فريد الأنصاري وواجب الترحم والوفاء في الذكرى الخامسة لرحيله
د. عبد العزيز الإدريسي (تلميذ الأستاذ المحب)
هوية بريس – الخميس 06 نونبر 2014
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم***إن التشبه بالكرام فلاح
يقول الإمام أبو حنيفة: “الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلى من كثير منالفقه، لأنها آداب القوم وأخلاقهم) وشاهده منكتاب الله تعالى قوله سبحانه: “أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده“[1].
في الخامس من نونبر سنة 2009 توفي العالم الجليل، الشيخ المربي، الدكتور فريد الأنصاري بمستشفى “سما”[2] بإسطنبول بتركيا، ونقل جثمانه الكريم إلى بلده المغرب بمكناسة الزيتون تنفيذا لوصيته حيث دفن بعد صلاة الظهر في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من المشيعين والمحبين، من داخل مدينة مكناس وخارجها ومن داخل المغرب وخارجه، وووري الثرى بمقبرة الزيتون بمدينة مكناس، وذلك يوم الأحد 8 نونبر 2009.
وإذ نكتب هذه الأسطر نستحضر “فلسفلة العمر” و”جمالية الموت ” و” مجالس القرآن” عند فريد الأنصاري رحمه الله تعالى، حتى نكون أوفياء لفكره القاصد ومنهج الرائد في التأصيل والتحليل والتعليل والتعليم والدعوة والتربية.
وقبل الحديث عن هذه القضايا الثلاث، أود أن أذكر بأني الضرورة وواجب الوفاء لأستاذي الشيخ فريد الأنصاري رحمة الله عليه -فقد درست عنده سنوات الإجازة الأربع- هي التي دفعتني إلى كتابة ما نحن بصدده، وإلا فأنا لمثلي أن يكتب عن هرم من أهرامات العلم والعمل، أو يتحدث عن فارس من فرسان الدعوة والتربية، وعن مجاهد بالكلمة والقلم والبيان.
لا أعرف أحدا قرأ كتب الشيخ في شتى مجالات المعرفة وفنونها، أو سمع محاضراته ومواعظه، أو شاهد أشرطته، بله أن يلتقيه أو يتتلمذ عليه أو يدرس عنده أو يعاشره، إلا وأحبه وتمنى طول المكث معه، وشهد بكون فريد الأنصاري رحمه الله شخصية عبقرية، ونموذجية، وموسوعية، بالعمل والعمل، بالفكر والخلق، بالأصالة والتجديد، بالحيوية والمبادرة، والعمق في التحليل ووضوح الرؤية في التنزيل، كيف لا؟ وهو العالم المقاصدي وارث سر الإمام الشاطبي.
1- “فلسفلة العمر” عند فريد الأنصاري رحمه الله تعالى:
توفي فريد الأنصاري رحمه تعالى دون سن الخمسين-49 سنة-، ولكن ترك إرثا علمياودعويا ضخما بين الورقي[3]والرقمي[4]، ومشروعا إصلاحيا قرآنيا فتيا، وكثرة تآليفيه وكتبه، وغزارة محاضراته ومواعظه تنم عن همة عالية ومسؤولية واعية، بالإضافة إلى كثرة التزاماته العملية، ومما شهدته خلال سنوات الإجازة الأربع -في بداية القرن 21- أن الفقيد رحمه كان يجمع بين التأليف والتدريس والخطابة والوعظ والتأطير العلمي والإشراف التربوي، ورئاسة شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- مكناس، ورئاسة المجلس العلمي المحلي بمكناس وعضوية المجلس العلمي الأعلى، بالإضافة إلى استقبال الزوار بمنزله بكل كرم وتواضع جم.
