«بايدن» وتصريحه الأخير
برهان إبراهيم كريم (عميد متقاعد)
هوية بريس – الخميس 09 أكتوبر 2014
وكأن نائب الرئيس جوزيف بايدن يريد بمواقفه وتصريحاته أن يكون نجم كل حدث وحادث.
وكأنه يختار مواقفه لتكون مزيج لخلطة لقناعته وقناعات حزبه، وإدارته، وقاعدته الانتخابية. وربما كي يلفت الانظار إليه على أنه ضليع بالسياسة. حياة بايدن يمكن تلخيصها بالتالي:
* ولد بولاية بنسلفانيا لأسرة كاثوليكية بتاريخ 20تشرين الثاني. وترعرع في نيو كاسل بولاية ديلاوار التي هاجرت إليها أسرته، وكان حينها في العاشرة من عمره.
* حصل عام 1965م على شهادة التاريخ والعلوم السياسية من جامعة ديلاوار. ثم ألتحق بكلية الحقوق بجامعة سيراكوس، وتخرج منها عام 1968م.
* خلال دراسته عام 1966م تزوج من نيليا هانتر، ورزقا بثلاثة أطفال: بو، و هانتر، و ناعومي. توفيت زوجته وابنته بحادث سير بعد وقت قصير من انتخابه في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1972م. وأصيب أبناه الصغيران، ولكنهما تماثلا للشفاء.
* عمل في مهنة المحاماة. ودَرَّس القانون بعدة جامعات، منها جامعة ويدينير، التي عين فيها أستاذ مساعد في كلّيةِ القانون، ودرس بها القانون الدستوري منذ 1991م.
* عام 1975م تزوج من جيل تراسي جايكوب، وأنجبا ابنة هي اشلي، وهو وزوجته عضوان في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. و يتقن التراث الكاثوليكي الايرلندي.
* في شهر شباط عام 1988، نقل مرتين إلى المستشفى بسبب تمدد في الأوعية الدموية الدماغية، مما منعه من ممارسة عمله في مجلس الشيوخ لمدة سبعة أشهر.
* ابنه الأكبر بو، شريك في شركة ويلمنجتون للقانون، وانتخب ليشغل منصب المدعي العام لديلاوار عام 2006م، ثم عين قائد في حرس جيشِ ديلاوار الوطني.
* ابنه هانتر محامٍ في واشنطن، وعضو في مجلس إدارة امتراك. وعمل في قسم التجارة.
* انتخب نائباً عن الحزب الديمقراطي بالكونغرس الأميركي لأول مرة عام 1972م وهو في الـ29 من عمره. فكان خامس اصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة.
* أكثر سيناتور استمر في عضوية مجلس الشيوخ، وكان ينجح في الانتخابات بسهولة.
* انتخب في الكونغرس كعضو في عدة لجان، وترأس لجنة الشؤون الخارجية، ورئاسة لجنة الشؤون القانونية والقضائية الفرعية لمقاومة الاحتكار، وسياسة المنافسة، وحقوق المستهلك، ومكافحة الجريمة والمخدرات، وحماية حقوق الإنسان والمواطنة والقانون، والهجرة، وأمن الحدود، ومحاربة للإرهاب، وحماية التكنولوجيا وأراضي الوطن.
* عام 1974م اختارته صحيفة التايم ليكون من ضمن المئتين من وجوه المستقبل.
* شارك في صناعة العديد من القوانين الفيدرالية لمكافحة الجريمة في العقد السابق، بما فيها جريمة العنف ضد المرأة بموجب القانون لعام 1994م المعروف بقانون بايدن.
* خاض جزءاً من الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1988م، ثم انسحب بعد اتهامه باقتباس خطابه الذي ألقاه في ولاية إيوا عن خطاب زعيم حزب العمال البريطاني.
* ترشح للانتخابات التمهيدية عن الديمقراطيين لمنصب الرئاسة. ولكنه أعلن انسحابه بعد أن حل بعيداً خلف كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون في انتخابات حزبه.
* اختاره أوباما في 23 غشت 2008م ليكون نائبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية.
* خلال عمله كنائب للرئيس أوباما في ولايتيه الرئاستين، كان ومازال يؤدي دور المصدم المخفف أو الكابح لبعض ردود الأفعال والانفعالات من سياسة إدارته. أو يقوم بدور المنفث للضغوط والاحتقانات التي تجابه إدارته ورئيسه أوباما، من خلال بعض مواقفه وتصريحاته التي هي اشبه برمي حجر في بحيرة كي يحرك مائها الراكد.
* يعتبر من الليبراليين المعتدلين في توجهاته السياسية. ولكنه يحتفظ بخيوط تواصل مع المحافظين الجدد وحتى مع صقور حزبه الديمقراطي. والدليل على ذلك مواقفه التالية:
1- يعارض عمليات التنقيب عن النفط في محميات ولاية ألاسكا، ويفضل البحث عن مصادر بديلة للطاقة لتكون بمثابة طاقة جديدة.
2- يؤيد منح تأشيرات للعمال الزائرين، ويدعم فكرة بناء سور مع المكسيك.
3- صوت لصالح غزو أفغانستان عام 2001م وغزو العراق عام 2003م.
4- يدعو لتقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات كردية وسنية وشيعية.
5- بخصوص ملف دارفور فهو يؤيد فكرة إرسال قوات أمريكية إلى السودان.
