«موت الذبانة فالبطانة»..
نجاة حمص
هوية بريس – الأربعاء 10 دجنبر 2014
لعل ما تسمى انجازات بالمغرب من كثرة الهم تسبب: “الضحك”، لاسيما حينما يتسابق المسئولون إلى الميكروفونات وعدسات الكاميرات، فرحين بإنجازاتهم الخارقة، يمسكون أنفسهم بالكاد، يبتلعون ريقهم بأصوات مسموعة، تتقافز الضحكات من عيونهم ولولا الملامة لأطلق كل منهم “زغرودة” تبشر بالعام الزين، ولبادروا في الختام إلى إرسال تحياتهم إلى أقربائهم في الموزمبيق وتاهيتي والكوت ديفوار..
ففي ظل الفيضانات وانهيار المساكن والبنايات، وانقطاع المسالك والطرقات، عمد المسئولون إلى وضع الرقم الأخضر ولكن بالموازاة مع ذلك تم قطع ” الريزو” والكهرباء..
يتنقل أصحاب السيادة والفخامة، بالهيلوكوبتر ويخطبون في الناس أن قلوبنا معكم ونحن نشعر بمعاناتكم، ولو صدقوا حقا لقادوا سياراتهم إلى الأماكن المنكوبة، لخاضوا في الوحل والماء، ليفهموا معنى معاناة..
ومن اجل اغاثة المنكوبين وقليلي الزهر “كلشي تيدعي بالشتا والصكَع تطيح عليه”، تم قطع الماء كسائل حيوي، ورفع أسعار الخضر وما جاورها، كما تم تبشير المواطنين المنهكين، بالزيادة المرتقبة في ثمن أنابيب الغاز.. في خطوة تضامنية لا يعرف بحقها إلا أصحاب العلوم والنشاط العلمي و”الأرنبات وداكشي.. تيعجبني”!!
في دول تحترم مواطنيها، كان ما حصل في المغرب، ليسبب جملة إقالات وتسريحات، كان ليتسبب في حداد على أرواح ولاد الشعب الذين قضوا، ونشرات إخبارية وتغطية ميدانية لتلك الكوارث التي ضربت “البلاد”.. لكن وبما أننا في قاموسهم مجرد ذباب، موته وحياته سيان، بل حياته تحتاج إلى شهادة إدارية تثبت انه مازال يتنفس، رغم كل الجهود التي بذلت من اجل كتم نفسه وسلب روحه.. لكن ما حصل عندنا غير كل ما هو متعارف عليه..
فموت العشرات لم يستطع النيل من “نشاط” قنوات صرفنا الصحي، ولا من خفة دم إشهاراتنا. ولا من مواظبة نوابنا البرلمانيين، الذين يساقون إلى قبة البرلمان سوقا، وكأنما يساقون إلى واجب ثقيل مرير، لذلك يحاول المساكين خلق أجواء الفرفشة والضحك للتخفيف من العذاب الذي يواجهونه من أجلنا.. “يا عيني”.
موت بني هبشون، لم يسبب أي طوارئ، مازال كل في منصبه، متشبث بكرسيه بيديه وأسنانه، بعدما حلف أغلظ الإيمان على “خدمة الشعب”، خدمة محترفين..
تم تقديم مساعدات عينية للتعساء، لكنها لم تكن كتلك التي يتم إرسالها إلى الدول “الهاي كلاس” حينما يضربها زلزال او طوفان، قدم للمساكين ما يستحقونه في نظر دولتهم، رموا لهم بلقيمات ولكن نسوا أن يعطوهم خياما تؤويهم، وحينما أقول خياما، فأعني بها كتلك التي يتم التبرع بها للـ”براني”.. رموا لهم ما يستطيعون اخذ صورة بجانبه اليوم، لكن ماذا عن غد وبعد غد؟
ماذا سيحدث لبني شعبون، حينما تنتهي جلسات التصوير وينقضي “شوفوني وأنا تندير الخير”، آلاف خسروا أثاثهم وبيوتهم، آلاف خسروا مصادر رزقهم، والكثيرون خسروا أرواحهم.. ماذا سيفعلون بملعقة الزيت تلك وقرصة السكر وكمشة الدقيق؟
كنا نأمل بلجنة كوارث تتكفل بالمنكوبين، لكن الوطن كان أكثر حكمة، فقد نظم لجنة تحكيم لمهرجان مراكش، ولجنة تناقش تطور حقوق المثليين.. و”كية” اللي جات فيه.
رحم الله ضحايانا..