كل ذلك مؤطر بمرجعية قرآنية حاكمة وبرؤية تربوية ناظمة وبمنهجية دعوية مستوعبة، حيث أكد الشيخ رحمه الله أن الإنسان المؤمن يجب أن يعيش ويحياعمره بالعرض لا بالطول فقط، حتى يتحصل بركة العمر، يقول رحمه الله في كلام عميق ودقيق: “والعمر -عند التفكر في الخلق الإلهي- هو حقيقة الإنسان. إذ ليس المرء إلا بداية ونهاية! ساعة ولادة فساعة وفاة. ولكن.. شتان شتان بين عمر وعمر! ليس ذلك باعتبار الطول والقصر؛ إذ الأعمار كلّها قصيرة كما أسلفنا، ولكن باعتبار العرض والضيق، إذ قد يكون العمر طويلا -حسب العد البشري النسبي- ولكن يكون ضيقا من غير سعة. كما قد يكون قصيرا بالاعتبار نفسه، ولكنه عريض جدا، حتى لكأنه لا يكاد ينتهي أبدا.
وبيان ذلك بالمثال التالي:هَبْ أن العمر عبارة عن طريق يقطعها الإنسان، لها امتداد طولي وآخر عرضي. والعادة أن الإنسان إنما ينتبه إلى الطول؛ لأن ذلك هو المتعلق بمفهوم الزمن (الماضي والحاضر والمستقبل)، ولكنه قلّما ينتبه إلى العرض؛ لأن هذا إنما يتعلق بالأعمال والمنجزات خلال كل فترة من فترات الزمن.
فالإنسان في سيره خلال عمره نوعان: نوع يخطو دون أن ينتبه إلى عرض الوقت، فيلتهم من طوله ما هو مقدّر له، فلا يشعر ببركة العمر مهما طال، حسب العد البشري النسبي. ونوع ينتبه إلى العرض؛ ولذلك فهو إذ يخطو الخطوة الواحدة من عمره، لا ينتقل إلى الثانية حتى يخطو مثلها على عرض الطريق لا على طولها ليعيش باقي اللحظات التي هي من الخطوة الطولية الأولى نفسها التي خطاها. وهكذا يبقى يخطو على عرض الطريق حتى يستوعب كل عرضها. وحينئذ فقط، ينتقل إلى أمام ليخطو خطوة أخرى على طولها، ثم يستأنف بعد ذلك خطوات العرض. فهو إذن يسير طولا وعرضا“[5].
وفي هذا الصدد نستحضر الرواد الأوائل الذي قصرت أعمارهم وتفجرت عطاءاتهم تعليما وتأليفا ودعوة وتربية وخدمة للدين، من قبيل الإمام الشافعي (54سنة)، والإمام مسلم (55سنة)، والإمام الجويني (59سنة)، والإمام النووي (45سنة)، والشهيد حسن البنا (44سنة).
2- “جمالية الموت” وحقيقة الدنيا عند الفقيد
يعتبر مصطلح “الجمال” من أهم المفاتيح المفهومية للخطاب الدعوي والكسب الفكري والأسلوب التربوي للفقيد رحمه الله، دل على ذلك كثرة استعماله في وسم مقالاته ومحاضراته[6]. ذلك أن الاستاذ الأنصاري بنى رؤيته المعرفية ومنهجيته الدعوية على مبدأ الجمال القرآني المؤسس للحقائق الإيمانية والمشكلة للوجدان الإنساني، ولكن الجميل هو ذلك الربط البيداغوجي بين قيمة الجمال وحقيقة الموت، يقول رحمه الله تعالى: ” “الموت إذن حقيقة وجودية! فأي لذة حقيقية في هذه الدنيا إذا كان بدء المتعة مشعرا بفنائها القريب!؟ ألا بئست حياة يبني فيها الإنسان متعا شتى، حتى إذا هو قارب تمام البناء مات! هنا إذن يتدخل المفهوم الإسلامي للموت ليعطيها بعدا جميلا!
وإنه حقا لجميل!
هل سافرت يوما إلى مكان بعيد وأنت في شوق شديد، أو حنين قوي إليه؟.. هل عدت من غربتك يوما إلى وطن الطفولة والأحباب؟.. صوت الحافلة وهي تقترب من الحمى، أو نفير القطار وهو يطرق المدينة، أو أزيز الطائرة وهي تشرف على تراب الأحبة.. هل وجدت قلبك يدق فرحا وغبطة؟ إنها متعة الوصول!