6- معروف بتأييده الشديد لإسرائيل، كما أنه من أنصار حل الدولتين.
7- يؤيد الخيار الدبلوماسي مع إيران مع استخدام أسلوب العقوبات.
8- صوت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
9- دوره القوي والمؤثر في مجالات السياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات ومنع الجريمة.
تصريح السيد بايدن نائب الرئيس الأميركي الذي ألقى باللوم والملامة فيه على بروز الحركات المتطرفة والسلفية والمتشددة والارهابية على بعض حلفاء بلاده. والتي اتهمها بانها هي من قدمت المال والدعم والسلاح لهذه الجماعات. أثار جدلاً واسعاً في اوساط النخب والمحللين السياسيين والعسكريين ووسائط الاعلام وصناع القرار. والتي يمكن تلخيصها بهذه النقاط:
* فالبعض أعتبر اختياره جامعة هارفارد مكان لقائه مع بعض نخب الولايات المتحدة الأميركية، إنما الهدف منه أن يكون بمطلق الحرية كي يصارح الموجودين من هذه النخب ببعض الحقيقية مهما كانت مرة كي يبرر تردد رئيسه في بعض قراراته.
* والبعض رأى أن كذبه على الحضور من هذه النخب سيعرض إدارته لمشاكل ومخاطر هي بغنى عنها. كما أنه يلحق الضرر بحزبه الديمقراطي. وخاصة أن هذه النخب على تواصل مع الشارع الأميركي الذي يقرر بأصواته نتائج أية عملية انتخابية قادمة.
* والبعض أعتبر أن مصارحته الحضور من هذه النخب بالحقيقة، سيدفع بها إلى تبرير سياسة إدارته. وحتى أنها ستندفع لتفنيد التهم الموجهة لإدارته، ولرئيسه بأنه متردد.
* والبعض رأى أنه أراد الإيحاء للحضور من هذه النخب بأن تحالف واشنطن الجديد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية لن يحقق نتائج ملموسة ما لم تسارع الدول المنضوية في هذا التحالف من تبديل مواقفها السابقة، ومحاسبة المسؤولين عن سياساتهم السابقة.
* والبعض أعتبره مغازلة لروسيا والصين وإيران من خلال تبرئة مواقف بلاده من الأزمة السورية، وتحميل حلفاء بلاده مسؤولية استفحال الأزمة السورية وتنامي الإرهاب.
* والبعض أعتبر أن المكان والحضور لا يسمح له بالمراوغة التي يتبعها عادة مع وسائط الإعلام أو خصوم إدارته وبلاده، بحيث يمكنه التحدث لساعات. فمثل هذه النخب لديها من المعلومات والحقائق ربما بأكثر من حجم المعلومات والحقائق التي بحوزته. ولها دور مؤثر بصياغة القرار من خلال مراكز البحوث والدراسات التي تنضوي فيها.
* والبعض اعتبر أنه وجدها فرصة سانحة له ولحزبه وإدارته لتبرير سعي إدارته لإقامة هذا التحالف الجديد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، للحضور من هذه النخب.
* والبعض اعتبر أنه أراد إعلام هذه النخب سلفاً بأنه ليس بالإمكان أفضل من هذا الخيار. وتهيئة الأجواء لكافة النتائج السلبية والايجابية، وحتى احتمالات الفشل.
* والبعض اعتبر أنه عمد قصداً إلى هز دول التحالف التي تحاول فرض شروطها على واشنطن، أو تتباين بمواقفها عنها. أو تحاول إلقاء اللوم والملامة والمسؤولية على واشنطن. وإجبارهم على الانصياع لشروط واشنطن بدون أي قيد أو شرط.
والسؤال: هل قصد بايدن إعادة خلط الأوراق من جديد، وإحراج بعض حلفاء بلاده؟
حتى الآن انحصرت ردود أفعال من اتهمهم وأساء إليهم من حلفاء بلاده بثلاثة مواقف:
1- دول طالبته بالاعتذار عن تصريحاته، وهذا بنظره ثمن بخس. فسارع لتقديم الاعتذار. والغريب أن أنظمة هذه الدول تعتبر اعتذار واشنطن وإسرائيل كاف ويعطيها كامل مهما قتلا من مواطنيها، بينما تساهم بتدمير دول تربطها صداقات معها لأمر بسيط.
2- ودول انتقدته واتهمته بالصمت عن إرهاب إسرائيل. فسارع للإشادة بصداقتهم لبلاده ولدورهم في محاربة الإرهاب. وأعتذر إليهم رغم إعلانهم بأنهم ليسوا بحاجة لاعتذاره.
3- ودول سارعت بإرسال وزراء خارجيتها لبعض عواصم التحالف الجديد، لتقدم كل ما بحوزتها من معلومات عن مواطنيها المنضويين في تنظيمات تتهمها واشنطن بالإرهاب.
الإدارة الأميركية لم تنتقد بايدن. فالمتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست أدلى بتصريح جاء فيه: نائب الرئيس لا يزال عضواً أساسياً في فريق الأمن القومي للرئيس، ولديه خبرة لعشرات السنين في التعامل مع القادة في مختلف أنحاء العالم. والرئيس أوباما سعيد بالاعتماد على مشورته، ونحن نواجه العديد من التحديات بالغة الأهمية للأمن القومي الأميركي.