هو العلامة أبوعبد الله محمد المهدي بن محمد بن خضر الحسني الوزاني ولد بوزان سنة (1266هـ)، أخذ عن أعلام منهم محمد جلون، ومحمد كنون، والطالب حمدون بن الحاج السلمي، ومحمد بن عبد الرحمن الفلالي، وأحمد بناني، وعمر وأحمد والمهدي أبناء سودة، والحاج صالح المعطي، والقادري، ومحمد بن محمد المقري المعروف بالزمخشري وماء العينين، وعبد الله بن الشيخ إدريس الودغيري الشهير بالبدراوي، وجعفر بن إدريس الكتاني، وأحمد بن أحمد بناني كلا والقاضي الشيخ محمد -فتحا- بن عبد الرحمن العلوي الحسني، وعن الشيخ صالح بن المعطي التدلاوي وعن الشيخ محمد بن عبد الواحد بن سودة المعروف بالجلود وعن الشيخ محمد -دعي- بضم الدال وكسر العين وفتح الياء- أي سمي-، وحميد بن محمد بن بناني قاضي فاس، وعن الشيخ عبد المالك العلوي الضرير وعن الشيخ محمد – فتحا وغالبهم أجازه.
وكان رحمه الله به دعابة وفكاهة في المجالس يستحضر نوادرا وأخبارا عجيبة مائلا إلى التواضع والخمول وعدم الدعوى ويستحضر جل نصوص المذهب المالكي لا يجاريه في ذلك أحد من أهل عصره.
وبعد تضلّعه رحمه الله في العلوم النقلية والعقلية، وأصبح عارفاً بنوازل وقته، وأحكام المعاملات، بالإضافة إلى مشاركته في الفنون الأخرى، جلس للإفتاء بمدينة فاس، وتدريس طلاب العلم بعض المؤلفات المشهورة مثل: نظم ابن عاشر مع شرحه للشيخ ميارة الصغير، والأجرومية، ومن هؤلاء التلاميذ الذين حصل لهم شرف التتلمذ عليه: الشيخ عبد الحفيظ بن محمد الطاهر الفاسي، ومحمد مخلوف، وعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.
قال عنه تلميذه عبد السلام بن عبد القادر بن سودة يقول: “الإمام العالم العلامة الهمام المشارك الفقيه النوازلي المطلع الكاتب المقتدر المحرر النحرير الذي نفع الله بعلمه وتآليفه”.
وكذلك تلميذه محمد مخلوف يقول: “مفتي فاس وفقيهها الفهامة، أستاذ الأساتذة، وخاتمة العلماء المحققين الجهابذة، صاحب التآليف المفيدة والرسائل العديدة، العمدة الفاضل العارف بمدارك الأحكام والنوازل ومسائل المذهب، والمنقول والمعقول”.
لمترجمنا رحمه الله تآليف جامعة ونافعة، رزقت القبول، والعمل والاستفادة بما جاء فيها، وتناقلها الناس فيما بينهم حتى بلغت أقصى السودان فضلا عن الجزائر وتونس، من أشهرها: المعيار الجديد في اثني عشر مجلدا ضخما أو النوازل الكبرى، والمنح السامية من النوازل الفقهية أربعة أجزاء وتعرف بنوازل الوزاني الصغرى، كلاهما مطبوع، وحاشية على شرح التاودي على التحفة، وتحفة الحذاق بنشر ما تضمنته لامية الزقاق، وبغية الطالب الراغب القاصد إباحة صلاة العيدين في المساجد، وأجوبة عن عدة أسئلة فقهية، والثريا في الرد على من منع بإطلاق بيع الثُّنْيَا، والكواكب النيارة على شرح ميارة في جزءين.
بعد حياة مفعمة بالعطاء ونشر العلم، أخذت المنية الشيخ المهدي الوزاني سنة (1342هـ)، وسِنُّه حينها ستة وسبعون سنة، ودفن بعد زوال اليوم المذكور بروضة الجد أبي المحاسن خارج باب الفتح من فاس.