الموت باب الدخول إلى وعد الله الكريم.. وإنما يخاف عنده المكذبون، ولا خوف على من آمن بالله ثم استقام.. بل إنه يرجو وعد الله الكريم، وفضله العميم. قال سبحانه: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم} (فصلت 32،30).
إنها آية من الروعة بمكان! فهي تصل – في إحساس العبد المؤمن- الحياة الدنيا بالحياة الآخرة: {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، وتملأ المؤمن سكينة وسلاما، فإنما الملائكة القباض بالنسبة للمؤمن المستقيم رسل سلام من الله السلام!(الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) فيا لها من صورة روحانية ذات جمال! فكأن روح المؤمن الصالح كوثر يتدفق ينبوعا من الأرض، فيعلو، ويعلو، حتى يخترق طبقات السماء برفق وسلام، ثم يتدفق من أعلى، رقراقا كالبلور الصافي.. ثم يستقر بقبره، ويوصل من الجنة بباب من الرحمة والرضوان، يهب عليك بأنسامها وبركاتها حتى تقوم الساعة أفبإمكانك أن ترسم لهذه الصورة (تشكيلا)؟ بأي ريشة أم بأي ألوان تستطيع استيعابها؟ كيف ترسمها حبا متدفقا، ورضا متفتحا؟ أهذا هو الموت؟ أم أنه انسياب الروح في مملكة السلام، وانطلاق الشوق إلى الرب السلام؟
ألم أقل لكم إن الموت جميل حقا؟
ولكنه جمال مقصور على الذائقين، الذين تفطرت أكبادهم شوقا إلى يوم الدين.. (يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم) (الشعراء89،88)، وذلك خفق القلب بالإسلام لله رب العالمين. “.... هكذا ما كان للموت في عقيدة الإسلام أن يكون “فوبيا” تدمر الأعصاب، وتحطم شخصية الإنسان! فإنما هو لحظة من الجمال الروحي، تدخل بالسرور على أهل الشوق والمحبة، من الصديقين والشهداء والصالحين! فأبشر” أيها المؤمن الطيب… إن الموت بشرى”[7].
إن الموت بهذا البعد الجمالي يدفع الإنسان على مزيد من العطاء والتضحية والبذل والإقبال على الحياة.
3- “مجالس القرآن” من القرآن إلى العمران: المشروع الذي انطلق!!!
إذا ذكر فريد الأنصاري ذكرت “مجالس القرآن” وذكر المشروع التصحيحي الرائد “من القرآن إلى العمران”، والقرآن هو الأساس لفهم فلسفة الأنصاري التربوية ومنهجية الدعوية، ولذلك نبذ وترك الفقيد كل المرجعيات والمقولات والأدبيات والفلسفات، إلا القرآن الكريم اعتصم به واستمسك به فقط، وانبرى لذلك بكل ما أوتي من يقين رغم المرض وكثرة المسؤوليات يقول رحمه الله: “في الآونة الأخيرة وبعد استخارة قررت أن أتفرغ لكتاب الله تعالى دراسة ومدارسة وخدمة… ولكن تبين لي أن الأسلم والأحكم أن أشتغل بالقرآن فقط ولهذا الآن ومنذ أكثر من سنة، أشتغل بدراسة كتاب الله عز وجل”[8].
والأنصاري رحمه الله ليس بالمقلد، وإنما في هذا الباب وغيرها من الأبواب مجدد مجتهد، فقد أبدع منهجية في المدارسة غير مسبوقة، وتتمثل هذه المنهجية في تقسيم المجلس القرآني إلى أربع فقرات وهي:
أ- كلمات الابتلاء.
ب- البيان العام.
