جماعة أسسها فتح الله غولن عام 1970، وتوسعت داخل تركيا وخارجها. تؤكد أن عملها تربوي اجتماعي، لكن آراءها السياسية متعددة وتصب في انتقاد حكومة حزب العدالة والتنمية التركي.
النشأة والتأسيس
أنشأ فتح الله غولن النواة الأولى لجماعة الخدمة في بداية سنة 1970 بمدينة إزمير التركية، غير أنها توسعت وأصبحت حركة قوية داخل البلاد وخارجها.
التوجه لاأيديولوجي
تعتمد الجماعة على فكر غولن وآرائه ومواقفه، وتوصف بأنها حركة اجتماعية صوفية تركز على مسلمي تركيا ومنفتحة أكثر على الغرب.
ورغم أن كتب غولن تحوي الكثير من الفقه والتفسير والسيرة وغيرها، فإن السمة البارزة في منهج الجماعة الفكري اقتصارها على فكر شيخها وعدم تجاوزه إلى غيره.
الأهداف
تركز جماعة الخدمة في عملها أساسا على التعليم، فهي تبني المدارس داخل وخارج البلاد، كما أنها اخترقت المجتمع بإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية.
كانت القفزة الكبيرة في نشاط الجماعة بعد انقلاب عام 1980، حيث استفادت من دعم الدولة ومن مساحات الحرية المتاحة، لتبدأ رحلتها مع إنشاء المدارس خارج تركيا، مروراً بتكوين وقف الصحفيين والكتاب الأتراك، الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمي.
تدير الحركة أكثر من 1500 مؤسسة بمختلف مراحل التعليم، إضافة إلى 15 جامعة منتشرة في أكثر من 140 دولة في مختلف أنحاء العالم. وأهم ملامح هذه المؤسسات التعليمية أنها تتفق مع علمانية تركيا، ولا تطبق برامج تحمل مواصفات دينية.
أما في قطاع الإعلام، فتمتلك الحركة عدة مؤسسات إعلامية منها وكالة ”جيهان” للأنباء، كما تمتلك مجموعة ”سامانيولو” التي تضم ست قنوات تلفزيونية متنوعة، إضافة إلى ثلاث إذاعات. وتغطي هذه المجموعة 150 دولة، ولها بث خاص بأميركا وأوروبا ودول آسيا الوسطى باللغات التركية والإنجليزية والألمانية والأذرية. كما تمتلك مجموعة زمان الإعلامية التي تصدر جريدتي زمان التركية ونسختها الإنجليزية ”تودَيْ زمان”.
وفي القطاع الاقتصادي تمتلك الحركة ”بنك آسيا”، بينما يتجمع رجال الأعمال الذين يدورون في فلكها في جمعية “توسكون”.
يتهم الخصوم الجماعة بأنها تهدف إلى تمييع التدين والتركيز على الجانب الصوفي كوسيلة للتغلغل داخل المجتمع.
فغولن يتبنى مفهوما غير مسيس للدين، فهو يرى أن “الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلاً للدولة” كما يصر على وصف جماعته أنها ”فوق السياسة”.
وفي الوقت الذي تبتعد فيه الجماعة عن العمل السياسي الحزبي، فإنها تنهمك في التحالف مع الأحزاب السياسية في مقابل الدعم والامتيازات، وتعمل على التغلغل في مؤسسات الدولة والتقدم في المناصب الهامة.
وتبرز أدبيات “الخدمة” فكرة النفوذ والتغلغل في أجهزة الدولة المختلفة دون رؤية واضحة أو أهداف محددة لمرحلة ما بعد “التمكين” الذي تتحدث عنه. ويرى البعض أن الجماعة تنتهج “تقية سياسية” تجيز لأعضائها التخلي عن بعض العبادات والشعائر لإخفاء هويتهم، حتى لا يتم استبعادهم من أجهزة الدولة، خاصة الجيش والشرطة.
وتسعى الحركة للوصول إلى المناصب العليا في مختلف المؤسسات -وخصوصاً الجيش والاستخبارات والشرطة- تأهباً لمشروع سياسي مستقبلي.
كما يتهمها خصومها بتجاوز العداء الديني للمشروع الصهيوني، حيث سبق لغولن أن انتقد تسيير سفينة مرمرة لكسر الحصار المفروض على غزة، كما أنه أدان سحب السفير التركي من تل أبيب عقب تلك الأحداث وإن كان عبر عن تضامنه مع شهداء غزة خلال العدوان الإسرائيلي في صيف 2014.
