إلى يوم القيامة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله..) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
من هنا نجد أن نهجهم العقائدي والسياسي يدور حول كلمة فرّق تسد. فلا زالت تعشش في أذهانهم إلى الآن مر الهزيمة والانكسار وما كتب لتلك الهزيمة من انهيارات عقدية أمام دين الإسلام، وعدم قدرة المعتقدات والطقوس الفارسية على الصمود أمام دعوة الحق وعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون) (الأعراف:118).
والحمد لله ربّ العالمين.