ج- الهدى المنهاج
د- ملك التخلق[9]
وهذه المجالس القرآنية ليست مجالس تفسير لآي القرآن فقط، وإنما هي مكابدات ومدارسات في رسالات الهدى المنهاجي من التلقي إلى البلاغ، وهذى المعنى الجوهري نجده في ذلكم الإهداء الضارع الذي قدم به كتاب مجالس القرآن: إهـداء..
إلى حُمَّالِ رِسَالاَتِ القُرآن..
السَّالِكِينَ بِهَا إلى اللهِ، تَعَبُّداً وبَلاَغاً..
الْمُكَابِدِينَ بِهَا مِحَنَ هذَا الزَّمَان!
إلى بَلاَبِلِ اللَّيالِي الْخُضْر..
الْمُرَتِّلَةِ خَوْفَهَا ورَجَاءَهَا بِمَحَارِيبِ السَّحَر!
إلى طَلاَئِعِ الْخُيُولِ الغُبْـر..
الْمُورِيَةِ بِسَنَابِكِهَا لَهِيبَ الفَتْحِ الْمُبِين
سَلاَماً وأمَاناً للعَالَمِين!
إلى أجْيَالِ الشَّبَابِ الصَّادِقِ الْمُؤْمِنِ.. ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ! وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً!﴾[10].
إلَيْكُمْ سَادَتِي.. أُهْدِي هَذِهِ اللَّوَعَات..![11]
إن فريدا كان يعيش هذه الحالة الوجدانية الإيمانية من المكابدة والمجاهدة في إشعال فتيل قلبه بمواجيد القرآن نبضا نبضا! على وزان قوله صلى الله عليه وسلم “شيبتني هود وأخواتها“[12] وان من لم يكابد حقائق القرآن لهيبا يحرق باطن الإثم في نفسه فلا حظ له من نوره![13]
وهذا المشروع مشروع مجالس القرآن لما يكتمل بعد، لأن فريد رحل ولم ينه مدارسة جميع السور القرآنية، والسور التي تم مدارستها وطباعتها هي: الفاتحة والبقرة وآل عمران إلى الآية 32 (المجلس الرابع) بالإضافة إلى سورتي الفرقان ويس. ولعل الله تعالى يقيض من يكمل هذا العمل الجليل، كما وقع مع تفسير الجلالين[14]، علما بان الشيخ رحمه الله تعالى قد وضع المنهج، وحدد الغاية وقدم النموذج.
4- فريد الانصاري وواجب الوفاء:
إن السنوات الخمس التي مضت منذ وفاة العلامة فريد الأنصاري رحمه الله، لم تعرف جهودا كافية للتعريف به وبمشروعه وإسهاماته[15]، ولذلك أقدم هنا بعض الاقتراحات الجنينية والأفكار من أجل التطوير والتفعيل كل من موقع مسؤوليته:
أ- الحركة الإسلامية المغربية:أبدأ بها لأنها ضمير الشعب المغربي ولأنه أحد منظريها وبناتها، وأشد منتقديها من الداخل بمنهج علمي صارم، ولعل كتبه الأربعة: الفجور السياسي والبيان الدعوي والأخطاء الستة والفطرية، من أهم ما ألف في نقد العمل الإسلامي بالمغرب وليس في نقضه[16]. لذلك اقترح ما يلي:
* الحركة الإسلامية المغربية اليوم بكل فصائلها مدعوة إلى قراءة المشروع الفكري للأنصاري وخاصة الكتب الأربعة، بمنهج المعالجة لا المحاججة.
* عقد مؤتمر سنوي قار للحوار الهادئ الهادف والنقد البناء لمكونات الصحوة الإسلامية،
* تخصيص جائزة سنوية تحت مسمى جائزة فريد الأنصاري لنقد العمل الإسلامي بالمغرب.
ب- جامعة المولى إسماعيل: كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس: من باب الوفاء لابن الدار الذي شرفها في المؤتمرات والندوات داخل المغرب وخارجه نقترح ما يلي:
* جعل كتابه المصطلح الأصولي عند الشاطبي مقررا دراسيا لطلبة الإجازة في شعبة الدراسات الإسلامية.