ويضيف خصوم الحركة أنها كانت دائما تؤكد أن مجال اشتغالها العمل الاجتماعي وفق مبادئ التصوف الروحي، غير أن صراعها مع حكومة رجب طيب أرودغان كشف انخراطها في العمل السياسي من خلال أعضائها والمتعاطفين معها، إلى جانب تصريحات مؤسسها غولن الذي انتقد مرارا قرارات اتخذتها الحكومة التركية، كما أنه سبق واتهم أردوغان بجر البلاد نحو الديكتاتورية.
صراع مع أردوغان
اتُّهمت الجماعة بإعلان الحرب على حكومة حزب العدالة والتنمية عبر تسريب أشرطة تنصت غير مشروعة.
واتهمت الحكومة التركية الجماعة بأنها كيان مواز تغلغل داخل أجهزة القضاء والشرطة، ما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة وفبركة تسجيلات صوتية.
غير أن غولن من جهته نفى في سلسلة حوارات مع صحف تركية وقنوات عربية، الاتهامات التي وجهت إليه وإلى حركته، واتهم -بالمقابل- خصومه بتضليل الناس، واصفا تلك الاتهامات بأنها “افتراءات” لا أصل لها.
كما نفى في حوار مع صحيفة زمان التركية الموالية له نشر في مارس/آذار 2014، أن تكون حركته تقف خلف عمليات تنصت غير مشروعة، داعيا إلى إثبات الأمر أولا ثم محاكمة المتسببين فيه.
ودعا كذلك إلى محاكمة من اتهموا جماعة الخدمة بالوقوف خلف عمليات التنصت تلك، دون إظهار أدلة.
كما اتهم في الحوار نفسه حكومة العدالة والتنمية بالتضييق على الحقوق والحريات في تركيا، موضحا أن الأتراك تضرروا من ذلك، داعيا إلى سيادة القانون واحترام الحريات.
ويعيش غولن في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية، وعلق على دعوة سابقة لأردوغان بعودته إلى البلاد بقوله لصحيفة زمان “سأقرر ذلك بعد التشاور مع إخواني الذين أثق بصدقهم وأمانتهم، وليس بناء على أفكارِ مَن كان بالأمس شيئا، وأصبح اليوم شيئا آخر”.
وقد اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو “الكيان الموازي” (في إشارة إلى جماعة غولن) بمحاولة الانقلاب على القضاء بتركيا في أبريل/نيسان 2015 عندما صدر قرار محكمة الجزاء الابتدائية الـ32 بإسطنبول بإخلاء سبيل العديد من المتهمين الموقوفين على خلفية تحقيقات “الكيان الموازي، من بينهم “هدايت قاراجه” مدير النشر بصحيفة “زمان” المحسوبة على غولن، ومديرين أمنيين آخرين، وذلك رغم وجود قرار من محكمة أخرى يقضي بعكس ذلك، ورغم عدم إرسال المدعين العامين الذين يديرون التحقيقات لملفات القضية.
وقال أوغلو في كلمة ألقاها أمام جماهير حزبه، في مدينة “غموش هانه” إن الكيان الموازي يريد من خطوته هذه أن يقول “نحن هنا”، بحسب تعبيره، مشددا على أن الحكومة لن تسمح بسيطرة أي جهة تنظيمية على القضاء التركي.
وفي إطار هذه المعركة، قضت محكمة بكر كوي بمدينة إسطنبول، يوم 1 مايو/أيار 2015 باعتقال القاضي السابق لمحكمة الجزاء الابتدائية الـ32 في إسطنبول “مصطفى باشر”، الذي سلم نفسه للسلطات الأمنية بعد صدور قرار توقيف بحقه من قبل محكمة جنايات “بكر كوي”، التي وجهت إليه تهما بـ”محاولة الإطاحة بالحكومة التركية، والمساعدة بشكل كامل أو جزئي في عرقلة قيامها بأعمالها”، و”الانتماء لمنظمة مسلحة”.
وكانت محكمة جنايات “بكر كوي” الثانية قضت باعتقال قاضي محكمة الجزاء الابتدائية الـ29، في إسطنبول “متين أوزجليك” لنفس التهم التي وجهتها إلى “باشر”.