عذرا يا بلمختار هذا هو تعليمنا!!!
ذ. يونس الناصري
هوية بريس – الأربعاء 15 أكتوبر 2014
من المعلوم بالضرورة عند الدول المتفوقة، أن الشعب يختار من الوزراء أنجبهم، ومن النواب أقدرهم على خدمته، ومن الولاة من يلبي حاجيات أبناء وطنه، في كافة القطاعات؛ ومن المسلمات عندهم أيضا أن أي مسؤول ثبت جهله، أو ضعف اطلاعه على الأقل في تخصصه الموكول إليه، فإنه يقدم استقالته بنفسه، أو يحال إلى المعاش إن كان كبير السن، أو يعفى من منصبه ليأتي من هو أعلم منه.
وإذا علمنا هذا، فإن من العيب الذي لا يغتفر أن نجد وزير التربية الوطنية، الرجل المثقف ذا الشهادات العليا، المتقلد لمناصب سامية قبل أخذه بزمام التربية والتعليم، يخطئ في لغة خطابه المكتوب الموجه إلى عموم المدرسين والمدرسات بمناسبة اليوم العالمي للمدرس يوم الخامس من أكتوبر سنة 2014م.
فمن الاضطراب في التعبير الذي ابتدأ به رسالته حين قال: “رسالتي اليوم إليكم أود أن لا أقف عبرها عند حدود…” مقدما المبتدأ على الفعل بلا داع بلاغي أو أسلوبي، بدل أن يقول في يسر: “أود أن لا أقف في رسالتي إليكم اليوم عند…” إلى الأخطاء النحوية القاتلة من وزير للتربية الوطنية، يوجه كلامه بلغة عربية إلى عموم المثقفين من أساتذة وأستاذات!!
فانظر إلى قوله: “وهو ما لمسته من خلال الصراحة التي طبعت تشخيصكم للوضع التعليمي وأنتم العارفين به!! بجر جمع المذكر السالم الذي جاء خبرا، وحقه الرفع بالواو، والصواب عند المبتدئين في النحو هو “وأنتم العارفون به”.
وقال بعده بقليل: “…لتتيح بشكل منصف لكل المواطنين تعليما وتكوينا ذي جودة !!” والصواب تعليما وتكوينا ذا جودة” بنصب ذي الذي هو من الأسماء الخمسة، ونصبه يكون بالألف.
ومن أخطائه الإملائية كتابته الهمزة على السطر، وحقها أن تكون على الياء، في قوله: من أجل إرساءها…” والصواب “من أجل إرسائها”…
إن تعداد هذا الأخطاء غير المقبولة من تلميذ مبتدئ على خطاب رسمي من قبل وزير للتربية الوطنية هو تقرير للوضع المزري الذي يعرفه تعليمنا، خصوصا لغته المهضومة الحقوق، ودليل على أن المسؤول لا يخرج عن حالتين اثنتين:
الأولى: لا مبالاته باللغة العربية المكتوب بها، إن كان هو كاتبها، وأنا أستبعد ذلك لتكوينه الفرنسي الخالص.
الثانية: لا مبالاة وجهل من وكل إليه كتابة هذه الرسالة، وهو أقبح من كتابة الوزير لها؛ إذ كلنا قد نعذر سيادة الوزير الذي أستبعد أن يخطئ في كتابته باللغة الفرنسية مثل هذه الأخطاء العويصة، لقلة زاده اللغوي العربي.
بيد أنه لا يعذر الكاتب الذي من المفروض أن يكون ملما بآليات الكتابة العربية من نحو وصرف وإملاء وأسلوب دقيق وغيرها من شروط الكاتب العربي…
وهب أن مستشرقا معاصرا قرأ هذه الرسالة العظيمة، كيف ستكون نظرته لسيادة الوزير ومن زبر له كلامَه كتابةً ولكل رجال ونساء التعليم؟؟؟
من هذا المنطلق نفثنا ما نفثنا، متألمين متأثرين، داعين الله بالتوفيق والسداد لكل مسؤول عن قطاع التعليم، راجين من العلي القدير أن يسرع نهضتنا العلمية الثقافية.