* تدريس رواية من رواياته الثلاث: كشف المجوب، آخر الفرسان، عودة الفرسان، مادة أدبية في شعبة اللغة العربية.
* تسمية مدرج أو قاعة أو مرفق باسمه.
* تخصص شعبة الدراسات الإسلامية جائزة باسم فريد الأنصاري لأحسن بحث علمي في الإجازة.
ج- المجلس العلمي المحلي بمكناس والمجلس العلمي الأعلى:
لا شك أن المتتبع لحالة وعطاء المجلس العلمي المحلي لمكناس، قبل وبعد الفقيد سيجد الفرق شاسعا، فمن حالة الخمول والركود والجمود التي كان عليه المجلس قبل رئاسة فريد الأنصاري، إلى حالة من الفعالية والمبادرة والإنجاز والتواصل والانفتاح، وتنوع الأنشطة وآليات الإشغال، واستيعاب جميع فئات المجتمع، يمكن أن نسمي هذه المرحلة بالعصر الذهبي للمجلس العلمي،لكن بعد وفاة الفقيد رحمه الله كأن المجلس عاد إلى ما كان عليه قبل، ومن باب الوفاء لروح الفقيد نقدم ما يلي:
* إعطاء نفس جديد لكل الأنشطة والفعاليات التي أطلق شرارتها الفقيد بزخم وعنفوان، من قبيل: الأيام التواصلية، ملتقى القرآن الكريم، ملتقى الأسرة… فالملاحظ اليوم هو أن هذه الأنشطة تنعقد بطريقة روتينية باردة.
* إحياء “مجالس القرآن” في المساجد الجامعة.
* تأسيس فضاء معرفي لمدارسة وتطوير مشروع الفطرية وبعثة التجديد المقبلة.
* إطلاق مسابقة سنوية في الدراسات القرآنية باسم فريد الأنصاري.
د- مؤسسة مبدع: مؤسسة البحوث والدراسات المصطلحية
إذا كان فريد الأنصاري رحمه الله أحد مؤسسي “مبدع” وأحد رواد علم المصطلح بالعالم الإسلامي، فلاشك بإن المنتج العلمي والفكري والتربوي والشرعي و.. تميز بنحت مصطلحات خاصة به وإبداع مفاهيم جديدة وضعا واستعمالا، لذا نقترح:
* إطلاق مشروع علمي أكاديمي ينسجم ورسالتها وتخصصه “معجم مصطلحات العلامة فريد الأنصاري”.
* رصد منح للطلبة الباحثين للبحث في المصطلح التربوي عند الأنصاري، والمصطلح الدعوي، والمصطلح الفكري وهكذا…
هـ- طلبته وتلامذته:
سواء الذين درسوا على يديه أو الذين تتلمذوا على كتبه وأشرطته، فإن عليهم المسؤولية الكبرى في التعريف بالشيخ وبمنهجه وتراثه، وتتميم مشاريعه التي أطلقها، سواء تعلق الأمر بمجالس القرآن، أو المجلة، أو الموقع والمنتدى…
ولكن الأمر الذي يجب أن تنكب عليه جهود الطلبة والتلاميذ وكل المحبين للشيخ، هو تحويل مشروع “العالمية“[17] من الورق إلى تشيد مؤسسة علمية أكاديمية تربوية على الأرض -بناية وإدارة وطلبة وميزانية وبرنامج وقوانين…- تخرج العلماء الربانيين والدعة العاملين.
هذا بعض الوفاء وليس كل الوفاء للعالم العامل، والشيخ المربي، والمجاهد الرباني، والداعية الحكيم، والأديب الأريب، والشاعر المرهف، والعبقري المتواضع، والخطيب المفوه، المتفرد المجدد، الذي شهدت جنازته على مكانته ومنزلته في الدنيا، وشهدت كلماته التي ختم بها حياته على منزلته في الآخرة، حيث كان يكابد قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،قال الفقيد في قسم الهدى المنهاجي:
– الرسالة السادسة: في أن الإتباع للرسول هو شرط القبول، وأن الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هي شرط الوصول!
–الرسالة السابعة: في أن المحبة هي غاية الربانية، وتاج معراجها، والمقصود منه الفوز بمحبة العبد لله، والدخول تحت ردائها وجمالها! (قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب-بكسر الحاء- إنما الشأن أن تحب-بفتح الحاء-)![18]
وفي مسلك التخلق قال: وهو ههنا في بيان كيفية التحقق بمقام المحبة، الذي هو طريق الربانية ومسلكها القريب!
كان هذا آخر كلامه، رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته.
والحمد لله رب العالمين.
[1]– صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل، عبد الفتاح أبو غدة (ص:17).
–[2] وقد كتب مقالة حوله هذا المستشفى تحت عنوان: “مستشفى موصول بالسماء”، أودع فيها اشراقات ومواجيد عند دخوله لهذ المسشفى، ومن ضمن ما قال رحمه الله: “عم، هو مستشفى.. لكنه ليس كسائر المستشفيات، إن المريض إذ يتلقى العلاج يشعر بلمسات يد الطبيب تبث في جسمه شعورا بالسعادة الغامرة والراحة الشاملة، فتتواصل القلوب بين الطبيب والمريض بلغة غير قابلة للكتابة والتوصيف! إنها لغة الإخلاص! هذه اللغة التي لا يتقنها إلا من تعلم بمدارس الروح، وأَدْلَج بناشئة الليل الساجي، ورتَّل بوجدانه الجريح أحزانَ المستضعفين ترتيلا! ملحق مجلة حراء عدد خاص حول الفقيد،
قلت: وما قاله الاستاذ شعرنا به وأحسسنا به لما زرنا هذا المستشفى..
[3]– أكثر من عشرين مؤلفا في مجالات متنوعة،.
[4]– وهو عبارة عن أشرطة سمعية، وسمعية بصرية وهي بالمآت، وقد بادر مجموعة من الشباب إلى تفريغها، ولكن المشروع لما يكتمل بعد.
[5]– ملحق مجلة حراء خاص حول الفقيد.
[6]– نجد مثلا: كتاب جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح، والمقالات التالية: مفهوم الجمالية بين الفكر الاسلامي والفلسفة الغربية، مفهوم الجمالية في الاسلام من الترتيل إلى التشكيل، العقيدة الإسلامية بين جمال القرآن وتقسيمات علم الكلام، جمالية التفكر الإيماني، جمالية التعريف القرآني بالله، روعة الانتساب التعبدي، هذه الروح الجمالية تجدها مبثوثة كتب ومحاضراته.
[7]–“جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح” للشيخ فريد بن الحسن الأنصاري.
[8]– جريدة المحجة عدد مزدوج خاص حول الدكتور الأنصاري فريد عدد:330-331، يناير 2010.
[9]– للتفصيل يرجع إلى بلاغ الرسالة القرآنية، ومجالس القرآن الجزء الأول.
[10]– (الأحزاب:39).
[11]– مجالس القرآن (المدخل) فريد الأنصاري (ص:3).
[13]– مجالس القرآن الجزء الثالث (ص:25).
[14]– تفسير الجلالين: من تأليف جلال الدين المحلَّى الذي بدأ من سورة الكهف إلى الناس والفاتحة، وجلال الدين السيوطي الذي أتمه من البقرة إلى الإسراء.
[15]– إذا استثنينا مجلة حراء فقد قامت مشكورة بإصدار عدد خاص عن الفقيد، وطباعة كتاب “رجال ولا كاي رجال السنة الفارطة 2013 عبر حفل متميز بإسطنبول، كذلك بعض المبادرات الطيبة ولكنها لا تعكس المكانة العظيمة لهذا الرجل.
[16]– الأخطاء الستة للحركة الاسلامية بالمغرب فريد الأنصاري (ص:5).
[17]– مفهوم العالمية من الكتاب إلى الربانية فريد الأنصاري.
[18]– مجالس القرآن الجزء الثالث (ص:741).